الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخاطب المرأة زوجها، ثم جاء الأمر بقرارهن في البيوت وأن لا يخرجن إلا لحاجة، وأن لا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وأن يقمن الصلاة ويؤتين الزكاة ويطعن الله ورسوله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وأن يذكرن ما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة، وغير ذلك حتى نزلت أول الآيات في شأن الحجاب بداية من منع الدخول عليهن وسؤالهن من وراء حجاب، وحتى الأمر لهن ولبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن إذا خرجن من بيوتهن أو خاطبن الرجال بدون حائط أو ساتر.
وقال ابن كثير: (هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساءُ الأمة تبع لهن في ذلك، فقال تعالى مخاطباً لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن إذا اتقين الله عز وجل كما أمرهن، فإنه لا يشبههن أحد من النساء، ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة) انتهى.
موقف الصحابة من آيات الحجاب وأمهات المؤمنين:
وبعد هذا التمهيد الذي سبق ثم ما تلاه من أمر أمهات المؤمنين بالحجاب من أبنائهن كبقية النساء الأجنبيات، تأكد للصحابة حينئذ أن أمومتهن التي ذكرها الله عز وجل في بداية الآيات هي كما كانت قبل الحجاب أمومة تشريف وتوقير واحترام، فقد كن قبل الحجاب يجوز الزواج ببناتهن وأخواتهن ثم لما حُجبن أراد سبحانه أن يؤكد بقاء حكم معنى أمومتهن وأنها لم تتغير بحجبهن من أبنائهن فأنزل بعدها آيات تحريم النكاح بهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يحرم النكاح بالأمهات وذوات المحارم، وأما فيما سوى ذلك فكما الأجنبيات كما نصت عليه
الآيات، فكانت أمومتهن في معنى دون معنى، وعلى هذا إجماع أهل العلم كما سيأتي ذكره مفصلاً.
فالصحابة ومن بعدهم وكونهم عاصروا نزول القران وكانوا قريبي عهد بنزوله كانوا أعلم الناس فهماً لمعناه، فلم يختلط عليهم الأمر في ذلك ولم يجهلوا سبب ذكر بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بالذات من منع الدخول عليهن أو أن أمهات المؤمنين قد أمرن بمخاطبة الرجال من وراء حجاب وأنهن وغيرهن من النساء قد أمرن قبلها بطاعة الله ورسوله وعدم الخضوع بالقول والأمر بالقرار في بيوتهن وعدم تبرج الجاهلية الأولى وإقام الصلاة وغير ذلك، حتى نزلت الآيات في الأمر بعدم الدخول لبيوت النبي صلى الله عليه وسلم والأمر لهن جميعاً بإدناء الجلابيب عليهن حال الخروج، فُعلم أنهن كبقية النساء في ذلك وأن أمومتهن في معنى دون معنى كما كانت في السابق وبهذا فلا تعنى عدم حجبهن، بل أن غيرهن بلا شك أولى بذلك وأحرى من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وممن هن في حكم الامهات، لهذا لم يقل أحد من أهل العلم أبداً أنهن مختصات بالحجاب أو بستر الوجه دون غيرهن فضلاً عما دونه من الأوامر والنواهي، أو أنه ليس على بقية النساء ما أمرت به أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من عدم الخضوع بالقول ومن القرار في البيوت وغير ذلك، وكذلك لم يقل أحد أن بقية النساء غير مأمورات بالصلاة والزكاة وطاعة الله ورسوله وتبليغ رسالة الله، إلا ما حصل اليوم من بعض المتأخرين في فهم الخصوصية فهماً معكوساً وشاذاً، عما قصده بعض أهل العلم من المتقدمين. كما سنأتي له قريباً بمشيئة الله تعالى.