المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نقل أهل السفور هجوم ابن حزم على من فرق بين الأمة والحرة في لبسهن للجلابيب في الصلاة وخارجها: - كشف الأسرار عن القول التليد فيما لحق مسألة الحجاب من تحريف وتبديل وتصحيف

[تركي بلحمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌(المبحث الأول)سورة الأحزاب وأول ما نزل من الآيات في مسألة الحجاب وما لحق تفسيرها من تحريف وتصحيف وتبديل

- ‌تاريخ نزول أول الآيات في مسألة الحجاب:

- ‌كيف مهد الإسلام لتشريع فريضة الحجاب

- ‌أول ما نزل في شأن الحجاب:

- ‌آية الحجاب وإجماع المفسرين عليها

- ‌التحريف والتبديل والتصحيف المعاصر لما لحق كلام شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره لآية الإدناء:

- ‌اختلاف ألفاظ السلف في التفسير غالباً ما يكون اختلاف تنوع:

- ‌الأدلة والنقول على أن (القناع) يأتي بمعني ستر الوجه:

- ‌مخالفة الشيخ الألباني لإجماع المسلمين في تفسيره لقوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن}

- ‌آيات الحجاب لم تنزل مرة واحدةولها تسلسل ووقائع

- ‌(المبحث الثاني)سورة النور وما فيها من أدلة أخرى على أن الحجاب قد فرض قبلها وقبل ما فيها من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

- ‌تناقض أهل السفور في مسألة غض البصر:

- ‌التبرج انفلات لا يقف عند حد:

- ‌سورة النور والرخصة بجواز أن تبدي المرأة من زينتها ما تدعو الحاجة والضرورة إليه

- ‌سورة النور فصلت ما أُجمل في سورة الأحزاب:

- ‌مصطلح أمن الشهوة ونحوه عند الفقهاء المتقدمين وما أصابه من التحريف والتبديل والتصحيف:

- ‌بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز نظر الخاطب لمخطوبته نوع من تفسيره للآية:

- ‌(المبحث الثالث)أقوال الصحابة في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْها} [النور: 31]

- ‌أقوال الصحابة واختلافهم في تفسير آية: {إلا ما ظهر منها} كان من اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد

- ‌الجمع بين أقوال الصحابة في الآية:

- ‌ومن تلكم الحالات:

- ‌حالة المرأة الساترة لوجهها واحتاجت لكشف العينين فقط أو الكفين:

- ‌حالة احتياج المرأة لكشف زينة وجهها أو كفيها:

- ‌مقصد الإمام الطبري عند تفسيره للآية:

- ‌حالة احتياج المرأة لتكشف أكثر من الوجه أو الكفين:

- ‌حالة احتياج المرأة لظهور زينتها المكتسبة كالثياب ونحوها:

- ‌فرض لبس الجلباب عند خروج المسلمات الصالحات:

- ‌حالة ظهور زينة المرأة رغما عنها وبغير قصد منها:

- ‌منهج السلف في التفسير:

- ‌منهج الصحابة والتابعين عند تفسيرهم لآية الرخصة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه}

- ‌منهج أئمة التفسير والفقه عند تفسيرهم لآية الرخصة:

- ‌(المبحث الرابع)التحريف والتبديل فيما لحق كلام أئمة المذاهب الأربعة في فريضة الحجاب

- ‌اختلاف المذاهب الأربعة في مسألة الحجاب كان من اختلاف التنوع

- ‌المناهج الفقهية للمذاهب الأربعة:

- ‌فريضة الحجاب عند المذاهب الأربعة:

- ‌(محاورة)حجة القائلين أن الوجه والكفين ليسا من العورة وأن ذلك لم يمنع من قولهم بوجوب ستره لعلة الفتنة والشهوة

- ‌أدلة ونقول أئمة الفقهاء من الأحناف والمالكية وغيرهم وتفسيرهم لقوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} بأنها رخصة وتحديدهم القدر المرخص للمرأة أن تبديه بأمور منها بما يظهر في صلاتها

- ‌(باب شروط الصلاة):

- ‌اعتراض الألباني على الأئمة في طريقة استدلالهم لتحديد قدر الرخصة لأنه يظن أنهم يستدلون به للسفور

