الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله: {ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب) انتهى كلام الطبري رحمه الله.
التحريف والتبديل والتصحيف المعاصر لما لحق كلام شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره لآية الإدناء:
وهنا لا بد لنا من وقفة لا يحتمل السكوت عنها، وتوضيح أمر مفهوم ومعلوم ولم يكن هناك داع لتوضيحه وهو أن تفسير الطبري رحمه الله من أعظم وأشهر كتب التفسير بالمأثور؛ فهو ينقل الآثار عن السلف بالأسانيد، ولهذا كان دقيقاً في تفسيره أكثر من غيره، وينقل جل ما لديه من آثار في تفسير الآية، ولو جاءت العبارات مختلفة عن نفس الصحابي أو التابعي ولو كان معناها ومؤداها واحدا، فإنه ينقل الإسناد والعبارات كما هي ويفرق ويقسم الأقوال لأدنى اختلاف في اللفظ، وذلك حرصا منه رحمه الله في استيعاب المعاني والألفاظ كما جاءت، وإسناد كل قول لقائله من السلف كما ورد عنه بالسند المأثور، وهذا ما أكسبه مكانة ورفعة حتى أصبح شيخ المفسرين بالمأثور، وهذا ما نراه ونقرؤه ونفهمه في تفسيره لهذه الآية.
ولكن من المعاصرين من غاب عنهم هذا المعنى وهذا المنهج الدقيق فتسرع ظنا منه أن في المسألة اختلافا جوهريا بين الصفتين ينصر به مذهبه في القول بعدم وجوب تغطية المرأة لوجهها، ولا شك أن هذا من
التصحيف والتحريف والتبديل لمنهج الأئمة الأعلام وطريقة فهم كلامهم، ثم ما يترتب على ذلك الفهم الخاطئ من التحريف والتبديل لحكم الله ورسوله، وظن أنه بمجرد قول الطبري:(ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به) ظن وجود خلاف في أصل معنى الإدناء، بمعنى أن الطبري قصد من الخلاف هنا خلاف التضاد الذي لا يمكن معه الجمع بين الأقوال في الصفتين المختلفتين لأن مؤداهما ليس لشاء واحد، وهو الأمر بتغطية الوجوه بل لشيئين متضادين، فتكون الصفة الأولى لتغطية الوجه، والثانية لتغطية الرأس فقط، والحقيقة الواضحة من كلام الطبري هو أنه عني بالخلاف هنا خلاف التنوع وهو (في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به) وكيف تكون طريقة الإدناء وطريقة ستر النساء لشعورهن ووجوههن؛ لأنه قد قرر ابتداءً معنى الإدناء وهو مخالفة الإماء وذلك بسترهن لشعورهن ووجوههن إذا خرجن، وبهذا يكون الخلاف خلاف تنوع وليس كما توهمه البعض وذلك لأمور جلية وبينة كالشمس، فإن الطبري قصد بقوله وإن اختلفت الصفة والطريقة للستر ولكن مؤداهما واحد وهو الإدناء الذي أمرهن الله به من ستر الشعر والوجه بأي الصفتين كان ذلك، إما بالسدل والإرخاء والإلقاء من فوق رأسها، وإما بطريقة النقاب والتقنع والبرقع واللثام، ولا يكون بهذه الأمور إلا بطريقة أخرى وهي الشد على الجبين وبالعطف والضرب على الوجه.
وذِكرُ الطبري لكلام السلف في اختلاف طريقة ستر الوجه كان لفائدة عظيمة سنأتي لذكرها، ولكن عدم فهمهم لمقصد ومنهج الصحابة