الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني والثلاثون
247 -
عن عروة بن الزّبير ، قال: سئل أسامة بن زيدٍ - وأنا جالسٌ - كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجّة الوداع حين دفع؟ قال: كان يسير العَنَقَ ، فإذا وجد فجوةً نصَّ. (1)
قال المصنِّف: العنق: انبساط السير. والنصُّ: فوق ذلك.
قوله: (عن عروة بن الزبير) ابن العوام.
قوله: (سئل أسامة (2) وأنا جالسٌ) في رواية النّسائيّ من طريق عبد الرّحمن بن القاسم عن مالك عن هشام " وأنا جالس معه ".
وفي رواية مسلم من طريق حمّاد بن زيد عن هشام عن أبيه ، سئل أسامة وأنا شاهد ، أو قال: سألت أسامة بن زيد.
قوله: (حين دفع) في رواية يحيى بن يحيى الليثيّ وغيره عن مالك في الموطّإ " حين دفع من عرفة "(3).
قوله: (العنق) بفتح المهملة والنّون هو السّير الذي بين الإبطاء والإسراع. قال في " المشارق ": هو سيرٌ سهل في سرعة.
وقال القزّاز: العنق سير سريع. وقيل: المشي الذي يتحرّك به عنق
(1) أخرجه البخاري (1583 ، 2837 ، 4151) ومسلم (1286) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه به.
(2)
ستأتي ترجمته رضي الله عنه إن شاء الله في كتاب اللعان برقم (331).
(3)
وأخرجها مسلم (1286) من طريق حماد عن هشام به. بلفظ: حين أفاض من عرفة.
الدّابّة. وفي " الفائق ": العنق الخطو الفسيح. وانتصب العنق على المصدر المؤكّد من لفظ الفعل.
قوله: (فجوة) بفتح الفاء وسكون الجيم المكان المتّسع.
ورواه أبو مصعب ويحيى بن بكير وغيرهما عن مالك بلفظ " فرجة " بضمّ الفاء وسكون الرّاء. وهو بمعنى الفجوة
قال البخاري - في رواية المستملي وحده -: فجوة: متّسع والجمع فجوات (أي بفتحتين) وفجاء. (أي بكسر الفاء والمدّ). وكذلك ركوة وركاء وركوات.
قوله: (نصّ) أي: أسرع ، قال أبو عبيد: النّصّ تحريك الدّابّة حتّى يستخرج به أقصى ما عندها ، وأصل النّصّ غاية المشي. ومنه نصصت الشّيء رفعته ، ثمّ استعمل في ضرب سريع من السّير.
زاد البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك فيه. قال هشام: والنص فوق العنق. وكذا بيّن مسلم من طريق حميد بن عبد الرّحمن. وأبو عوانة من طريق أنس بن عياض كلاهما عن هشام ، أنّ التّفسير من كلامه.
وأدرجه يحيى القطّان فيما أخرجه البخاري ، وسفيان فيما أخرجه النّسائيّ ، وعبد الرّحيم بن سليمان ، ووكيع فيما أخرجه ابن خزيمة كلّهم عن هشام.
وقد رواه إسحاق في " مسنده " عن وكيع ففصَلَه ، وجعل التّفسير من كلام وكيع ، وقد رواه ابن خزيمة من طريق سفيان ففصله ،
وجعل التّفسير من كلام سفيان ، وسفيان ووكيع إنّما أخذا التّفسير المذكور عن هشام ، فرجع التّفسير إليه.
وقد رواه أكثر رواة " الموطّإ " عن مالك فلم يذكروا التّفسير ، وكذلك رواه أبو داود الطّيالسيّ عن حمّاد بن سلمة ، ومسلم من طريق حمّاد بن زيد كلاهما عن هشام.
قال ابن خزيمة: في هذا الحديث دليلٌ على أنّ الحديث الذي رواه ابن عبّاس عن أسامة أنّه قال: فما رأيت ناقته رافعة يدها حتّى أتى جمعاً. أنّه محمول على حال الزّحام دون غيره. انتهى
وأشار بذلك إلى ما أخرجه حفص من طريق الحكم عن مقسم عن ابن عبّاس عن أسامة ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أردفه حين أفاض من عرفة ، وقال: أيّها النّاس عليكم بالسّكينة فإنّ البرّ ليس بالإيجاف ، قال: فما رأيت ناقته رافعة يدها حتّى أتى جمعاً .. الحديث. وأخرجه أبو داود ، وأخرجه البخاري من حديث ابن عبّاس ليس فيه أسامة.
وأخرج مسلم من طريق عطاء عن ابن عبّاس عن أسامة في أثناء حديث قال: فما زال يسير على هيئته حتّى أتى جمعاً " ، وهذا يشعر بأنّ ابن عبّاس إنّما أخذه عن أسامة.
وقال ابن عبد البرّ: في هذا الحديث كيفيّة السّير في الدّفع من عرفة إلى مزدلفة لأجل الاستعجال للصّلاة ، لأنّ المغرب لا تصلى إلَاّ مع العشاء بالمزدلفة ، فيجمع بين المصلحتين من الوقار والسّكينة عند الزّحمة ومن الإسراع عند عدم الزّحام.
وفيه أنّ السّلف كانوا يحرصون على السّؤال عن كيفيّة أحواله صلى الله عليه وسلم في جميع حركاته وسكونه ليقتدوا به في ذلك.