المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تاريخ نزول أول الآيات في مسألة الحجاب: - كشف الأسرار عن القول التليد فيما لحق مسألة الحجاب من تحريف وتبديل وتصحيف

[تركي بلحمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌(المبحث الأول)سورة الأحزاب وأول ما نزل من الآيات في مسألة الحجاب وما لحق تفسيرها من تحريف وتصحيف وتبديل

- ‌تاريخ نزول أول الآيات في مسألة الحجاب:

- ‌كيف مهد الإسلام لتشريع فريضة الحجاب

- ‌أول ما نزل في شأن الحجاب:

- ‌آية الحجاب وإجماع المفسرين عليها

- ‌التحريف والتبديل والتصحيف المعاصر لما لحق كلام شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره لآية الإدناء:

- ‌اختلاف ألفاظ السلف في التفسير غالباً ما يكون اختلاف تنوع:

- ‌الأدلة والنقول على أن (القناع) يأتي بمعني ستر الوجه:

- ‌مخالفة الشيخ الألباني لإجماع المسلمين في تفسيره لقوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن}

- ‌آيات الحجاب لم تنزل مرة واحدةولها تسلسل ووقائع

- ‌(المبحث الثاني)سورة النور وما فيها من أدلة أخرى على أن الحجاب قد فرض قبلها وقبل ما فيها من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

- ‌تناقض أهل السفور في مسألة غض البصر:

- ‌التبرج انفلات لا يقف عند حد:

- ‌سورة النور والرخصة بجواز أن تبدي المرأة من زينتها ما تدعو الحاجة والضرورة إليه

- ‌سورة النور فصلت ما أُجمل في سورة الأحزاب:

- ‌مصطلح أمن الشهوة ونحوه عند الفقهاء المتقدمين وما أصابه من التحريف والتبديل والتصحيف:

- ‌بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز نظر الخاطب لمخطوبته نوع من تفسيره للآية:

- ‌(المبحث الثالث)أقوال الصحابة في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْها} [النور: 31]

- ‌أقوال الصحابة واختلافهم في تفسير آية: {إلا ما ظهر منها} كان من اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد

- ‌الجمع بين أقوال الصحابة في الآية:

- ‌ومن تلكم الحالات:

- ‌حالة المرأة الساترة لوجهها واحتاجت لكشف العينين فقط أو الكفين:

- ‌حالة احتياج المرأة لكشف زينة وجهها أو كفيها:

- ‌مقصد الإمام الطبري عند تفسيره للآية:

- ‌حالة احتياج المرأة لتكشف أكثر من الوجه أو الكفين:

- ‌حالة احتياج المرأة لظهور زينتها المكتسبة كالثياب ونحوها:

- ‌فرض لبس الجلباب عند خروج المسلمات الصالحات:

- ‌حالة ظهور زينة المرأة رغما عنها وبغير قصد منها:

- ‌منهج السلف في التفسير:

- ‌منهج الصحابة والتابعين عند تفسيرهم لآية الرخصة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه}

- ‌منهج أئمة التفسير والفقه عند تفسيرهم لآية الرخصة:

- ‌(المبحث الرابع)التحريف والتبديل فيما لحق كلام أئمة المذاهب الأربعة في فريضة الحجاب

- ‌اختلاف المذاهب الأربعة في مسألة الحجاب كان من اختلاف التنوع

- ‌المناهج الفقهية للمذاهب الأربعة:

- ‌فريضة الحجاب عند المذاهب الأربعة:

- ‌(محاورة)حجة القائلين أن الوجه والكفين ليسا من العورة وأن ذلك لم يمنع من قولهم بوجوب ستره لعلة الفتنة والشهوة

- ‌أدلة ونقول أئمة الفقهاء من الأحناف والمالكية وغيرهم وتفسيرهم لقوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} بأنها رخصة وتحديدهم القدر المرخص للمرأة أن تبديه بأمور منها بما يظهر في صلاتها

- ‌(باب شروط الصلاة):

- ‌اعتراض الألباني على الأئمة في طريقة استدلالهم لتحديد قدر الرخصة لأنه يظن أنهم يستدلون به للسفور