- ‌قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

- ‌بقية أدلة الأحناف والمالكية وغيرهم في تفسير الآية بأنها رخصة وتحديدهم القدر المرخص لها أن تبديه في الغالب وأن قولهم ليس بعورة لا يعني عدم وجوب ستره

- ‌(محاورة)حجة القائلين أن علة الأمر بستر الوجه والكفين لكونهما من العورة

- ‌قول أتباع كل مذهب بقول المذهب الآخر وتعدد الروايات في المذهب الواحد دليل على أن اختلاف المتقدمين في فريضة الحجاب كان من قبيل اختلاف التنوع

- ‌خطأ الشيخ الألباني رحمه الله في نسبته مذهب السفور للقائلين أن الوجه والكفين ليسا بعورة:

- ‌وبالعكس فمع ذلك قد تجد بعض أئمة الأحناف والمالكية وبعض الشافعية يقول أن المرأة عورة وذلك لأن الأمر واسع كما قلنا ومثاله:

- ‌وهناك قسم آخر من بعض الأئمة أخذوا يفصلون بنوع آخر وهو أن الوجه والكفين من المرأة عورة، ولكنه في حق من جاز نظره إليها لا يكون بالنسبة لهم من العورة لورود الدليل المبيح في ذلك، وهذا يدلك أن الأمر فيه سعة ولا يترتب عليه في أصل المسألة شيء ومثاله:

- ‌خلاصةأقوال أئمة المذاهب الأربعة في مسألة هل الوجه والكفين عورة أم لا

- ‌سبب ذكرنا لتأصيل المذاهب لمسألة الحجاب:

- ‌(المبحث الخامس)إكمال نقل إجماع المفسرين على أن الآية رخصة وليست تشريعاً لفريضة الحجاب

- ‌فائدة في حكمة التكرار في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}:

- ‌حكمة عدم التحديد في قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها}:

- ‌لو لم تنزل آية الرخصة

- ‌مخالفة الألباني للإجماع في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

- ‌تفسير قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وقول الألباني أن الخمار لا يأتي لستر الوجه

- ‌تصحيف الشيخ الألباني لكلام الحافظ ابن حجر

- ‌تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بأرجلهن لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور 31]

- ‌(المبحث السادس)خصوصية أمهات المؤمنين في فرض الحجاب عليهن وما لحقها من التحريف والتصحيف والتبديل

- ‌التمهيد لنزول فريضة الحجاب:

- ‌موقف الصحابة من آيات الحجاب وأمهات المؤمنين:

- ‌طريقة حجاب النساء داخل البيوت والإجماع في ذلك:

- ‌لماذا ذكرت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بالذات

- ‌طريقة حجاب النساء خارج البيوت والإجماع في ذلك:

- ‌معنى الخصوصية في حجاب أمهات المؤمنين عند المتقدمين وما لحقها من التحريف والتبديل والتصحيف

- ‌الخصوصية الأولىالأدلة على أن معنى الخصوصية التي قصدها بعض المتقدمين لأمهات المؤمنين هي في تغليظ حجابهن بعدم جواز ظهور أشخاصهن أو الرخصة لهن في كشف الوجه والكفين كغيرهن

- ‌وممن قال بهذه الخصوصية من نوع التغليظ:

- ‌وممن قال أيضاً بالخصوصية من نوع تغليظ الحجاب على أمهات المؤمنين

- ‌الخصوصية الثانيةالأدلة على أن معنى الخصوصية الثانية والتي عناها المتقدمون لأمهات المؤمنين هي أنهن حجبن عن أبنائهن فكن بذلك مخصوصات عن بقية الأمهات وكن كالأجنبيات

- ‌خلاصة الكلام في خصوصية أمهات المؤمنين

- ‌الأول: أنهن مخصوصات بعدم ظهور شخوصهن فضلا عن عدم جواز ظهور الوجه والكفين منهن ولو عند الحاجة كما هو جائز لغيرهن

- ‌والثاني: أنهن مخصوصات بالحجاب من أبنائهن ومن يحرم النكاح بهم فكن بذلك دون بقية الأمهات ومن يحرم النكاح بهن اللاتي لم يفرض عليهن ذلك

- ‌تناقض أهل السفور واختلافهم في معنى الخصوصية المحدثةوما أوردوه من شبهات بخصوصها

- ‌رد شبهةعن الإمام القاضي عياض

- ‌كشف المُحْرِمَة وجهها في طريقها عند عدم وجود الرجال الناظرين لها وتناقص أهل السفور فيه:

