الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي عشر
192 -
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ. فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلِّل عليه ، فقال: ما هذا؟ قالوا: صائمٌ. قال: ليس من البرّ الصّيام في السّفر. (1)
وفي لفظٍ لمسلمٍ: عليكم برخصة الله التي رخّص لكم (2).
قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر) تبيّن من رواية جعفر بن محمّد عن أبيه عن جابر عند مسلم ، أنّها غزوة الفتح، ولابن خزيمة من طريق حمّاد بن سلمة عن أبي الزّبير عن جابر " سافرنا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في رمضان " فذكر نحوه.
قوله: (ورجلاً قد ظُلِّل عليه) في رواية حمّاد المذكورة " فشقّ على رجل الصّوم. فجعلت راحلته تهيم به تحت الشّجرة، فأخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك فأمره أن يفطر " الحديث
ولَم أقف على اسم هذا الرّجل، ولولا ما قدّمته من أنّ عبد الله بن رواحة استشهد قبل غزوة الفتح لأمكن أن يفسّر به. لقول أبي الدّرداء: إنّه لَم يكن من الصّحابة في تلك السّفرة صائماً غيره.
(1) أخرجه البخاري (1844) ومسلم (1115) من طريق شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد عن محمد بن عمرو بن الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(2)
أخرجه مسلم (1115) بالسند المتقدّم. ثم قال: حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، بهذا الإسناد نحوه، وزاد: قال شعبة: وكان يبلغني عن يحيى بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث، وفي هذا الإسناد أنه قال: عليكم برخصة الله الذي رخَّص لكم ، قال: فلمَّا سألته، لم يحفظه. وسيتكلم عليه الشارح رحمه الله.
وزعم مغلطاي: أنّه أبو إسرائيل. وعزا ذلك لمبهمات الخطيب، ولَم يقل الخطيب ذلك في هذه القصّة. وإنّما أورد حديث مالك عن حميد بن قيس وغيره ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قائماً في الشّمس. فقالوا: نذر أن لا يستظل ، ولا يتكلم ، ولا يجلس ويصوم " الحديث.
ثمّ قال: هذا الرّجل هو أبو إسرائيل القرشيّ العامريّ، ثمّ ساق بإسناده إلى أيّوب عن عكرمة عن ابن عبّاس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فنظر إلى رجلٍ من قريش يقال له أبو إسرائيل ، فقالوا: نذر أن يصوم ويقوم في الشّمس. الحديث. فلم يزد الخطيب على هذا.
وبين القصّتين مغايرات ظاهرةٌ ، أظهرها أنّه كان في الحضر في المسجد. وصاحب القصّة في حديث جابر كان في السّفر تحت ظلال الشّجر. والله أعلم.
وفي الحديث استحباب التّمسّك بالرّخصة عند الحاجة إليها، وكراهة تركها على وجه التّشديد والتّنطّع.
قوله: (ليس من البرّ الصّيام في السّفر) سبب قوله صلى الله عليه وسلم " ليس من البرّ الصّيام في السّفر " ما ذكره من المشقّة، وأنّ من روى الحديث مجرّداً فقد اختصر القصّة، وبما أشار إليه من اعتبار شدّة المشقّة يجمع بين حديث الباب والذي قبله.
فالحاصل: أنّ الصّوم لمن قوي عليه أفضل من الفطر، والفطر لمن شقّ عليه الصّوم أو أعرض عن قبول الرّخصة أفضل من الصّوم،
وأنّ من لَم يتحقّق المشقّة يخيّر بين الصّوم والفطر.
وقد اختلف السّلف في هذه المسألة:
القول الأول: قالت طائفة: لا يجزئ الصّوم في السّفر عن الفرض، بل من صام في السّفر وجب عليه قضاؤه في الحضر لظاهر قوله تعالى (فعدّةٌ من أيّامٍ أخر) ولقوله صلى الله عليه وسلم " ليس من البرّ الصّيام في السّفر " ومقابلة البرّ الإثم، وإذا كان آثماً بصومه لَم يجزئه.
وهذا قول بعض أهل الظّاهر، وحكي عن عمر وابن عمر وأبي هريرة والزّهريّ وإبراهيم النّخعيّ وغيرهم.
واحتجّوا بقوله تعالى (فمن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدّةٌ من أيّامٍ أخر) قالوا ظاهره فعليه عدّةٌ أو فالواجب عدّة.
وتأوّله الجمهور: بأنّ التّقدير فأفطر فعدّة.
القول الثاني: مقابل هذا القول. قول مَن قال: إنّ الصّوم في السّفر لا يجوز إلَاّ لمن خاف على نفسه الهلاك. أو المشقّة الشّديدة.