- ‌قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

- ‌بقية أدلة الأحناف والمالكية وغيرهم في تفسير الآية بأنها رخصة وتحديدهم القدر المرخص لها أن تبديه في الغالب وأن قولهم ليس بعورة لا يعني عدم وجوب ستره

- ‌(محاورة)حجة القائلين أن علة الأمر بستر الوجه والكفين لكونهما من العورة

- ‌قول أتباع كل مذهب بقول المذهب الآخر وتعدد الروايات في المذهب الواحد دليل على أن اختلاف المتقدمين في فريضة الحجاب كان من قبيل اختلاف التنوع

- ‌خطأ الشيخ الألباني رحمه الله في نسبته مذهب السفور للقائلين أن الوجه والكفين ليسا بعورة:

- ‌وبالعكس فمع ذلك قد تجد بعض أئمة الأحناف والمالكية وبعض الشافعية يقول أن المرأة عورة وذلك لأن الأمر واسع كما قلنا ومثاله:

- ‌وهناك قسم آخر من بعض الأئمة أخذوا يفصلون بنوع آخر وهو أن الوجه والكفين من المرأة عورة، ولكنه في حق من جاز نظره إليها لا يكون بالنسبة لهم من العورة لورود الدليل المبيح في ذلك، وهذا يدلك أن الأمر فيه سعة ولا يترتب عليه في أصل المسألة شيء ومثاله:

- ‌خلاصةأقوال أئمة المذاهب الأربعة في مسألة هل الوجه والكفين عورة أم لا

- ‌سبب ذكرنا لتأصيل المذاهب لمسألة الحجاب:

- ‌(المبحث الخامس)إكمال نقل إجماع المفسرين على أن الآية رخصة وليست تشريعاً لفريضة الحجاب

- ‌فائدة في حكمة التكرار في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}:

- ‌حكمة عدم التحديد في قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها}:

- ‌لو لم تنزل آية الرخصة

- ‌مخالفة الألباني للإجماع في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

- ‌تفسير قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وقول الألباني أن الخمار لا يأتي لستر الوجه

- ‌تصحيف الشيخ الألباني لكلام الحافظ ابن حجر

- ‌تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بأرجلهن لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور 31]

- ‌(المبحث السادس)خصوصية أمهات المؤمنين في فرض الحجاب عليهن وما لحقها من التحريف والتصحيف والتبديل

- ‌التمهيد لنزول فريضة الحجاب:

- ‌موقف الصحابة من آيات الحجاب وأمهات المؤمنين:

- ‌طريقة حجاب النساء داخل البيوت والإجماع في ذلك:

- ‌لماذا ذكرت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بالذات

- ‌طريقة حجاب النساء خارج البيوت والإجماع في ذلك:

- ‌معنى الخصوصية في حجاب أمهات المؤمنين عند المتقدمين وما لحقها من التحريف والتبديل والتصحيف

- ‌الخصوصية الأولىالأدلة على أن معنى الخصوصية التي قصدها بعض المتقدمين لأمهات المؤمنين هي في تغليظ حجابهن بعدم جواز ظهور أشخاصهن أو الرخصة لهن في كشف الوجه والكفين كغيرهن

- ‌وممن قال بهذه الخصوصية من نوع التغليظ:

- ‌وممن قال أيضاً بالخصوصية من نوع تغليظ الحجاب على أمهات المؤمنين

- ‌الخصوصية الثانيةالأدلة على أن معنى الخصوصية الثانية والتي عناها المتقدمون لأمهات المؤمنين هي أنهن حجبن عن أبنائهن فكن بذلك مخصوصات عن بقية الأمهات وكن كالأجنبيات

- ‌خلاصة الكلام في خصوصية أمهات المؤمنين

- ‌الأول: أنهن مخصوصات بعدم ظهور شخوصهن فضلا عن عدم جواز ظهور الوجه والكفين منهن ولو عند الحاجة كما هو جائز لغيرهن

- ‌والثاني: أنهن مخصوصات بالحجاب من أبنائهن ومن يحرم النكاح بهم فكن بذلك دون بقية الأمهات ومن يحرم النكاح بهن اللاتي لم يفرض عليهن ذلك

- ‌تناقض أهل السفور واختلافهم في معنى الخصوصية المحدثةوما أوردوه من شبهات بخصوصها

