الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثلاثون
245 -
عن جابرٍ رضي الله عنه ، قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: لبّيك بالحجّ. فأَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فجعلناها عمرةً. (1)
الحديث الواحد والثلاثون
246 -
عن عبد الله بن عبّاسٍ رضي الله عنه ، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه صبيحة رابعةٍ. فأمرهم أن يجعلوها عمرةً ، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسولَ الله ، أيّ الحل؟ قال: الحِلّ كلّه. (2)
قوله في حديث جابر: (فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلناها عمرةً) يؤخذ منه فسخ الحجّ إلى العمرة.
وقد ذهب الجمهور. إلى أنّه منسوخ.
وذهب ابن عبّاس: إلى أنّه محكمٌ ، وبه قال أحمد وطائفة يسيرة.
لِمَا أخرج البخاري من رواية حبيب عن عطاء عن جابر. وفيه ، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة. وأن سراقة بن مالك بن جعشم لقي النبي صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه البخاري (1495) ومسلم (1216) من طريق أيوب عن مجاهد عن عائشة.
(2)
أخرجه البخاري (1489 ، 3620) ومسلم (1240) من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه.
ولمسلم (1240) من وجهٍ آخر عن أبي العالية عن ابن عباس نحوه.
وهو بالعقبة، وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسولَ الله؟ قال: لا، بل للأبد.
وللبخاري " وهو يرمي جمرة العقبة ". وهذا فيه بيان المكان الذي سأل فيه سراقة عن ذلك، ورواية مسلم من طريق ابن جريج عن عطاء عن جابر كذلك.
وفي رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عند مسلم: فقام سراقة. فقال: يا رسولَ الله، ألعامنا هذه أمّ للأبد؟ فشبّك أصابعه واحدة في الأخرى ، وقال: دخلت العمرة في الحجّ مرّتين، لا بل للأبد أبداً.
وسياق مسلم من طريق جعفر بن محمّد يقتضي أنّه قال له ذلك لَمّا أمر أصحابه أن يجعلوا حجّهم عمرة، وبذلك تمسّك مَن قال: إنّ سؤاله كان عن فسخ الحجّ عن العمرة.
ويحتمل: أن يكون السّؤال وقع عن الأمرين لتعدّد المكانين.
قال النّوويّ: معناه عند الجمهور أنّ العمرة يجوز فعلها في أشهر الحجّ. إبطالاً لِمَا كان عليه الجاهليّة.
وقيل: معناه جواز القِران. أي: دخلت أفعال العمرة في أفعال الحجّ.
وقيل: معناه سقط وجوب العمرة، وهذا ضعيف ، لأنّه يقتضي النّسخ بغير دليل.
وقيل: معناه جواز فسخ الحجّ إلى العمرة، قال: وهو ضعيف.
وتعقّب: بأنّ سياق السّؤال يقوّي هذا التّأويل، بل الظّاهر أنّ السّؤال وقع عن الفسخ ، والجواب وقع عمّا هو أعمّ من ذلك حتّى يتناول التّأويلات المذكورة إلَاّ الثّالث. والله أعلم.
قوله في حديث ابن عباس: (صبيحة رابعة) أي: يوم الأحد.
وفي حديث ابن عبّاس ، أنّ خروجه من المدينة كان لخمس بقين من ذي القعدة. أخرجه البخاري، وأخرجه هو ومسلم من حديث عائشة مثله.
وجزم ابن حزم: بأن خروجه كان يوم الخميس.
وفيه نظرٌ ، لأنّ أوّل ذي الحجّة كان يوم الخميس قطعاً. لِمَا ثبت وتواتر أنّ وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة، فتعيّن أنّ أوّل الشّهر يوم الخميس. فلا يصحّ أن يكون خروجه يوم الخميس، بل ظاهر الخبر أن يكون يوم الجمعة.
لكن ثبت في الصّحيحين عن أنس: صلَّينا الظّهر مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعاً والعصر بذي الحليفة ركعتين. فدلَّ على أنّ خروجهم لَم يكن يوم الجمعة، فما بقي إلَاّ أن يكون خروجهم يوم السّبت.
ويحمل قول مَن قال " لخمسٍ بقين " أي: إن كان الشّهر ثلاثين فاتّفق أن جاء تسعاً وعشرين فيكون يوم الخميس أوّل ذي الحجّة بعد مضيّ أربع ليالٍ لا خمس، وبهذا تتّفق الأخبار، هكذا جمع الحافظ عماد الدّين بن كثير بين الرّوايات.
وقوي هذا الجمع بقول جابر: إنّه خرج لخمسٍ بقين من ذي القعدة ، أو أربع. وكان دخوله صلى الله عليه وسلم مكّة صبح رابعة. كما ثبت في حديث عائشة (1)، وذلك يوم الأحد، وهذا يؤيّد أنّ خروجه من المدينة كان يوم السّبت كما تقدّم، فيكون مكانه في الطّريق ثمان ليالٍ، وهي المسافة الوسطى.
قوله: (مهلين بالحجّ) في رواية مسلم " وهم يلبّون بالحجّ " وهي مفسّرة لقوله مهلين، واحتجّ به مَن قال: كان حجّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مفرداً.
وأجاب مَن قال: كان قارناً: بأنّه لا يلزم من إهلاله بالحجّ أن لا يكون أدخل عليه العمرة.
قوله: (أن يجعلوها عمرةً ، فتعاظم ذلك عندهم) أي: لِمَا كانوا يعتقدونه أوّلاً، وفي رواية مسلم " فكبر ذلك عندهم ".
قوله: (أي الحلّ) كأنّهم كانوا يعرفون أنّ للحجّ تحلّلين. فأرادوا بيان ذلك فبيّن لهم أنّهم يتحللون الحلّ كلّه، لأنّ العمرة ليس لها إلَاّ تحلّل واحد، ووقع في رواية الطّحاويّ " أي الحلّ نحلّ؟ قال: الحلّ كلّه.
(1) وأخرجاه في الصحيحين أيضاً عن جابر.