- ‌مذهب القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها لمجرد خروجها:

- ‌الشبهة المثارة من أهل السفور عن مالك في جواز مؤاكلة المرأة للرجل

- ‌قول أهل السفور نتيجة حتمية لما هو الحاصل اليوم:

- ‌منهج الإمام ابن حزم الظاهري في مسالة الحجاب وما لحقه من تحريف وتبديل وتصحيف

- ‌نَقلُ أهل السفور هجوم ابن حزم على من فرق بين الأَمة والحرة في لبسهن للجلابيب في الصلاة وخارجها:

- ‌وقال ابن القيم: - فصل: الفرق بين النظر إلى الحرة والأمة

- ‌معنى الجلابيب عند الإمام ابن حزم موافق لإجماع أهل العلم:

- ‌(المبحث السابع)استدلالات أهل السفور بالسنة على شبهاتهم

- ‌أولاً: حديث الفضل بن عباس ومخالفتهم لفهم السلف له:

- ‌الوجه الأول: في رد هذه الشبهة وهي عدم وجود ما ادعوه أصلا من كشف الوجه في الحديث:

- ‌الوجه الثاني: وهو على فرض كونها كانت كاشفة عن وجهها:

- ‌ثانيا: استدلالهم بحديث سفْعَاء الخدين

- ‌ثالثا: شبهة استدلالهم بحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق ومخالفتهم لفهم السلف له

- ‌خطأ الألباني في فهم مراد الإمام البيهقي

- ‌تضعيف البيهقي لحديث أسماء بنت عميس الثاني من طريق ابن لهيعة من"كتاب النكاح

- ‌رابعا: استدلالهم بحديث الواهبة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشبهة أهل السفور فيه

- ‌خامسا: ومن أمثلة شبهاتهم الواهية التي ينقلونها:

- ‌ومن أمثلة غرائب استدلالات أهل السفور وشبههم:

- ‌سادساً: استدلالهم لمثل هذا بما جاء في جلباب المرأة للألباني:

- ‌خلاصة شبهات أهل السفور اليوم وبدعة القول أن في تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال سنة ومستحب

- ‌مذهب السلف في مسائل الشبهات:

- ‌(المبحث الثامن)الرخصة الثانية في سورة النور وإجماع أهل العلمقال تعالى: {وَالقواعد مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ متبرجات بِزِينَةٍ وَأن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّ

- ‌(المبحث التاسع)الأدلة من السنة والآثار على فريضة ستر المرأة وجهها عن الرجال

- ‌وختاماً:

الفصل: ‌نقل أهل السفور هجوم ابن حزم على من فرق بين الأمة والحرة في لبسهن للجلابيب في الصلاة وخارجها:

لَا يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ أصلاً) انتهى كلام ابن حزم من "كتاب الصلاة". وهو يتكلم في عورة المرأة في الصلاة.

وهكذا غيرهم من الأئمة الذين ينقلون أقوالهم مبتورة خارج سياقها العام أو لعدم معرفتهم بطريقة ومنهج كل مذهب بدليل أنهم لا يهتمون ولا يبالون بتعارضها مع أقوالهم الأخرى أو بالجمع بينها، ثم يفهمونها من نوع الفهم الذي قالوه وأفسدوا على الناس الحياء والدين.

* * *

‌نَقلُ أهل السفور هجوم ابن حزم على من فرق بين الأَمة والحرة في لبسهن للجلابيب في الصلاة وخارجها:

حيث قال جمهور العلماء على أن عورة الأمة في الصلاة وخارجها غير عورة الحرة في الصلاة وخارجها، فالأمة في الصلاة وخارجها عند عامة أهل العلم يجوز لها أن تصلي وتخرج مكشوفة الرأس، ولهذا اعترض عليهم ابن حزم بشدة في "كتاب الصلاة" فقال: (وَأما الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالأمة فَدِينُ اللَّهِ تعالى واحد وَالخلقةُ وَالطَّبِيعَةُ واحدة، كُلُّ ذَلِكَ فِي الْحَرَائِرِ وَالإماء سَوَاءٌ حَتَّى يأتي نَصٌّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي شَيْءٍ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ. فإن قيل: أن قَوْلَ اللَّهِ تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أو ابَائِهِنَّ} يَدُلُّ عَلَى أنهُ تعالى أراد الْحَرَائِرَ.

