المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المواقيت ‌ ‌الحديث الأول 216 - عن عبد الله بن عبّاسٍ رضي - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٤

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌كتاب الصيام

- ‌(باب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب الصوم في السّفر وغيره

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌باب ليلة القدر

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كتاب الحجّ

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يلبس المُحرم من الثياب

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الفدية

- ‌الحديث السابع

- ‌باب حرمة مكة

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب ما يجوز قتله

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب دخول مكة وغيره

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب التّمتّع

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب الهدي

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌باب الغسل للمحرم

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌باب فسخ الحجّ إلى العمرة

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب المُحرم يأكل من صيد الحلال

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

الفصل: ‌ ‌باب المواقيت ‌ ‌الحديث الأول 216 - عن عبد الله بن عبّاسٍ رضي

‌باب المواقيت

‌الحديث الأول

216 -

عن عبد الله بن عبّاسٍ رضي الله عنه ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشّام الجحفة ، ولأهل نجدٍ قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، هنّ لهم ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ، ممّن أراد الحجّ أو العمرة. ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ، حتّى أهل مكّة من مكّة. (1)

قوله: (وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: حدّد، وأصل التّوقيت أن يجعل للشّيء وقت يختصّ به ، ثمّ اتّسع فيه فأطلق على المكان أيضاً.

قال ابن الأثير: التّوقيت والتّأقيت أن يُجعل للشّيء وقت يختصّ به وهو بيان مقدار المدّة ، يقال: وقّت الشّيء بالتّشديد يوقّته ووقَت بالتّخفيف يقته إذا بيّن مدّته، ثمّ اتّسع فيه فقيل للموضع ميقات.

وقال ابن دقيق العيد: قيل: إنّ التّوقيت في اللّغة التّحديد والتّعيين، فعلى هذا فالتّحديد من لوازم الوقت.

وقوله هنا " وقّت " يحتمل: أن يريد به التّحديد. أي: حدّ هذه المواضع للإحرام، ويحتمل: أن يريد به تعليق الإحرام بوقت

(1) أخرجه البخاري (1452 ، 1457 ، 1748) ومسلم (1181) من طريق وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس.

وأخرجه البخاري (1454 ، 1456) ومسلم (1181) من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس به.

ص: 353

الوصول إلى هذه الأماكن بالشّرط المعتبر.

وقال عياض: وقّت. أي: حدّد، وقد يكون بمعنى أوجب. ومنه قوله تعالى (إنّ الصّلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً). انتهى.

ويؤيّده الرّواية الآتية بلفظ " فرض ".

قوله: (لأهل المدينة) أي: مدينته عليه الصلاة والسلام.

قوله: (ذا الحليفة) بالمهملة والفاء مصغّراً. مكان معروف بينه وبين مكّة مائتا ميل غير ميلين. قاله ابن حزم، وقال غيره: بينهما عشر مراحل.

وقال النّوويّ: بينها وبين المدينة ستّة أميال، ووهم مَن قال بينهما ميل واحد ، وهو ابن الصّبّاغ. وبها مسجد يعرف بمسجد الشّجرة خراب، وبها بئر يقال لَها بئر عليّ (1).

قوله: (الجحفة) بضمّ الجيم وسكون المهملة، وهي قرية خربة بينها وبين مكّة خمس مراحل أو ستّة.

وفي قول النّوويّ في " شرح المهذّب " ثلاث مراحل نظرٌ.

(1) قال ابن تيمية في الفتاوى: وفيها بئر تُسمّيها جهال العامة " بئر علي " لظنهم أنَّ علياً قاتل الجن بها وهو كذب. فإن الجنَّ لَم يقاتِلهم أحدٌ من الصحابة ، وعليٌ أرفع قدراً من أن يثبت الجنُّ لقتاله ، ولا فضيلة لهذا البئر ولا مذمة ، ولا يُستحب أن يرمي بها حجراً ولا غيره.

وقال في موضع آخر: والحديث المروي في قتاله للجن موضوع مكذوب باتفاق أهل المعرفة. انتهى

ص: 354

وسيأتي في حديث ابن عمر أنّها مهيعة (1) بوزن علقمة ، وقيل: بوزن لطيفة، وسمّيت الجحفة ، لأنّ السّيل أجحف بها.

