الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فرض) هو عند كلامهم في حكم أشد وألزم من غيره، كما قالوا في حجاب أمهات المؤمنين وعدم ظهور شخوصهن وعدم الرخصة لهن في كشف وجوههن وأكفهن عند الشهادة ونحوها، بعكس ما هو جائز لغيرهن من النساء، كما تقدم معنا في مبحث الخصوصية.
مذهب القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها لمجرد خروجها:
وذهب فريق آخر من أهل العلم المتقدمين على وجوب ستر المرأة لوجهها وذلك بمجرد خروجها في طريقها، ولو كانت الطريق خالية، لأن في كشفها في طريقها مظنة لأن يراها الرجال، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها)(1).
قال الإمام الطبراني (ت: 360 هـ) عند تفسيره لآية الإدناء: (قال المفسِّرون: يُغطِّين رؤُوسَهن ووجوههن إلا عَيناً واحدة. وظاهرُ الآية يقتضي أنْ يكُنَّ مأمورات بالسَّتر التام عند الخروجِ إلى الطُّرق، فعليهن أن يَستَتِرْنَ إلا بمقدار ما يعرفنَ به الطريق)(2) انتهى.
وسنأتي لمزيد نقل لأقوالهم لاحقاً.
وما سننقله الأن هو تأكيد جديد لما قلناه سابقاً من الإجماع على وجوب ستر وجه المرأة وما فهمه أهل العلم من كلام القاضي عياض لترى كيف أنهم لم يناقشوه او يفهموا منه ما فهمه اليوم دعاة السفور:
(1) أخرجه الترمذي وابن حبان عن ابن مسعود بسند صحيح. انظر الإرواء (1/ 303).
(2)
"التفسير الكبير" للإمام الطبراني. سورة الأحزاب الآية (59).
7 -
فهم الإمام النووي لكلام القاضي عياض:
الإمام النووي هو من نقل كلام القاضي عياض ومع ذلك قال بعده كلاما فسره به يدل على خطأ فهم دعاة السفور اليوم لقوله أو بترهم لكلامه ولعلهم - من غير قصد - لهذا لم ينقلوه بتمامه واقتصروا على نقل كلام القاضي بفهمهم الخاطئ له.
ولهذا سنورده كما جاء في شرح النووي لصحيح مسلم عند شرحه لحديث جرير رضي الله عنه: (قال القاضي: قال العلماء: وفي هذا حجة أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة مستحبة لها، ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي).
فقال النووي عقبه مباشرة: (وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها، أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم)(1) انتهى كلامه.
فهذا هو فهمهم لكلام القاضي عياض، كما أن النووي مشهور بقوله بوجوب تحجب حتى الإماء ولو شعر أن في كلام القاضي شيء مما يقوله أهل السفور اليوم لما سكت عنه فما قاله بعد نقله لكلامه لهو من أدل الأمور على أنهم لم يفهموا من كلام القاضي سفور ولا شيء مما ينسبه إليه أهل السفور اليوم.
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، باب نظر الفجأة (14/ 139).
وقوله: (وفى هذا حجة أنه لايجب على المرأة أن تستر وجهها فى طريقها) وهذا كما سترى فيه خلاف، كما هو ظاهر من قوله، حيث ان بعضهم لم يعتبره حجة وأوجب عليها ستره في طريقها ولمجرد خروجها ولو لم يكن هناك بالطريق رجال؛ لأنهم قالوا أن في خروجها مظنة لأن يراها الرجال من غير أن تشعر فتقع الفتنة بها وردوا على هذا الكلام بأن نظر الفجأة الذي في حديث جرير لا يلزم من وقوعه أن يكون بسبب أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في طريقها الخالي، فقد يحصل لها ذلك أثناء سقوطها أو بسبب ريح أو من فوق سطح أو وهي في بيتها أو غير ذلك ونحوه كثير، فلا يفهم من وقوع نظر الفجأة أنه يجوز للنساء كشفهن لوجوههن في الطريق الخالية.
ولهذا لما كثر الفساد في الناس وتهاونت النساء في الستر منع من ذلك كثير من الأئمة والفقهاء ممن كانوا يرون جواز ذلك احتياطاً وورعاً من فساد الناس وتساهلهم.
