الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث العاشر
191 -
عن أبي الدّرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان. في حرٍّ شديدٍ ، حتّى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدّة الحرّ. وما فينا صائمٌ إلَاّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. (1)
قوله: (عن أبي الدّرداء رضي الله عنه) الأنصاري. اسمه عويمر. (2)
قوله: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حرٍّ شديدٍ) كذا لمسلم ، وللبخاري " في بعض أسفاره " وبهذا يتمّ الرّدّ على أبي محمّد بن حزمٍ في زعمه. أنّ حديث أبي الدّرداء هذا لا حجّة فيه.
(1) أخرجه البخاري (1843) ومسلم (1122) من طريق إسماعيل بن عبيد الله ، ومسلم (1122) من طريق عثمان بن حيان كلاهما عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
(2)
مشهور بكنيته وباسمه جميعا. واختلف في اسمه، فقيل هو عامر، وعويمر لقب، حكاه عمرو بن الفلاس عن بعض ولده، وبه جزم الأصمعي في رواية الكديمي عنه.
واختلف في اسم أبيه، فقيل: عامر، أو مالك، أو ثعلبة، أو عبد اللَّه، أو زيد، وأبوه ابن قيس بن أمية بن الخزرج الأنصاري الخزرجي.
قال أبو شهر، عن سعيد بن عبد العزيز: أسلم يوم بدر، وشهد أُحداً وأبلى فيها.
قال صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أحد: نعم الفارس عويمر، وقال: هو حكيم أمّتي.
وقال الأعمش، عن خيثمة، عنه: كنت تاجراً قبل البعث، ثم حاولت التجارة بعد الإسلام فلم يجتمعا. وقال ابن حبّان: ولَاّه معاوية قضاء دمشق في خلافة عمر.
قال أبو شهر، عن سعيد بن عبد العزيز: مات أبو الدرداء وكعب الأحبار لسنتين بقيتا من خلافة عثمان. وقال الواقدي وجماعة: مات سنة 32. وقال ابن عبد البر: إنه مات بعد صفّين. والأصحُّ عند أصحاب الحديث أنه مات في خلافة عثمان. قاله في الإصابة.
لاحتمال أن يكون ذلك الصّوم تطوّعاً.
وقد كنت ظننت أنّ هذه السّفرة غزوة الفتح لَمّا رأيت في " الموطّأ " من طريق أبي بكر بن عبد الرّحمن عن رجل من الصّحابة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج في الحرّ وهو يصبّ على رأسه الماء - وهو صائم - من العطش ومن الحرّ، فلمّا بلغ الكديد أفطر.
فإنّه يدلّ على أنّ غزاة الفتح كانت في أيّام شدّة الحرّ.
وقد اتّفقت الرّوايتان على أنّ كلاً من السّفرتين كان في رمضان.
لكنّني رجعت عن ذلك ، وعرفت أنّه ليس بصوابٍ ، لأنّ عبد الله بن رواحة استشهد بمؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف. وإن كانتا جميعاً في سنةٍ واحدةٍ، وقد استثناه أبو الدّرداء في هذه السّفرة مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فصحّ أنّها كانت سفرةً أخرى.
وأيضاً فإنّ في سياق أحاديث غزوة الفتح أنّ الذين استمرّوا من الصّحابة صياماً كانوا جماعةً، وفي هذا أنّه عبد الله بن رواحة وحده.
وأخرج التّرمذيّ من حديث عمر: غزونا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في رمضان يوم بدر ويوم الفتح. الحديث.
ولا يصحّ حمله أيضاً على بدر ،لأنّ أبا الدّرداء لَم يكن حينئذٍ أسلم.
قوله: (وعبد الله بن رواحة) أي ابن ثعلب بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي أحد شعراء النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار ، وأحد النقباء بالعقبة ، وأحد البدريين.
وفي الحديث دليلٌ على أن لا كراهية في الصّوم في السّفر لمن قوي
عليه ولَم يصبه منه مشقّةٌ شديدةٌ.
وفيه إفطار أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم في رمضان في السّفر بمحضرٍ منه، ولَم ينكر عليهم فدلَّ على الجواز، وعلى ردّ قول مَن قال: من سافر في شهر رمضان امتنع عليه الفطر.