فَقُلْنَا: هَذَا هُوَ الْكَذِبُ بِلَا شَكٍّ لأن الْبَعْلَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ وَأيضا فَالأمة قَدْ تَتَزَوَّجُ؛ وَمَا عَلِمْنَا قَطُّ أن الإماء لَا يَكُونُ لَهُنَّ: أبناء وَآبَاءٌ وَأخْوَالٌ وَأَعْمَام كَمَا لِلْحَرَائِرِ.

ص: 447

وَقَد ذَهَبَ بَعْضُ مَنْ وَهَلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن ذَلِكَ اَدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59]، إلى أنهُ إنمَا أمر اللَّهُ تعالى بِذَلِكَ لأن الْفُسَّاقَ كانوا يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ لِلْفِسْقِ فَأمر الْحَرَائِرَ بِأن يَلْبَسْنَ الجلابيب لِيَعْرِفَ الْفُسَّاقُ أنهُنَّ حَرَائِرُ فَلَا يَعْتَرِضُوهُنَّ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَنَحْنُ نَبْرَأ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ الْفَاسِدِ الَّذِي هُوَ: إما زَلَّةُ عَالم وَوَهْلَةُ فَاضِلٍ عَاقِلٍ أو افْتِرَاءُ كَاذبٍ فَاسِقٍ؛ لأن فِيهِ أن اللَّهَ تعالى أطْلَقَ الْفُسَّاقَ عَلَى أَعْرَاضِ إماءِ المسلمين وَهَذِهِ مُصِيبَةُ الأبدِ وَمَا اختلف اثْنَان مِنْ أهل الإسلام فِي أن تَحْرِيمَ الزِّنَا بِالْحُرَّةِ كَتَحْرِيمِهِ بالأمة وَأن الْحَدَّ عَلَى الزَّاني بِالْحُرَّةِ كَالْحَدِّ عَلَى الزَّاني بالأمة وَلَا فَرْقَ، وَأن تَعَرُّضَ الْحُرَّةِ فِي التَّحْرِيمِ كَتَعَرُّضِ الأمة وَلَا فَرْقَ وَلِهَذَا وَشِبْهِهِ وَجَبَ أن لَا يُقْبَلَ قَوْلُ أحد بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ إلا بِأن يُسْنِدَهُ إليه عليه السلام.

حدثنا - ثم ساق بالسند - عَنْ عَائِشَةَ أم المؤمنين أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلا بِخِمَارٍ.

ص: 448

قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بَكْرٍ عَنْ أمهِ أنهَا سَاَلَتْ أم سَلَمَةَ أم المؤمنين: فِي كَمْ تُصَلِّي المرأة. قَالَتْ: فِي الدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُوَارِي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَفِي الخمار.

قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي خِلَافِ هَذَا وَعَنْ غَيْرِهِ (1) وَلَكِنْ لَا حُجَّةَ فِي أحد دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإذا تَنَازَعَ السَّلَفُ رضي الله عنهم وَجَبَ الرَّدُّ إلى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تعالى الرَّدَّ إليه: مِنْ القرآن وَالسُّنَّةِ؛ وَلَيْسَ فِي القرآن وَلَا فِي السُّنَّةِ: فَرْقٌ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ حُرَّةٍ، وَلَا أمةٍ

فإن قَالُوا: قَدْ جَاءَ الْفَرْقُ فِي الْحُدُودِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالأمة.

قلنا: نَعَمْ وَبَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَلِمَ سَاويْتُمْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِيمَا هُوَ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالأمة فِيمَا هُوَ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَحَّ الإجماع وَالنَّصُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى الأمة كَوُجُوبِهَا عَلَى الْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ أحكامهَا مِنْ الطَّهَارَةِ وَالْقِبْلَةِ وَعَدَدِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمِنْ أينَ وَقَعَ لَكُمْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَوْرَةِ وَهُمْ أصحاب قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ؟ وَهَذَا مِقْدَارُ قِيَاسِهِمْ الَّذِي لَا شَيْءَ أسْقَطَ منه وَلَا أشَدَّ تَخَاذلاً، فَلَا النَّصَّ اتَّبَعُوا وَلَا الْقِيَاسَ عَرَفُوا وَبِاَللَّهِ تعالى التَّوْفِيقُ) انتهى كلام ابن حزم.