8 -
وهذا ما نقله الشوكاني عن ابن رسلأن: (ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه وبخاصة عند فساد الناس)(1) انتهى.
ومعناه ظاهر فلا يجوز النظر للنساء أو كشفهن للوجوه إلا لحاجة.
ويزيدك تأكيدا على أنهم قصدوا ذلك.
9 -
ما قاله الشوكاني في "السيل الجرار": (وأما تغطية وجه المرأة - يعني في الإحرام - فلما روي أن إحرام المرأة في وجهها، ولكنه لم
(1) نيل الأوطار للشوكاني (6/ 114).
يثبت ذلك من وجه يصلح للاحتجاج به، وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عائشة قالت:«كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه» وليس فيه ما يدل على أن الكشف لوجوههنَّ كان لأجل الإحرام بل كنّ يكشفن وجوههن عند عدم وجوب من يجب سترها منه، ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه) (1).
10 -
وقال الصنعاني: (يباح كشف وجهها حيث لم يأتِ دليل بتغطيته والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها الأجنبي، فهذه عورتها في الصلاة وأما عورتها بالنظر إلي أجنبي إليها فكلها عورة)(2).
12 -
قال في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج - شافعي-: (من تحققت من نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم)(3).
فهل يقول أحد أن المصنف يقول بسفور وجه المرأة بين الرجال ودون أن يكمل العبارة أو يفهم مقصده ومراده بتمامه ومما قاله بعده في حال لو تيقنت من نظر أجنبي لها أنه (يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم)؟ .
13 -
ومثله قال ابن حجر في التحفة: (نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم) انتهى.
(1) السيل الجرار (2/ 180).
(2)
سبل السلام (1/ 383).
(3)
حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (6/ 193).
وهذا ما عنيه تماماً القاضي عياض وهو كشفها في طريقها ولا ناظرَ لها من الرجال.
وكأنهم اعتبروها رخصة يجوز لها كشف وجهها عند خلو الطريق ولكن عند فساد الناس لم يتساهلوا فيه كما لم يتساهلوا من قبل في كشف الشابة لوجهها عند الرخصة ولو لحاجة، وكما منعوا الخاطب من النظر للمخطوبة، وهكذا شددوا حتى لا يتساهل الناس وبخاصة عند ظهور الفساد وهذا من حق الأئمة وفي مقدورهم فعله وهو رد الناس لضابط الرخص كما تقدم معنا.
14 -
وقال في فتح العلام بشرح مرشد الأنام قوله: (نقل عن القاضي عياض المالكي عن العلماء: أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة وعلى الرجال غض البصر عنها، وضعَّفَ الرملي كلام القاضي وذكر أن الستر واجب لذاته، ثم قال: وحيث قيل بالجواز كره وقيل: خلاف الأولى. وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح حرم النظر إلى المنقبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها، أي ما دار بهما كما بحثه الأذرعي لا سيَّما إذا كانت جميلة)(1) انتهى.
وانظر كيف يحتاطون وبخاصة عند جمال المراة أو شبابها أو وهي منقبة وبخاصة عند فساد الأزمان، وانظر كيف فهم الرملي مقصد القاضي عياض وكيف كان رده ونقاشه معه، فقوله (خلاف الأولى) أي أنه من الأولى خروجها مستترة ولو في عدم وجود الرجال وعلى هذا فيكون غض البصر في الحديث هو عن المرأة المنقبة، كما قال:
(1) فتح العلام بشرح مرشد الأنام (1/ 41) ونحوه في مغني المحتاج (3/ 129).
(وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح حرم النظر إلى المنقبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها) فالتحريم حتى في النظر للمنقبة، ولا يلزم منه ما فهمه القاضي عياض لكيفية حصول نظرة الفجأة حتى يقال بجواز خروجهن مكشوفات الوجوه عند خلو الطريق من الرجال.