- ‌رد شبهةعن الإمام القاضي عياض

- ‌كشف المُحْرِمَة وجهها في طريقها عند عدم وجود الرجال الناظرين لها وتناقص أهل السفور فيه:

- ‌مذهب القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها لمجرد خروجها:

- ‌الشبهة المثارة من أهل السفور عن مالك في جواز مؤاكلة المرأة للرجل

- ‌قول أهل السفور نتيجة حتمية لما هو الحاصل اليوم:

- ‌منهج الإمام ابن حزم الظاهري في مسالة الحجاب وما لحقه من تحريف وتبديل وتصحيف

- ‌نَقلُ أهل السفور هجوم ابن حزم على من فرق بين الأَمة والحرة في لبسهن للجلابيب في الصلاة وخارجها:

- ‌وقال ابن القيم: - فصل: الفرق بين النظر إلى الحرة والأمة

- ‌معنى الجلابيب عند الإمام ابن حزم موافق لإجماع أهل العلم:

- ‌(المبحث السابع)استدلالات أهل السفور بالسنة على شبهاتهم

- ‌أولاً: حديث الفضل بن عباس ومخالفتهم لفهم السلف له:

- ‌الوجه الأول: في رد هذه الشبهة وهي عدم وجود ما ادعوه أصلا من كشف الوجه في الحديث:

- ‌الوجه الثاني: وهو على فرض كونها كانت كاشفة عن وجهها:

- ‌ثانيا: استدلالهم بحديث سفْعَاء الخدين

- ‌ثالثا: شبهة استدلالهم بحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق ومخالفتهم لفهم السلف له

- ‌خطأ الألباني في فهم مراد الإمام البيهقي

- ‌تضعيف البيهقي لحديث أسماء بنت عميس الثاني من طريق ابن لهيعة من"كتاب النكاح

- ‌رابعا: استدلالهم بحديث الواهبة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشبهة أهل السفور فيه

- ‌خامسا: ومن أمثلة شبهاتهم الواهية التي ينقلونها:

- ‌ومن أمثلة غرائب استدلالات أهل السفور وشبههم:

- ‌سادساً: استدلالهم لمثل هذا بما جاء في جلباب المرأة للألباني:

- ‌خلاصة شبهات أهل السفور اليوم وبدعة القول أن في تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال سنة ومستحب

- ‌مذهب السلف في مسائل الشبهات:

- ‌(المبحث الثامن)الرخصة الثانية في سورة النور وإجماع أهل العلمقال تعالى: {وَالقواعد مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ متبرجات بِزِينَةٍ وَأن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّ

- ‌(المبحث التاسع)الأدلة من السنة والآثار على فريضة ستر المرأة وجهها عن الرجال

- ‌وختاماً:

الفصل: ‌تاريخ نزول أول الآيات في مسألة الحجاب:

‌تاريخ نزول أول الآيات في مسألة الحجاب:

أترك الجواب للصحابي الجليل أنس بن مالك خادمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كنت ابن عشر سنين مَقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أمهاتي يواظبنني على خدمة رسول الله فخدمته عشر سنين وتوفي صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن عشرين سنة وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل وكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله بزينب بنت جحش أصبح النبي بها عروساً فدعا القوم فأصابوا من الطعام ثم خرجوا وبقي رهطٌ منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث، - وفي رواية - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ وزوجته موليةٌ وجهها إلى الحائط، فقام النبي فخرج وخرجْتُ معه لكي يخرجوا فمشى ومشيت حتى جاء عتبة حجرة عائشة - وفي رواية - فانطلق إلى حجرة عائشة فقال السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته فقالت وعليك السلام ورحمة الله كيف وجدت أهلك بارك الله لك؟ فتقَّرى حُجَر نسائه كلهن يقول لهن كما يقول لعائشة ويقلن له كما قالت عائشة - إلى أن قال- فإذا هم قد خرجوا فضرب النبي بيني وبينه بالستر - وفي رواية - فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه وأنزل الحجاب فخرج رسول الله وقرأهن على الناس:{يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} إلى قوله: {من وراء حجاب} [الأحزاب: 53] أخرجه الشيخان وغيرهما.