حكاه الطّبريّ عن قوم.
القول الثالث: ذهب أكثر العلماء. ومنهم مالك والشّافعيّ وأبو حنيفة إلى أنّ الصّوم أفضل لمن قوي عليه ، ولَم يشقّ عليه.
وقال كثيرٌ منهم (1): الفطر أفضل عملاً بالرّخصة. وهو قول الأوزاعيّ وأحمد وإسحاق.
وقال آخرون: هو مخيّر مطلقاً.
(1) أي: أصحاب. القول الثالث.
وقال آخرون: أفضلهما أيسرهما لقوله تعالى (يريد الله بكم اليسر) فإن كان الفطر أيسر عليه فهو أفضل في حقّه، وإن كان الصّيام أيسر كمن يسهل عليه حينئذٍ ويشقّ عليه قضاؤه بعد ذلك فالصّوم في حقّه أفضل. وهو قول عمر بن عبد العزيز واختاره ابن المنذر.
والذي يترجّح قول الجمهور، ولكن قد يكون الفطر أفضل لمن اشتدّ عليه الصّوم وتضرّر به، وكذلك من ظنّ به الإعراض عن قبول الرّخصة كما تقدّم نظيره في المسح على الحفّين، وسيأتي نظيره في تعجيل الإفطار.
وقد روى أحمد من طريق أبي طعمة قال: قال رجلٌ لابن عمر: إنى أقوى على الصّوم في السّفر، فقال له ابن عمر: مَن لَم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة.
وهذا محمولٌ على من رغب عن الرّخصة لقوله صلى الله عليه وسلم: من رغب عن سنّتي فليس منّي. وكذلك من خاف على نفسه العجب أو الرّياء إذا صام في السّفر فقد يكون الفطر أفضل له.
وقد أشار إلى ذلك ابن عمر، فروى الطّبريّ من طريق مجاهد قال: إذا سافرت فلا تصم، فإنّك إن تصم قال أصحابك: اكفوا الصّائم، ارفعوا للصّائم، وقاموا بأمرك، وقالوا فلان صائم، فلا تزال كذلك حتّى يذهب أجرك. ومن طريق مجاهدٍ أيضاً عن جنادة بن أُميَّة عن أبي ذرٍّ نحو ذلك.
وسيأتي من طريق مؤرّق عن أنس نحو هذا مرفوعاً حيث قال صلى الله عليه وسلم -
للمفطرين حيث خدموا الصّيّام: ذهب المفطرون اليوم بالأجر (1).
واحتجّ من منع الصّوم أيضاً: بما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد - وهو ماء بين عسفان وقديد - أفطر وأفطروا، قال الزهري: وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الآخر فالآخر.
وهذه الزّيادة التي في آخره من قول الزّهريّ، وقعت مدرجةً عند مسلم من طريق الليث عن الزّهريّ. ولفظه " حتّى بلغ الكديد أفطر، قال: وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتّبعون الأحدث فالأحدث من أمره ". وأخرجه من طريق سفيان عن الزّهريّ قال مثله، قال سفيان: لا أدري من قول من هو، ثمّ أخرجه من طريق معمرٍ ومن طريق يونس كلاهما عن الزّهريّ.
والصواب: أنّه من قول الزّهريّ، وبذلك جزم البخاريّ، وظاهره أنّ الزّهريّ ذهب إلى أنّ الصّوم في السّفر منسوخ ، وأنّ ذلك كان آخر الأمرين، وأنّ الصّحابة كانوا يأخذون بالآخر فالآخر من فعله.
وتعقّب: أوّلاً. بما تقدّم من أنّ هذه الزّيادة مدرجةٌ من قول الزّهريّ، وبأنّه استند إلى ظاهر الخبر من أنّه صلى الله عليه وسلم أفطر بعد أن صام
(1) سيأتي شرحه إن شاء الله بعد هذا.
ونسب من صام إلى العصيان.
ولا حجّة في شيء من ذلك ، لأنّ مسلماً أخرج من حديث أبي سعيد ، أنّه صلى الله عليه وسلم صام بعد هذه القصّة في السّفر. ولفظه " سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكّة ونحن صيامٌ، فنزلنا منزلاً، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّكم قد دنوتم من عدوّكم. والفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت رخصةً فمنّا من صام ومنّا من أفطر، فنزلنا منزلاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّكم مصبّحو عدوّكم فالفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت عزيمةً فأفطرنا. ثمّ لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السّفر.
وهذا الحديث نصٌّ في المسألة، ومنه يؤخذ الجواب عن نسبته صلى الله عليه وسلم الصّائمين إلى العصيان ، لأنّه عزم عليهم فخالفوا، وهو شاهدٌ لِمَا قلناه من أنّ الفطر أفضل لمن شقّ عليه الصّوم.