15 -
قال في مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج من "كتاب النكاح": (وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ بَالِغٍ إلى عَوْرَةِ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ أجنبيةٍ وَكَذَا وَجْهُهَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ وَكَذَا عَنْدَ الأمن عَلَى الصَّحِيحِ)(1) قال الشارح: (عَلَى الصَّحِيحِ) وَوَجَّهَهُ الإمام بِاتِّفَاقِ المسلمين عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ الخروج سافرات الْوُجُوهِ، وَبِأن النَّظَرَ مَظِنَّةٌ لِلْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ
…
وَظَاهِرُ كلام الشَّيْخَيْنِ (2) أن السِّتْرَ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ فَلا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَمْعُ وَكلام الْقَاضِي ضَعِيفٌ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالْجَوَازِ كُرِهَ وَقِيلَ: خِلَافُ الأولى، وَحَيْثُ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ هَلْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلى المنتقبة التي لا يَتَبَيَّنُ مِنْهَا غَيْرُ عَيْنَيْهَا وَمَحَاجِرِهَا أو لا؟ .
قَالَ الأذرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أنهُ لا فَرْقَ (3)، لا سِيَّمَا إذا كانت جَمِيلَةً فَكَمْ فِي المحاجر مِنْ خَنَاجِر) انتهى.
16 -
وقال الشيخ يوسف بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي: (ولا يجوز للرجل النظر إلى أجنبية إلا العجوز الكبيرة التي لا تشتهى
(1) وقد ذهب لتحريم النظر للمرأة ولو عند الأمن من الفتنة ولو لحاجة كثير من الأئمة مر معنا كلامهم في مبحث نقل اقوال الفقهاء.
(2)
يعني النووي والرافعي.
(3)
أي لا فرق في تحريم النظر للمرأة سواءً كانت كاشفة لشيء من زينتها أو مستترة منقبة.
مثلها والصغيرة التي ليست محلًا للشهوة ويجب عليه صرف نظره عنها، ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت) (1) انتهى.
وقوله: (ويجب عليه صرف نظره عنها) هو تماماً نفس كلام القاضي:
(ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض شرعي) أي سواء خرجت كاشفة معتقدة خلو الطريق من نظر الرجال إليها أو كانت مستترة فلا يجوز أيضا النظر إليها وتأملها من خلف جلبابها ولو بدون شهوة، كما قاله الكثيرون من أهل العلم، أما مع الشهوة يتأملها من خلف حجابها فهذا باتفاق عندهم حرام.
ومع ذلك قال هنا بعده: (ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت) ولتعلم أن مقصد القاضي هو نفسه ما قاله غيره في سير المرأة في طريقها حيث لا يوجد رجال ولا فتنة ولا شهوة ومثله:
17 -
قال في البحر الرائق شرح كنز الدقائق - حنفي- في المحرمه (والمراد بكشف الوجه عدم مماسة شيء له فلذا يكره لها أن تلبس البرقع لأن ذلك يماس وجهها، كذا في المبسوط، ولو أرخت شيئا على وجهها وجافته لا بأس به، كذا ذكر الأسبيجابي، لكن في فتح القدير أنه يستحب وقد جعلوا لذلك أعوادا كالقبة توضع على الوجه وتستدل من فوقها الثوب، وفي فتاوى قاضي خان، ودلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة. ا. هـ. وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجب عليها إن كان المراد لا يحل أن تكشف فمحمل الاستحباب عند عدمهم وعلى أنه عند عدم
(1) مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام (صـ 120).
الإمكان فالواجب من الأجانب غض البصر، لكن قال النووي في شرح مسلم قبيل كتاب السلام في قوله:«سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» قال العلماء وفي هذا حجة أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجال غض البصر عنها إلا لغرض شرعي. ا. هـ. وظاهره نقل الإجماع فيكون معنى ما في الفتاوى لا ينبغي كشفها، وإنما لا تجهر بالتلبية لما أن صوتها يؤدي إلى الفتنة على الصحيح أو عورة على ما قيل كما حققناه في شروط الصلاة) (1) انتهى.
وانظر لقول الإمام من أتباع أبي حنيفة النعمان - عليهم رحمة الله - حيث قال: (وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجب عليها) فدل على ما سبق وقلناه من أن قول من قال أن الوجه ليس بعورة لا يلزم منه عندهم عدم وجوب ستره، وكذلك يدل على أن الإجماع على ستر المحرمة لوجهها عند وجود الأجانب أوجب من إجماعهم على كشفه للإحرام وهذا باتفاقهم جميعا.
