الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التبرج انفلات لا يقف عند حد:
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء)(1)، وهذا لِما أودعه الله في قلوب الرجال من محبة وميل لهن، حتى قدمهن على البنبن والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة وغير ذلك، والغرب مع إباحيتة زادت فيه معدلات الاغتصاب والجريمة والشذوذ ولم تقل مما يؤكد خطورة التبرج ولو نزع النقاب وأسفرت المرأة عن وجهها فقد انفرطت السُّبحة، ولكانت بداية الانفتاح والتبرج والسفور بكل درجاته، وتعقدت أمور ومناهج الإصلاح
…
، والناظر لغالب السافرات اليوم لوجوههن، وما أداهم إليه كشفه مما يتنافي والنصوص الشرعية الواردة في الكتاب والسنة جملة وتفصيلا من أنواع المحاذير الشرعية الخطيرة من كشف مقدمة شعورهن وحتى مارسن ألعاب الكرة والسباحة أمام الرجال وبحجة أنهن محجبات ومغطيات لشعورهن، وكذلك غيرهن ممن يردن الخير أصبحن يلاقين من نوازغ الشيطان ووساوسه من الصعوبات ما الله به عليم، حتى تساهلن بكثير من المنكرات شيئاً فشيئاً، ومسخت صورة الحجاب في الإسلام وشوهت شكلاً ومضموناً.
وما كأن هناك آية نزلت في كتاب الله تأمر النساء بخشونة القول مع الرجال الأجانب وعدم الضرب بأرجلهن حتى لا يُسمع صوت الخلخال، فضلا عن كشفها لوجهها، بل كان في دعوتهم لكشف المرأة
(1) البخاري (4808)، ومسلم (2740).
لوجهها ما زهدها وجرأها - رغماً عنها - لفعل ما دونه من المحرمات حيث لا قدرة لها على مقاومة ذلك، وإن كانت من الحريصات على الخير، حتى آلَ الأمر بالكثيرات كما هو مشاهد لترك الجلباب فخرجن بأحسن الفساتين واحدث الموضات
…
بحجة أنهن محجبات.
وصدق القائل: (وكيف يستقيم الظل والعود أعوج؟ ) والمقدمات الباطلة مآلها إلى نتائج باطلة، بل وإلى رد الحق والصواب بحجج وشبهات وتأويلات وانتهجوا لذلك طرقا لهم عديدة، وبالتالي وقعوا في كثير من التناقضات والأقوال الغريبة والشاذة، والتي يصعب ويستحيل تنفيذها على أرض الواقع.
وأبسط مثال وأقربه لذلك أن نحاول أن نتصور جميعاً ما قالوه وكيف سيكون الأمر والحال والنساء مكشوفات الوجوه؟ كيف سيسير الرجال بينهم أو كيف سيتبايعون ويتحادثون فيما يحتاجونه، فهل كلما حاذوا بعضهم البعض أو تلاقوا ألزمنا الجميع بأن يغض بصره ويصرفه عن الآخر؟ هذا غير موجود ولا مذكور في أي عصر من العصور، وكم سينتج من ذلك من الحرج الشديد والمصائب على حياة الناس، وصدق الله {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً} [النساء: 82].
ولهذا فإن الحق المستقيم والذي كان عليه واقع المسلمين في عصورهم الأولى وقبل غربة إسلامهم والموافق لنصوص الوحيين هوالإجماع الذي في آية الإدناء، والإجماع الآتي في آية الرخصة من
قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ولهذا حكاه أكثر من واحد منهم الحافظ ابن حجر وهو: (استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال)(1).
وقال أيضا: (ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب)(2).
وقال الإمام الغزالي: (لم يزل الرجال على ممر الأزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات)(3).
ولا أريد أن أزيد فأخرج عن السياق، ويكفي الإجماع الذي سبق معنا.
(1) حكاه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/ 337). وبمثل ذلك حكاه العيني في عمدة القارئ (20/ 217).
(2)
قاله الحافظ أيضا في الفتح (9/ 424).
(3)
الغزالي في إحياء علوم الدين (2/ 53).