ويتأكّد ذلك إذا كان يحتاج إلى الفطر للتّقوّي به على لقاء العدوّ.
وروى الطّبريّ في " تهذيبه " من طريق خيثمة. سألت أنس بن مالك عن الصّوم في السّفر؟ فقال: لقد أمرت غلامي أن يصوم، قال: فقلت له: فأين هذه الآية (فعدّةٌ من أيّامٍ أخر) فقال: إنّها نزلت ونحن نرتحل جياعاً وننزل على غير شبعٍ، وأمّا اليوم فنرتحل شباعاً وننزل على شبعٍ.
فأشار أنس إلى الصِّفة التي يكون فيها الفطر أفضل من الصّوم.
وأمّا الحديث المشهور " الصّائم في السّفر كالمفطر في الحضر " فقد أخرجه ابن ماجه مرفوعاً من حديث ابن عمر بسندٍ ضعيف،
وأخرجه الطّبريّ من طريق أبي سلمة عن عائشة مرفوعاً أيضاً. وفيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف.
ورواه الأثرم من طريق أبي سلمة عن أبيه مرفوعاً ، والمحفوظ عن أبي سلمة عن أبيه موقوفاً. كذلك أخرجه النّسائيّ وابن المنذر، ومع وقفه فهو منقطع ، لأنّ أبا سلمة لَم يسمع من أبيه.
وعلى تقدير صحّته فهو محمول على ما تقدّم أوّلاً حيث يكون الفطر أولى من الصّوم. والله أعلم
وأمّا الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم " ليس من البرّ الصّيام في السّفر " فسلك المجيزون فيه طرقاً:
فقال بعضهم: قد خرج على سبب فيقصر عليه وعلى من كان في مثل حاله، وإلى هذا جنح البخاريّ في ترجمته (1).
ولذا قال الطّبريّ بعد أن ساق نحو حديث الباب من رواية كعب بن عاصم الأشعريّ ، ولفظه: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في حرٍّ شديد، فإذا رجلٌ من القوم قد دخل تحت ظلّ شجرة. وهو مضطجع كضجعة الوجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لصاحبكم، أيّ وجع به؟ فقالوا: ليس به وجعٌ، ولكنّه صائم وقد اشتدّ عليه الحرّ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم حينئذٍ: ليس البرّ أن تصوموا في السّفر، عليكم برخصة الله التي رخّص لكم.
(1) قال البخاري " باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلّل عليه واشتد الحر: ليس من البر الصيام في السفر "
فكان قوله صلى الله عليه وسلم ذلك لمن كان في مثل ذلك الحال.
وقال ابن دقيق العيد: أخذ من هذه القصّة. أنّ كراهة الصّوم في السّفر مختصّة بمن هو في مثل هذه الحالة ممّن يجهده الصّوم ويشقّ عليه ، أو يؤدّي به إلى ترك ما هو أولى من الصّوم من وجوه القرب، فينزّل قوله " ليس من البرّ الصّوم في السّفر " على مثل هذه الحالة.
قال: والمانعون في السّفر يقولون: إنّ اللفظ عامٌّ، والعبرة بعمومه لا بخصوص السّبب.
قال: وينبغي أن يتنبّه للفرق بين دلالة السّبب والسّياق والقرائن على تخصيص العامّ وعلى مراد المتكلم، وبين مجرّد ورود العامّ على سببٍ، فإنّ بين العامَّين فرقاً واضحاً، ومن أجراهما مجرًى واحداً لَم يُصب، فإنّ مجرّد ورود العامّ على سبب لا يقتضي التّخصيص به كنزول آية السّرقة في قصّة سرقة رداء صفوان، وأمّا السّياق والقرائن الدّالة على مراد المتكلم فهي المُرشدة لبيان المجملات وتعيين المحتملات كما في حديث الباب.
وقال ابن المنيّر في الحاشية: هذه القصّة تشعر بأنّ من اتّفق له مثل ما اتّفق لذلك الرّجل أنّه يساويه في الحكم؛ وأمّا من سلم من ذلك ونحوه فهو في جواز الصّوم على أصله والله أعلم.
وحمل الشّافعيّ نفي البرّ المذكور في الحديث على من أبى قبول الرّخصة فقال: معنى قوله " ليس من البرّ " أن يبلغ رجل هذا بنفسه في فريضة صوم ولا نافلة، وقد أرخص الله تعالى له أن يفطر وهو
صحيح.
قال: ويحتمل أن يكون معناه. ليس من البرّ المفروض الذي من خالفه أثم، وجزم ابن خزيمة وغيره بالمعنى الأوّل.