قال ابن الكلبيّ: كان العماليق يسكنون يثرب، فوقع بينهم وبين بني عبيل - بفتح المهملة وكسر الموحّدة وهم إخوة عاد - حرب فأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة. فجاء سيل فاجتحفهم. أي: استأصلهم فسمّيت الجحفة.

ووقع في حديث عائشة عند النّسائيّ " ولأهل الشّام ومصر الجحفة " والمكان الذي يحرم منه المصريّون الآن رابغ. بوزن فاعل براءٍ وموحّدة وغين معجمة قريب من الجحفة، واختصّت الجحفة بالحمّى فلا ينزلها أحدٌ إلَاّ حُمّ.

قوله: (ولأهل نجد قرن المنازل) أمّا نجد فهو كلّ مكان مرتفع وهو اسم لعشرة مواضع، والمراد منها هنا التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها الشّام والعراق.

والمنازل بلفظ جمع المنزل، والمركب الإضافيّ هو اسم المكان. ويقال له: قرن أيضاً بلا إضافة، وهو بفتح القاف وسكون الرّاء بعدها نون.

وضبطه صاحب " الصّحاح " بفتح الرّاء. وغلّطوه، وبالغ النّوويّ. فحكى الاتّفاق على تخطئته في ذلك، لكن حكى عياض تعليق القابسيّ. أنّ مَن قاله بالإسكان أراد الجبل ، ومَن قاله بالفتح

(1) انظر الحديث الآتي. وهذه الرواية ليست في العمدة ، وإنما في رواية البخاري كما سيأتي.

ص: 355

أراد الطّريق، والجبل المذكور بينه وبين مكّة من جهة المشرق مرحلتان.

وحكى الرّويانيّ عن بعض قدماء الشّافعيّة ، أنّ المكان الذي يقال له قرن موضعان:

أحدهما: في هبوط ، وهو الذي يقال له قرن المنازل.

والآخر: في صعود ، وهو الذي يقال له قرن الثّعالب. والمعروف الأوّل.

وفي " أخبار مكّة " للفاكهيّ ، أنّ قرن الثّعالب جبل مشرف على أسفل منًى بينه وبين مسجد منًى ألف وخمسمائة ذراع، وقيل له: قرن الثّعالب ، لكثرة ما كان يأوي إليه من الثّعالب.

فظهر أنّ قرن الثّعالب ليس من المواقيت.

وقد وقع ذكره في حديث عائشة في إتيان النّبيّ صلى الله عليه وسلم الطّائف يدعوهم إلى الإسلام وردّهم عليه قال " فلم أستفق إلَاّ وأنا بقرن الثّعالب " الحديث ذكره ابن إسحاق في " السّيرة النّبويّة ".

ووقع في مرسل عطاء عند الشّافعيّ " ولأهل نجد قرن، ولمن سلك نجداً من أهل اليمن وغيرهم قرن المنازل ".

ووقع في عبارة القاضي حسين في سياقه لحديث ابن عبّاس هذا " ولأهل نجد اليمن ونجد الحجاز قرن ".

وهذا لا يوجد في شيء من طرق حديث ابن عبّاس، وإنّما يوجد ذلك من مرسل عطاء، وهو المعتمد ، فإنّ لأهل اليمن إذا قصدوا

ص: 356

مكّة طريقين:

إحداهما: طريق أهل الجبال ، وهم يصلون إلى قرن أو يحاذونه ، فهو ميقاتهم كما هو ميقات أهل المشرق.

والأخرى: طريق أهل تهامة ، فيمرّون بيلملم أو يحاذونه ، وهو ميقاتهم لا يشاركهم فيه إلَاّ من أتى عليه من غيرهم.

قوله: (ولأهل اليمن يلملم) بفتح التّحتانيّة واللام وسكون الميم وبعدها لام مفتوحة ثمّ ميم ، مكان على مرحلتين من مكّة ، بينهما ثلاثون ميلاً ، ويقال لها. ألَمْلَم بالهمزة ، وهو الأصل والياء تسهيل لها، وحكى ابن السّيّد فيه. يرمرم براءين بدل اللامين.

تنبيه: أبعد المواقيت من مكّة ذو الحليفة ميقات أهل المدينة.

فقيل: الحكمة في ذلك أن تعظم أجور أهل المدينة.

