الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المبحث الأول)
سورة الأحزاب وأول ما نزل من الآيات في مسألة الحجاب وما لحق تفسيرها من تحريف وتصحيف وتبديل
يُخطئ كثير من المستدلين لمسألة الحجاب وبخاصة القائلين بسفور المرأة لوجهها (1) عندما يستشهدون بالآية الكريمة: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].
فيستدلون بها وكأنها أول ما أنزل من آيات الحجاب وكأنها الأصل والأساس في المسألة على تشريع فريضة الحجاب على نساء المسلمين فهذه الآية من أواخر ما نزل في شأن الحجاب، حيث نزلت متأخرة وبعد نزول أول آيات الحجاب والتي جاءت في سورة الأحزاب وذلك بشهادة أعلم الناس بشأن الحجاب الصحابي الجليل وخادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك رضي الله عنه.
(1) قال في "لسان العرب": (سفر) قال وإذا ألقت المرأة نقابها قيل سفرت فهي سافر .. وسفرت المرأة وجهها إذا كشف النقاب عن وجهها تسفر سفوراً). وقال في "المعجم الوسيط" بتحقيق مجمع اللغة العربية: (سفر) سفوراً وضح وانكشف
…
والمرأة كشفت عن وجهها. وقال عند (السافر) ويقال امرأة سافر للكاشفة عن وجهها). وقال في "المحيط في اللغة": (والسفور: سفور المرأة نقابها عن وجهها، فهي سافر). وقال في "تاج العروس": (يقال: سفرت المرأة إذا كشفت عن وجهها النقاب وفي المحكم: جلته وفي التهذيب: ألقته تسفر سفوراً فهي سافر).
فمن استدل بها لبيان حكم وكيفية صفة فريضة الحجاب يكون قد خلط الأمر وبدأ طريقه خطأً فكلما سار على هذا الأساس بَعُد عن الصواب فكان مؤداه لأخطاء وتناقضات أكثر وأكبر، فهو جعل التفصيل والبيان والرُخص التي في سورة النور ومنه الاستثناء في قوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو الأصل العام والتشريع الأساسي لفريضة الحجاب ونسي أنها متأخرة وأنها استثناء والاستثناء لا بد وأن يأتي بعد أصل عام ومقرر سلفاً وصفه وحدوده وهو المستثنى منه فعليهم أن يرجعوا لأصل المسألة وأول ما نزل فيها حتى يفهموا المستثنى من ذلك تحديداً والغاية والمراد من ذلك الاستثناء كما أراده الله تعالى.
فقد نزلت قبلها آيات كما في سورة الأحزاب ما كان لهم أن يغفلوا عنها والتي حسمت وحددت الزينة التي يجب سترها وأمرت بتغطية المرأة لزينتها ومن ذلك وجهها كما عليه إجماع الصحابة والتابعين وعلماء أهل التفسير جميعاً كما سننقله عنهم قريباً بالتفصيل.
والآن ولكي نعرف حقيقة مسألة فريضة الحجاب علينا أن نحدد أول الآيات نزولاً في ذلك حسب تاريخ وأسباب النزول ثم نرتب آياتها ليتبين لنا الصواب في المسألة وحتى لا تتعارض معنا الآيات والأحاديث وتفاسير الصحابة، وحتى ندرك معنى كل آية حسب مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم ومراد صحابته الكرام.