18 -
وقال في المنتقى شرح الموطأ للإمام الباجي المالكي: (مسألة: إذا ثبت ذلك فعلى المرأة أن لا تلبس مواضع الإحرام منها مخيطا يختص به والذي يختص بالوجه من المخيط النقاب والبرقع والذي يختص بالكفين القفازان فوجب على المرأة أن تعريهما من ذلك ويستحب لها أن تعريهما من غير ذلك من اللباس فإن أدخلت يديها في قميصها فلا شيء عليها؛ لأن ذلك لا يختص بها ولا سبيل إلى
(1) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (فصل لم يدخل مكة ووقف بعرفة).
الاحتراز منه وبالله التوفيق. قولها: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات تريد أنهن كن يسترن وجوههن بغير النقاب على معنى التستر؛ لأن الذي يُمنع النقاب أو ما يجري مجراه على ما ذكرناه، وإضافة ذلك إلى كونهن مع أسماء بنت أبي بكر؛ لأنها من أهل العلم والدين والفضل وأنها لا تقرهن إلا على ما تراه جائزا عندها ففي ذلك إخبار بجوازه عندها وهي ممن يجب لهن الاقتداء بها وإنما يجوز أن يخمرن وجوههن على ما ذكرنا بأن تسدل ثوبا على وجهها تريد الستر ولا يجوز أن تسدله لحر ولا لبرد فإن فعلت ذلك فعليها الفدية) انتهى.
والمقصد مما تقدم هو التنبيه فيما يختلفون وحديث عائشة وأسماء وفاطمة بنت المنذر وغيرها دليل على كشفهن في الطريق ولا رجال وهو كافٍ لبيان مقصد ومراد الأئمة كالقاضي عياض وغيره ودليل لمن ذهب لمثل هذا القول من جواز كشف المرأة لوجهها حيث لا رجال يرونها وهو أيضا رد لشبهة أهل السفور ولم يقل أحد من المتقدمين أن حديث جرير أو عائشة أو كلام القاضي عياض يدل على عدم وجوب ستر المرأة لوجهها أو أن سترها لوجهها عند الرجل سنة ومستحب، وإنما قالوا في طريقها.
أو كما قال ابن مفلح للأجنبيات كنحو إماء الغير أو الأجنبيات من الكافرات، فتنبه للفرق الشاسع بين ما يختلفون فيه وبين ما يقوله وينسبه لهم دعاة السفور اليوم، حيث أنهم لو قصدوا وأرادو النساء المسلمات الحرائر لما صعب عليهم ذلك ولما أستدل ابن مفلح بمثل ما استدلوا به من إنكار عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الإماء التستر والتشبه بالحرائر أو استدلالهم في المسألة بحديث المكاتب ونحو ذلك، مما هو
بعيد جداً عن استدلالات أهل السفور اليوم، ولصرحوا به أبلغ تصريح كما صرحوا في آية الإدناء وغيرها بأنها الأمر للنساء الحرائر بستر وجوههن وهذا غاية ما عند أهل السفور من الأدلة لينصروا مذهبهم بأدنى الاحتمالات والأوهام والشبه، أليس في أقوال المتقدمين قول صريح لما يريدونه حتى لووا أعناق الأدلة وأقوال أهل العلم لتوافق أهوائَهم، ولو أدى ذلك لتحريفها وتبديلها وتصحيفها من غير أن يشعروا.
ويكفيك أن تعلم أن كل ما قالوه وفهموه وفسروه على أنها أدلة من الكتاب والسنة على سفور وجه المرأة المسلمة لم يكن لهم في ذلك القول والفهم والتفسير سلف.
ولم تُثَرْ هذه البلبلة والشبه إلا حديثا، فليس في أقوال المتقدمين ما يخالف وجوب ستر المرأة لوجهها بل العكس كما هي النقول عنهم هنا عن أجلة الأعلام فمن بقي لهم؟ فكان في موضع ما ادعاه القوم رد على باطلهم لو يعلمون.