الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المبحث الثالث)
أقوال الصحابة في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْها} [النور: 31]
وقبل أن نبدأ في توضيح الآية وبيان مقصد السلف لها، نريد أن ننقل أقوال المفسرين فيها حتى يكون البحث والنقاش أمام القارئ الكريم بكل أمانة علمية ودون إغفال لقول على حساب قول آخر، وبدون بتر أو إهمال للنصوص أو لقول بعض الصحابة على بعض.
قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره: (وَقَوْله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ} يَقُول تعالى ذِكْره: وَلَا يُظْهِرْنَ لِلنَّاسِ الذين لَيْسُوا لَهُنَّ بِمَحْرَمٍ زِينَتهنَّ وَهُمَا زينتان: إحداهما: مَا خَفِيَ وَذَلِكَ كَالخلخال وَالسِّوَارَيْنِ وَالْقُرْطَيْنِ وَالْقَلَائِد. والأخرى: مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَذَلِكَ مُخْتَلَف فِي المعنى مِنْهُ بِهَذِهِ الآية، فَكان بَعْضهمْ يَقُول: زِينَة الثِّيَاب الظَّاهِرَة.
ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابن حُمَيْد قَالَ: ثنا هَارُون بْن المغيرة عَنْ الْحَجَّاج عَنْ أبي إِسْحَاق عَنْ أبي الأحوص عَنِ ابن مَسْعُود قَالَ: الزِّينَة زينتان: فَالظَّاهِرَة مِنْهَا الثِّيَاب وَمَا خَفِيَ: الخلخالان وَالْقُرْطَان وَالسواران. حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ: أخبرنَا ابن وَهْب قَال: أخبرنِي الثَّوْرِيّ عَنْ أبي إِسْحَاق الْهَمْدَانيّ عَنْ أبي الأحوص عَنْ عَبْد اللَّه أنهُ قَالَ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: هِيَ الثِّيَاب. حَدَّثَنَا ابن المثنى قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر قَالَ: ثنا شُعْبَة عَنْ أبي إِسْحَاق عَنْ أبي الأحوص
عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الثِّيَاب. حَدَّثَنَا ابن بَشَّار قَالَ: ثنا عَبْد الرَّحْمَن قَالَ: ثنا سفيان عَنْ أبي إِسْحَاق عَنْ أبي الأحوص عَنْ عَبْد اللَّه مِثْله. قَالَ: ثنا سفيان عَنِ الأعمش عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد عَنْ عَبْد اللَّه مِثْله. قَالَ: ثنا سفيان عَنْ عَلْقَمَة عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الثِّيَاب. حَدَّثَنِي يَعْقُوب قَالَ: ثنا ابن عُلَيَّة قَالَ: أخبرنَا بَعْض أصحابنا أما يُونُس وَأما غَيْره عَنِ الْحَسَن فِي قَوْله: {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الثِّيَاب. حَدَّثَنَا الْحَسَن قَالَ: أخبرنَا عَبْد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا مَعْمَر عَنْ أبي إِسْحَاق عَنْ أبي الأحوص عَنْ عَبْد اللَّه: {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الثِّيَاب. قَالَ أبو إِسْحَاق: ألا ترى أنهُ قَالَ: {خُذُوا زِينَتكُمْ عِنْد كُلّ مَسْجِد} ؟ .
حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ: ثنا الْحُسَيْن قَالَ: ثني حَجَّاج قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن الْفَضْل عَنِ الأعمش عَنْ مَالِك بْن الْحَارِث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد عَنِ ابن مَسْعُود: {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: هُوَ الرِّدَاء. وَقَالَ آخرونَ: الظَّاهِر مِنْ الزِّينَة التي أبيحَ لَهَا أن تُبْدِيه: الْكُحْل، وَالخاتم وَالسواران وَالْوَجْه. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أبو كُرَيْب قَالَ: ثنا مروان قَالَ: ثنا مُسْلِم الملَائِيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ ابن عَبَّاس: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الْكُحْل وَالخاتم. حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الأملِيّ قَالَ: ثنا مروان عَنْ مُسْلِم الملَائِيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مِثْله وَلَمْ يَذْكُر ابن عَبَّاس. حَدَّثَنَا ابن حُمَيْد قَالَ: ثنا هَارُون عَنْ أبي عَبْد اللَّه نَهْشَل عَنِ الضَّحَّاك عَنِ ابن
عَبَّاس قَالَ: الظَّاهِر مِنْهَا: الْكُحْل والخدان. حَدَّثَنَا ابن بَشَّار قَالَ: ثنا أبو عَاصِم قَالَ: ثنا سفيان عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن هُرْمُز عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَال: الْوَجْه وَالْكَفّ. حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد قَالَ: ثنا مروان بْن معاوية عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن هُرْمُز ألمكِّيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مِثْله. حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل قَالَ: ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم قَالَ: ثنا أبو عَمْرو عَنْ عَطَاء فِي قَوْل اللَّه: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الكفان وَالْوَجْه. حَدَّثَنَا ابن بَشَّار قَالَ: ثنا ابن أبي عَدِيّ عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ: الْكُحْل وَالسواران وَالخاتم.