وقيل: رفقاً بأهل الآفاق ، لأنّ أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكّة ، أي: ممّن له ميقات معيّن.

قوله: (هُنَّ لهنّ) في رواية لهما " هنَّ لهم " أي: المواقيت المذكورة لأهل البلاد المذكورة. وقوله " هنّ لهنّ " أي: المواقيت للجماعات المذكورة ، أو لأهلهنّ على حذف المضاف. والأوّل هو الأصل.

وللبخاري بلفظ " هنّ لأهلهنّ " كما شرحته. وقوله " هنّ " ضمير جماعة المؤنّث وأصله لمن يعقل، وقد استعمل فيما لا يعقل ، لكن فيما دون العشرة.

قوله: (ولمن أتى عليهنّ) أي: على المواقيت من غير أهل البلاد

ص: 357

المذكورة، ويدخل في ذلك من دخل بلداً ذات ميقات ومن لَم يدخل.

فالذي لا يدخل. لا إشكال فيه إذا لَم يكن له ميقات معيّن.

والذي يدخل. فيه خلاف كالشّاميّ إذا أراد الحجّ فدخل المدينة ، فميقاته ذو الحليفة لاجتيازه عليها.

ولا يؤخّر حتّى يأتي الجحفة التي هي ميقاته الأصليّ، فإن أخّر أساء ولزمه دم. عند الجمهور.

وأطلق النّوويّ الاتّفاق ، ونفى الخلاف في شرحيه لمسلمٍ والمهذّب في هذه المسألة.

فلعلَّه أراد في مذهب الشّافعيّ ، وإلَّا فالمعروف عند المالكيّة. أنّ للشّاميّ مثلاً إذا جاوز ذا الحليفة بغير إحرام إلى ميقاته الأصليّ ، وهو الجحفة ، جاز له ذلك ، وإن كان الأفضل خلافه ، وبه قال الحنفيّة وأبو ثور وابن المنذر من الشّافعيّة.

قال ابن دقيق العيد: قوله " ولأهل الشّام الجحفة ": يشمل من مرّ من أهل الشّام بذي الحليفة ومن لَم يمرّ، وقوله " ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ " يشمل الشّاميّ إذا مرّ بذي الحليفة وغيره، فهنا عمومان قد تعارضا. انتهى ملخّصاً.

ويحصل الانفكاك عنه بأنّ قوله " هنّ لهنّ " مفسّر لقوله مثلاً وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، وأنّ المراد بأهل المدينة ساكنوها ومن سلك طريق سفرهم فمرّ على ميقاتهم.

ويؤيّده. عراقيّ خرج من المدينة فليس له مجاوزة ميقات المدينة غير

ص: 358

محرم، ويترجّح بهذا قول الجمهور. وينتفي التّعارض.

قوله: (ممّن أراد الحجّ والعمرة) فيه دلالة على جواز دخول مكّة بغير إحرام، وحاصله أنّه خصّ الإحرام بمن أراد الحجّ والعمرة. فمفهومه أنّ المتردّد إلى مكّة لغير قصد الحجّ والعمرة لا يلزمه الإحرام.

وقد اختلف العلماء في هذا.

فالمشهور من مذهب الشّافعيّ عدم الوجوب مطلقاً.

وفي قول. يجب مطلقاً.

وفيمن يتكرّر دخوله خلافٌ ، مرتّب وأولى بعدم الوجوب.

والمشهور عن الأئمّة الثّلاثة الوجوب، وفي رواية عن كلّ منهم لا يجب، وهو قول ابن عمر والزّهريّ والحسن وأهل الظّاهر.

وجزم الحنابلة باستثناء ذوي الحاجات المتكرّرة.

واستثنى الحنفيّة من كان داخل الميقات.

وزعم ابن عبد البرّ ، أنّ أكثر الصّحابة والتّابعين على القول بالوجوب (1).

قوله: (ومن كان دون ذلك) أي: بين الميقات ومكّة.

قوله: (فمن حيث أنشأ) أي: فميقاته من حيث أنشأ الإحرام. إذ السّفر من مكانه إلى مكّة وهذا متّفق عليه إلَاّ ما رُوي عن مجاهد أنّه قال: ميقات هؤلاء نفس مكّة.