وقال الطّحاويّ: المراد بالبرّ هنا. البرّ الكامل الذي هو أعلى مراتب البرّ، وليس المراد به إخراج الصّوم في السّفر عن أن يكون برّاً ، لأنّ الإفطار قد يكون أبرّ من الصّوم إذا كان للتّقوّي على لقاء العدوّ مثلاً.
قال: وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم " ليس المسكين بالطّوّاف " الحديث، فإنّه لَم يرد إخراجه من أسباب المسكنة كلها، وإنّما أراد أنّ المسكين الكامل المسكنة الذي لا يجد غنًى يغنيه ، ويستحيي أن يسأل ولا يفطن له.
قوله: (وفي لفظ لمسلم: عليكم برخصة الله التي رخص لكم) أوهم كلام صاحب " العمدة " أنّ قوله صلى الله عليه وسلم " عليكم برخصة الله التي رخّص لكم " ممّا أخرجه مسلم بشرطه، وليس كذلك. وإنّما هي بقيّة في الحديث لَم يوصل إسنادها كما يأتي (1).
نعم. وقعت عند النّسائيّ موصولة. فأخرجه من طريق شعيب بن إسحاق عن الأوزاعيّ عن يحيى عن محمّد بن عبد الرّحمن حدّثني جابر بن عبد الله. فذكره.
قال النّسائيّ: هذا خطأ، ثمّ ساقه من طريق الفريابيّ عن الأوزاعيّ عن يحيى عن محمّد بن عبد الرّحمن حدّثني من سمع جابراً، ومن
(1) انظر تخريج حديث الباب أيضاً.
طريق عليّ بن المبارك عن يحيى عن محمّد بن عبد الرّحمن عن رجل عن جابر.
ثمّ قال: ذِكْر تسمية هذا الرّجل المُبهم، فساق طريق شعبة ، ثمّ قال: هذا هو الصّحيح، يعني إدخال رجلٍ بين محمّد بن عبد الرّحمن وجابر.
وتعقّبه المزّيّ فقال: ظنّ النّسائيّ أنّ محمّد بن عبد الرّحمن - شيخ شعبة في هذا الحديث - هو محمّد بن عبد الرّحمن شيخ يحيى بن أبي كثير فيه، وليس كذلك ، لأنّ شيخ يحيى هو محمّد بن عبد الرّحمن بن ثوبان ، وشيخ شعبة هو ابن عبد الرّحمن بن سعد بن زرارة. انتهى.
والذي يترجّح في نظري: أنّ الصّواب مع النّسائيّ، لأنّ مسلماً لَمّا روى الحديث من طريق أبي داود عن شعبة ، قال في آخره: قال شعبة: كان بلغني هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير ، أنّه كان يزيد في هذا الإسناد في هذا الحديث " عليكم برخصة الله التي رخّص لكم " فلمّا سألته لَم يحفظه. انتهى.
والضّمير في سألت. يرجع إلى محمّد بن عبد الرّحمن شيخ يحيى ، لأنّ شعبة لَم يلق يحيى ، فدلَّ على أنّ شعبة أخبر أنّه كان يبلغه عن يحيى عن محمّد بن عبد الرّحمن عن محمّد بن عمرو عن جابر في هذا الحديث زيادة، ولأنّه لَمّا لقي محمّد بن عبد الرّحمن شيخ يحيى سأله عنها فلم يحفظها.
وأمّا ما وقع في رواية الأوزاعيّ عن يحيى أنّه نسب محمّد بن عبد
الرّحمن ، فقال فيه ابن ثوبان فهو الذي اعتمده المزّيّ.
لكن جزم أبو حاتم كما نقله عنه ابنه في " العلل " بأنّ مَن قال فيه عن محمّد بن عبد الرّحمن بن ثوبان فقد وهِم، وإنّما هو ابن عبد الرّحمن بن سعد. انتهى.
وقد اختلف فيه مع ذلك على الأوزاعيّ، وجلّ الرّواة عن يحيى ابن أبي كثير لَم يزيدوا على محمّد بن عبد الرّحمن، لا يذكرون جدّه ، ولا جدّ جدّه. والله أعلم.
ووقعتْ أيضاً عند الطّبري (1) من حديث كعب بن عاصم الأشعريّ.
(1) وقع في المطبوع (الطبراني) وهو خطأ ، إما من الناسخ أو من الشارح. وقد عزاه الشارح كما تقدم في الشرح للطبري. وهو كذلك في كتابه " تهذيب الآثار " برقم (251). من طريق ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن كعب رضي الله عنه.
نبَّهني على ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء "(4/ 75).
ورواه الطبراني في " الأوسط "(3248) وفي " الكبير "(19/ 171) من وجه آخر عن كعب ، لكن مختصراً " ليس من البر الصيام في السفر "