حَدَّثَنِي عَلِيّ قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه قَالَ: ثني معاوية عَنْ عَلِيّ عَنِ ابن عَبَّاس قَوْله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: وَالزِّينَة الظَّاهِرَة: الْوَجْه وَكُحْل الْعَيْن وَخِضَاب الْكَفّ وَالخاتم فَهَذِهِ تَظْهَر فِي بَيْتهَا لِمَنْ دَخَلَ مِنْ النَّاس عَلَيْهَا. حَدَّثَنَا الْحَسَن قَالَ: أخبرنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَ: أخبرنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: المسكَتَان وَالخاتم وَالْكُحْل. قَالَ قَتَادَة: وَبَلَغَنِي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَحِلّ لِامرأة تُؤْمِن بِاللَّهِ وَاليوم الآخر أن تُخْرِج يَدهَا إلا إلى هَا هُنَا". وَقَبَضَ نِصْف الذِّرَاع. حَدَّثَنَا الْحَسَن قَالَ: أخبرنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَ: أخبرنَا مَعْمَر عَنِ الزُّهْرِيّ عَنْ رَجُل عَنِ المسوَر بْن مَخْرَمَة فِي قَوْله: {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الْقُلْبَيْنِ وَالخاتم وَالْكُحْل: يَعْنِي السِّوَار. حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ: ثنا الْحُسَيْن قَالَ: ثني حَجَّاج عَنِ ابن جُرَيْج قَالَ: قَالَ ابن عَبَّاس قَوْله: {وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الخاتم وَالمسكَة. قَالَ ابن جُرَيْج وَقَالَتْ عَائِشَة: الْقُلْب وَالْفَتْخَة، قَالَتْ عَائِشَة: دَخَلَتْ عَلَيَّ ابنة أَخِي لِأمي عَبْد اللَّه بْن الطُّفَيْل مُزَيَّنَة، فَدَخَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرَضَ فَقَالَتْ عَائِشَة: يَا رَسُول اللَّه إنهَا ابنة أَخِي وَجَارِيَة. فَقَالَ: "إذا عَرَكَت المرأة لَمْ يَحِلّ لَهَا أن تُظْهِر إلا وَجْههَا، وَإلا مَا دُون هَذَا" وَقَبَضَ عَلَى ذِرَاع نَفْسه فَتَرَكَ بَيْن قَبْضَته وَبَيْن الْكَفّ مِثْل قَبْضَة أخرى. وَأَشَارَ بِهِ أبو عَلِيّ قَالَ ابن جُرَيْج وَقَالَ مُجَاهِد: قَوْله: {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الْكُحْل وَالخضاب وَالخاتم. حَدَّثَنَا ابن حُمَيْد قَالَ ثنا حُمَيْد قَالَ: ثنا جَرِير عَنْ عَاصِم عَنْ عامر: {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ الْكُحْل وَالخضاب وَالثِّيَاب. حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ أخبرنَا ابن وَهْب قَالَ: قَالَ ابن زَيْد فِي قَوْله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} مِنْ الزِّينَة الْكُحْل وَالخضاب وَالخاتم هَكَذَا كانوا يَقُولُونَ وَهَذَا يَرَاهُ النَّاس. حَدَّثَنِي ابن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ قَالَ: ثنا عُمَر بْن أبي سَلَمَة قَالَ: سُئِلَ الأوزاعي عَنْ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الْكَفَّيْنِ وَالْوَجْه.
حَدَّثَنَا عَمْرو بْن بُنْدُق قَالَ ثنا مروان عَنْ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْل: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ} قَالَ الْكَفّ وَالْوَجْه.
وَقَالَ آخرونَ: عَنَى بِهِ الْوَجْه وَالثِّيَاب. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابن عَبْد الأعْلَى قَالَ: ثنا ألمعْتَمِر قَالَ: قَالَ يُونُس {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ الْحَسَن: الْوَجْه وَالثِّيَاب. حَدَّثَنَا ابن بَشَّار قَالَ ثنا ابن أبي
عَدِيّ وَعَبْد الأعْلَى عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنِ الْحَسَن فِي قَوْله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: الْوَجْه وَالثِّيَاب.
وَأولَى الأقوال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ: قَوْل مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ الْوَجْه وَالكفان يَدْخُل فِي ذَلِكَ إذا كان كَذَلِكَ الْكُحْل وَالخاتم وَالسِّوَار وَالخضاب. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل لإجماع الجميع على أن على كل مصل أن يستر عورته في صلاته وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف. فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة كما ذلك للرجل، لأن ما لم يكن عورة، فغير حرام إظهاره. وإذا لها إظهار ذلك كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله: إلا ما ظهر منها لأن كل ذلك ظاهر منها) انتهى من تفسير الطبري.
وبمثل هذه الأقوال تدور أغلب التفاسير بل ومسانيد المحدثين عن الصحابة والتابعين فلا حاجة بنا لزيادة النقل والتطويل في هذا الخصوص بالذات وقد ثبت بحمد الله، لأننا سننقل فيما بعد كلام أئمة التفسير في معنى {إلا ما ظهر منها} وأنهم قد فهموا منها ومن أقوال السلف فيها ما يفيد كونها رخصة لأن تبدي المرأة من زينتها ما تدعو الحاجة لإظهاره وسننقل نصوصهم بكثرة كما نقلناها من قبل في آية الإدناء.