(1) يقصد من مثل ما نقله الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (469)"باب شروط الصلاة": (حديث عمر: أنه رأى أمة سترت وجهها فمنعها من ذلك وقال: أتتشبهين بالحرائر؟ البيهقي من طريق صفية بنت أبي عبيد قالت: خرجت أمة مختمرة متجلببة، فقال عمر: من هذه المرأة؟ فقيل: جارية بني فلان، فأرسل إلى حفصة، فقال: ما حملك على أن تخمري هذه المرأة، وتجلببيها وتشبهيها بالمحصنات حتى هممت أن أقع بها، لا أحسبها إلا من المحصنات؟ لا تشبهوا الإماء بالمحصنات) انتهى. وقد روي بعدة طرق وروايات مر بعضها معنا عند تفسير آية الإدناء، قال الألباني في الإرواء (6/ 203):(هذا سند على شرط مسلم) انتهى. وقال في نصب الراية (4/ 318): (قال البَيهقي: والآثَار بذلكَ عَنْ عُمَرَ صَحِيحَةٌ).

ص: 449

وأنت ترى أن اعتراضه على من فرق بين الحرة والأمة في لبس الجلابيب في الصلاة وخارجها ولهذا اعترض على من قال أن سبب نزول قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} هو أن الجلابيب للحرائر وليست للإماء.

فهل في هذا أن النقاب وستر الوجه ليس على المسلمات كما هو الإجماع الذي مر معنا؟ وابن حزم يقصد أنه لا دليل على وجود فرق في وجوب الستر بالجلابيب لهن جميعا حرائر وإماء، وإن زاد هو هنا فأدخل الإماء في وجوب سترهن للوجوه كالحرائر، وزاد في الصلاة خلافا للجمهور أن لا يبدو من الأمة إلا وجهها وكفيها كما هو الاتفاق في صلاة الحرة.

فكيف لدعاة السفور أن يستدلُوا بمثل هذا الكلام فينقلوا كلام ابن حزم للعوام وكأنه يؤيد مذهب السفور؟ أو وكأنه ينقض الإجماع على آية الإدناء؟ وكأن هجومه السابق على من يقولون بفرض ستر المرأة لوجهها؟ .

هذه مغالطة كبيرة ونوع من أنواع التدليس على العباد، أليس كلامه الذي نقلوه عنه هو في اعتراضه على من لم يوجب على الإماء لبس الجلابيب كالحرائر، سواء في الصلاة أو خارجها؟ فلماذا إذا ينقلون هذا المقطع من كلام ابن حزم بالذات؟ .

وقد ذهب جمع من الأئمة لمثل ما ذهب إليه ابن حزم من وجوب ستر

ص: 450

الوجه على الإماء ومنهم:

- الإمام أبو حيّان الأندلسي رحمه الله في تفسيره المحيط حيث قال: (والظاهر أن قوله: {ونساء المؤمنين} يشمل الحرائرَ والإماء والفتنة بالإماء أكثر لكثرةِ تصرفهن بخلاف الحرائر فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح) انتهى.

وسبق لنا أن نقلنا قوله مطولا عند تفسيره للآية.

- والنووي كما قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير: (فائدة: اختار النووي أن الأمة كالحرة في تحريم النظر إليها لكن يعكر عليه ما في الصحيحين في قصة صفية فقلنا: إن حجبها فهي زوجته وإن لم يحجبها فهي أم ولد كذا اعترضه ابن الرفعة، وتعقب بأنه يدل على أن الأمة تخالف الحرة فيما تبديه أكثر مما تبديه الحرة، وليس فيه دلالة على جواز النظر إليها مطلقا)(1) انتهى.

وقال بنوع من التفصيل القريب من هذا بعض أهل العلم فقد نقل عن الإمام أحمد قال ابن قدامة رحمه الله: (فصل: والأمة يباح النظر منها إلى ما يظهر غالباً كالوجه والرأس

قال أحمد في الأمة إذا كانت جميلة: تنتقب ولا ينظر إلى المملوكة، كم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل) انتهى.

وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: (وكذلك الأمة إذا كان يخاف بها الفتنة كان عليها أن ترخي من جلبابها وتحتجب،

(1) تلخيص الحبير (3/ 312).

ص: 451