الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصوم في السّفر وغيره
.
الحديث الثامن
189 -
عن عائشة رضي الله عنها ، أنّ حمزة بن عمرٍو الأسلميّ ، قال للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السّفر؟ - وكان كثير الصّيام - فقال: إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر. (1)
قوله: (أنّ حمزة بن عمرو الأسلميّ) هكذا رواه الحفّاظ عن هشامٍ، وقال عبد الرّحيم بن سليمان عند النّسائيّ ، والدّراورديّ عند الطّبرانيّ ، ويحيى بن عبد الله بن سالمٍ عند الدّارقطنيّ ثلاثتهم: عن هشام عن أبيه عن عائشة عن حمزة بن عمرو. جعلوه من مسند حمزة ، والمحفوظ أنّه من مسند عائشة.
ويحتمل: أن يكون هؤلاء لَم يقصدوا بقولهم " عن حمزة " الرّواية عنه ، وإنّما أرادوا الإخبار عن حكايته ، فالتّقدير عن عائشة عن قصّة حمزة ، أنّه سأل.
لكن قد صحّ مجيء الحديث من رواية حمزة، فأخرجه مسلم من طريق أبي الأسود عن عروة عن أبي مراوح عن حمزة، وكذلك رواه محمّد بن إبراهيم التّيميّ عن عروة ، لكنّه أسقط أبا مراوح ، والصّواب إثباته، وهو محمولٌ على أنّ لعروة فيه طريقين: سمعه من عائشة، وسمعه من أبي مراوح عن حمزة.
(1) أخرجه البخاري (1941) ومسلم (1121) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.
قوله: (أأصوم في السّفر إلخ) قال ابن دقيق العيد: ليس فيه تصريح بأنّه صوم رمضان فلا يكون فيه حجّة على من منع صيام رمضان في السّفر.
قلت: وهو كما قال بالنّسبة إلى سياق حديث الباب، لكن في رواية أبي مراوح التي ذكرتها عند مسلم ، أنّه قال: يا رسولَ الله أجد بي قوّةً على الصّيام في السّفر. فهل عليّ جناحٌ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسنٌ، ومن أحبّ أن يصوم فلا جناح عليه. وهذا يشعر بأنّه سأل عن صيام الفريضة، وذلك أنّ الرّخصة إنّما تطلق في مقابلة ما هو واجب.
وأصرح من ذلك. ما أخرجه أبو داود والحاكم من طريق محمّد بن حمزة بن عمرو عن أبيه أنّه قال: يا رسولَ الله إنّي صاحب ظهرٍ أعالجه. أسافر عليه وأكريه، وأنّه ربّما صادفني هذا الشّهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوّة، وأجدني أن أصوم أهون عليّ من أن أوخّره فيكون ديناً عليّ، فقال: أيّ ذلك شئت يا حمزة (1).
قوله: (وكان كثير الصوم) في رواية لهما " أسرد الصّوم " أي: أتابعه. واستدل به على أن لا كراهية في صيام الدّهر، ولا دلالة فيه لأنّ التّتابع يصدق بدون صوم الدّهر، فإن ثبت النّهي عن صوم الدّهر لَم يعارضه هذا الإذن بالسّرد، بل الجمع بينهما واضحٌ.
(1) سيأتي إن شاء الله في شرح حديث جابر رقم (192) كلامُ أهل العلم في حكم الصوم في السفر.