(1) سيأتي إن شاء الله مزيد بسطٍ عن هذه المسألة في شرح حديث أنس الآتي رقم (226)

ص: 359

واستدلَّ به ابن حزم على أنّ من ليس له ميقات فميقاته من حيث شاء ، ولا دلالة فيه ، لأنّه يختصّ بمن كان دون الميقات. أي: إلى جهة مكّة.

ويؤخذ منه أنّ من سافر غير قاصد للنّسك فجاوز الميقات ، ثمّ بدا له بعد ذلك النّسك ، أنّه يُحرم من حيث تجدّد له القصد ، ولا يجب عليه الرّجوع إلى الميقات لقوله " فمن حيث أنشأ ".

قوله: (حتّى أهل مكّة) يجوز فيه الرّفع والكسر.

قوله: (من مكّة) أي: لا يحتاجون إلى الخروج إلى الميقات للإحرام منه ، بل يحرمون من مكّة كالآفاقيّ الذي بين الميقات ومكّة ، فإنّه يحرم من مكانه ، ولا يحتاج إلى الرّجوع إلى الميقات ليحرم منه، وهذا خاصّ بالحاجّ.

واختلف في أفضل الأماكن التي يُحرم منها.

القول الأول: في قول للشّافعيّ من المسجد.

القول الثاني: قال مالك وأحمد وإسحاق: يهلّ من جوف مكّة ، ولا يخرج إلى الحل إلَاّ محرماً.

وأمّا المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحلّ كما سيأتي بيانه (1).

قال المحبّ الطّبريّ: لا أعلم أحداً جعل مكّة ميقاتاً للعمرة، فتعيّن حمله على القارن.

واختلف في القارن.

(1) انظر حديث عائشة الآتي برقم (244)

ص: 360

القول الأول: ذهب الجمهور إلى أنّ حكمه حكم الحاجّ في الإهلال من مكّة.

القول الثاني: قال ابن الماجشون: يجب عليه الخروج إلى أدنى الحلّ، ووجهه أنّ العمرة إنّما تندرج في الحجّ فيما محلّه واحد كالطّواف والسّعي عند من يقول بذلك، وأمّا الإحرام فمحلّه فيهما مختلف.

وجواب هذا الإشكال: أنّ المقصود من الخروج إلى الحلّ في حقّ المعتمر أن يرد على البيت الحرام من الحلّ فيصحّ كونه وافداً عليه، وهذا يحصل للقارن لخروجه إلى عرفة وهي من الحلّ ورجوعه إلى البيت لطواف الإفاضة فحصل المقصود بذلك أيضاً.

واختلف فيمن جاوز الميقات مريداً للنّسك فلم يُحرم.

القول الأول: قال الجمهور: يأثم ويلزمه دم، فأمّا لزوم الدّم فبدليلٍ غير هذا، وأمّا الإثم فلترك الواجب.

وللبخاري عن ابن عمر بلفظ " فرضها " وسيأتي بلفظ " يهلّ " وهو خبر بمعنى الأمر ، والأمر لا يرِدُ بلفظ الخبر إلَاّ إذا أريد تأكيده، وتأكيد الأمر للوجوب.

وللبخاري بلفظ " من أين تأمرنا أن نهلّ " ولمسلمٍ من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة.

القول الثاني: ذهب عطاء والنّخعيّ إلى عدم الوجوب.

القول الثالث: مقابله قول سعيد بن جبير: لا يصحّ حجّه. وبه قال ابن حزم.

ص: 361

وقال الجمهور: لو رجع إلى الميقات قبل التّلبّس بالنّسك سقط عنه الدّم.

قال أبو حنيفة: بشرط أن يعود ملبّياً، ومالك: بشرط أن لا يبعد، وأحمد: لا يسقط بشيءٍ.

تنْبيه: الأفضل في كلّ ميقات أن يحرم من طرفه الأبعد من مكّة، فلو أحرم من طرفه الأقرب جاز.

تكميل: حكى الأثرم عن أحمد: أنّه سئل في أيّ سنة وقّت النّبيّ صلى الله عليه وسلم المواقيت؟ فقال: عام حجّ. انتهى.

وفي حديث ابن عمر (1) بلفظ " أنّ رجلاً قام في المسجد فقال: يا رسولَ الله من أين تأمرنا أن نهلّ "؟.

(1) هذه إحدى روايات حديث ابن عمر الآتي ، وهي في صحيح البخاري (133) وستأتي إن شاء الله.

ص: 362