قال الإمام ابن كثير في تفسيره: (هذه آية الحجاب وفيها أحكام وآداب شرعية وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي

ص: 13

الله عنه كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال: وافقت ربي عز وجل في ثلاث: قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِن مقام إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] وقلت: يا رسول الله أن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو حجبتهن، فأنزل الله آية الحجاب، وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تمالأن عليه في الغيرة:{عَسَى رَبُّهُ إن طَلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ} [التحريم: 5] فنزلت كذلك، وفي رواية لمسلم، ذكر أسارى بدر وهي قضية رابعة.

وقد قال البخاري: حدثنا مسدد عن يحيى عن حميد عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب وكان وقت نزولها في صبيحة عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش الأسدية التي تولى الله تعالى تزويجها بنفسه، وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة في قول قتادة والواقدي وغيرهما وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى وخليفة بن خياط أن ذلك كان في سنة ثلاث، فالله أعلم) انتهى من ابن كثير.

وبهذا يتبين أن بدايات أمر الحجاب وفرضه كانت بعد غزوة الأحزاب وبني قريظة في سورة الأحزاب وأن آياتها من أول ما أنزل في ذلك ومنها قوله تعالى: {يا أيها النَّبِيُّ قُل لأزواجك وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذَلِكَ أَدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكان اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 59].

ص: 14

أما سورة النور وما فيها من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، فقد نزلت بعد ذلك بفترة، فكان ما فيها من آيات عديدة في مسائل الحجاب تفصيل وبيان واستثناء ورخص من الأصل السابق، وهذا معلوم من طريقة القرآن وأسلوبه ورحمة الله بعباده والتوسعة عليهم، والدليل على ذلك أمور جلية وبينة منها:

1 -

أن سورة الأحزاب وحادثة التحزب والخندق المذكورة في السورة كانت في السنة الخامسة من الهجرة على الصحيح المشهور كما قاله ابن كثير في تفسيره وابن إسحاق وغيرهم (1)، فهي بلا خلاف قبل سورة النور والتي ذُكر في آياتها وقائع حادثة الإفك التي وقعت في السنة السادسة للهجرة.

2 -

أن سورة النور ذكرت حادثة الإفك كما في الآية رقم (11) ثم جاء بعدها قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وقد بينت عائشة رضي الله عنها عند روايتها للحادثة التي وقعت لها أنهن قد أمرن قبل ذلك بتغطية وجوههن عن الرجال كما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما فيما حكته عن نفسها قالت: (وكان صفوان من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان فأتاني، فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت

(1) سيرة ابن هشام (3/ 165). وقد جزم ابن حزم في جوامع السيرة (صـ 147) وابن القيم في زاد المعاد (3/ 269)، وغيرهما من العلماء المحققين بصحة قول ابن إسحاق.

ص: 15

وجهي بجلبابي)، فدل بوضوح أن الحجاب قد فرض قبل سورة النور وقبل ما فيها من قوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَاظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].

3 -

الحديث المتقدم لخادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم الناس بشأن الحجاب وقوله: (وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل وكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله بزينب بنت جحش) متفق عليه.

وقد ذكر أهل السير أن زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب، كان في السنة الخامسة للهجرة مما يدل على أن أول بدايات نزول آيات فرض الحجاب كانت في سورة الأحزاب التي ذكرها أنس وما بعدها من الآيات في نفس السورة، كقوله تعالى:{يدنين عليهن من جلابيبهن} وهي المتقدمة على سورة النور وما فيها من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال الحافظ ابن حجر: (ولا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بها فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الإفك)(1) انتهى. كما هو جلي وواضح والحمد لله.

قال الإمام البيهقي: (وغزوة بني قريظة كانت عقيب الخندق في سنة خمس فنزول الحجاب كان بعده والله أعلم)(2) انتهى.

4 -

وسوف نأتي لمزيد من الأدلة الأخرى عند تفسير آيات سورة النور بمشيئة الله تعالى (3).

(1) فتح الباري (8/ 463).

(2)

سنن البيهقي الكبرى (7/ 92)"باب مساواة المرأة الرجل في حكم الحجاب والنظر إلى الأجانب".

(3)

تفسير آيات سورة النور، المبحث الثاني صفحة (93).

ص: 16