الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني عشر
227 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكّة من كداءٍ ، من الثّنيّة العليا التي بالبطحاء ، وخرج من الثّنيّة السّفلى. (1)
قوله: (من كداءٍ) بفتح الكاف والمدّ ، قال أبو عبيد: لا يصرف.
وهذه الثّنيّة هي التي ينزل منها إلى المعلى مقبرة أهل مكّة، وهي التي يقال لها الحجون بفتح المهملة وضمّ الجيم.
وكانت صعبة المرتقى فسهّلها معاوية ثمّ عبد الملك ثمّ المهديّ على ما ذكره الأزرقيّ. ثمّ سهُل في عصرنا هذا ، منها سنة إحدى عشرة وثمانمائة موضعٌ.
ثمّ سهّلت كلّها في زمن سلطان مصر الملك المؤيّد في حدود العشرين وثمانمائة، وكلّ عقبة في جبل أو طريق عالٍ فيه تسمّى ثنيّة.
قوله: (الثّنيّة السّفلى) وللبخاري عن عائشة " وخرج من كدا " وهو بضمّ الكاف مقصور ، وهي عند باب شبيكة بقرب شعب الشّاميّين من ناحية قعيقعان، وكان بناء هذا الباب عليها في القرن السّابع.
قال عياض والقرطبيّ وغيرهما: اختلف في ضبط كداءٍ وكدا.
فالأكثر: على أنّ العليا بالفتح والمدّ والسّفلى بالضّمّ والقصر.
(1) أخرجه البخاري (1500 ، 1501) ومسلم (1257) من مالك وعبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه.
وقيل: بالعكس. قال النّوويّ: وهو غلط.
قالوا: واختلف في المعنى الذي لأجله خالف صلى الله عليه وسلم بين طريقيه.
فقيل: ليتبرّك به كلّ من في طريقه.
وقيل: الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلوّ عند الدّخول لِمَا فيه من تعظيم المكان ، وعكسه الإشارة إلى فراقه.
وقيل: لأنّ إبراهيم لَمّا دخل مكّة دخل منها.
وقيل: لأنّه صلى الله عليه وسلم خرج منها متخفّياً في الهجرة. فأراد أن يدخلها ظاهراً عالياً.
وقيل: لأنّ من جاء من تلك الجهة كان مستقبلاً للبيت.
ويحتمل: أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمرّ على ذلك، والسّبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعبّاس: لا أُسلم حتّى أرى الخيل تطلع من كداءٍ، فقلت ما هذا؟ قال: شيء طلع بقلبي ، وإنّ الله لا يطلع الخيل هناك أبداً، قال العبّاس: فذكّرت أبا سفيان بذلك لَمّا دخل (1) " وللبيهقيّ من حديث ابن عمر قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: كيف قال حسّان؟ فأنشده:
عدمت بنيّتي إن لَم تروها
…
تثير النّقع مطلعها كداء
(1) أخرجه أبو نعيم كما في " البداية والنهاية " لابن كثير (2/ 388) من طريق العباس بن بكار الضبي حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس به. ضمن قصة طويلة جرت بين العباس وأبي سفيان.
والعباس وأبو بكر الهذلي متروكان. وكذَّبهما بعضهم.
فتبسّم. وقال: ادخلوها من حيث قال حسّان.
تنْبيه: حكى الحميديّ عن أبي العبّاس العذريّ ، أنّ بمكّة موضعاً ثالثاً يقال لها: كُديّ وهو بالضّمّ والتّصغير يخرج منه إلى جهة اليمن.
قال المحبّ الطّبريّ: حقّقه العذريّ عن أهل المعرفة بمكّة، قال: وقد بني عليها باب مكّة الذي يدخل منه أهل اليمن.
فائدةٌ: في صحيح البخاري حدثنا محمود بن غيلان المروزي حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء، وخرج من كُدا من أعلى مكة.
قوله: " وخرج من كدا من أعلى مكّة " كذا رواه أبو أسامة فقَلَبَه، والصّواب ما رواه عمرو وحاتم عن هشام عند البخاري " دخل من كداءٍ من أعلى مكّة ".
ثمّ ظهر لي أنّ الوهم فيه ممّن دون أبي أسامة، فقد رواه أحمد عن أبي أسامة. على الصّواب.