الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلاف المذاهب الأربعة في مسألة الحجاب كان من اختلاف التنوع
وذلك لأن عصر أولئك الأئمة وظهور نشأة مذاهبهم، كان في العصور المتقدمة جداً والقريبة من عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وقد سبق لنا إجماع أولئك على فريضة الحجاب وأنه الأمر بتغطية النساء لوجوههن، بما تناقلته الأخبار والآثار عن السلف دون وجود أثر واحد عن أحد منهم يقول فيه بجواز أن تسفر المرأة عن وجهها، كما مر معنا عند تفسير قوله تعالى في آية (الإدناء) فلزم الرجوع إليه هناك، ولغيرها من الأحاديث والآثار في ذلك، فكيف يقال أن من أئمة المذاهب الأربعة وبخاصة من المتقدمين منهم بل والمعاصرين لتلك القرون المفضلة كانوا على خلاف ذلك الإجماع والتواتر، مع ما عرفوا به جميعاً من علم وحكمة وحسن اتباع للكتاب والسنة ولمنهج الصحابة والتابعين في وجوب ستر النساء لوجوههن كما سنأتي ونبينه بمشية الله تعالى من نصوصهم العديدة.
المناهج الفقهية للمذاهب الأربعة:
وكما هو معلوم فقد كان لكل واحد منهم منهجه ومدرسته في الإستنباط والأصول والقواعد على الأحكام، فكثيراً ما تمر عليهم المسائل في الحلال والحرام وبلا ريب يكونون متفقين في الحكم عليها، ولكن قد يحصل اختلافهم من ناحية أخرى في فهم ومعرفة سبب
وعلة ذلك الحكم الشرعي، ويكون خلافهم عندئذ من قبيل خلاف التنوع لا خلاف التضاد، وهذا معلوم ومشهور في غالب كلامهم على مسائل الفقه ليس هذا المجال مجال بسطها هنا، ومثال ذلك كاتفاقهم في تحريم كثير من أنواع البيوع والمعاملات التي جاءت النصوص الشرعية الصريحة من الكتاب والسنة في النهي عنها كالربا ونحوه، ولكن عندما يستنبطون من الأحكام العلل والمقاصد، فكثيرا ما يختلفون فمنهم من يقول علة التحريم لتلك البيوع والتعاقدات هي أكل أموال الناس بالباطل، ويذهب غيرهم إلى أن علة التحريم وسببه هو الغرر أو الجهالة، وقد يصل اختلافهم في بعض المسائل لحدٍ كبير من النقاش والجدال الفقهي الذي يطول لاعتبارات كثيرة مما يحسب معه العامي ممن لا فقه عنده ولا دراية بأحوالهم، أنهم مختلفون في أصل المسألة وأساسها، والحق أنهم متفقون في أصل حكم المسألة، وكذلك في صحة كثير من العلل والاستنباطات والمقاصد، فمثلاً الربا وغيره من البيوع المحرمة فهي أكل لأموال الناس بالباطل وهي أيضا من باب الغرر والجهالة في بعضها الآخر، وهكذا في كثير من أوامر الشريعة المطهرة كفريضة الأمر بأداء الزكاة فمن قائل أنها لتزكية وطهارة النفوس والأموال، ومن قائل أنها للنماء والزيادة في الأموال، وغير ذلك، وكله حق وصواب.