الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاصة شبهات أهل السفور اليوم وبدعة القول أن في تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال سنة ومستحب
وكما ترى فهذه أشهر الأدلة في كتب أهل السفور وهي مع ذلك بين ضعيفة في سندها أو معناها أو دلالتها أو فهمها فهي بعيدة عن فهم ومقصد المتقدمين لها وغير صريحة على قولهم بكشف المرأة لوجهها ولهذا فليس عندهم دليل إلا الاحتمالات والظنيات وهو باب خطير لو فتح فلقائلٍ من أهل الفسق أن يقول: إن الخثعمية كانت كاشفة عن وجهها وشعرها، ولغيره أن يقول: الواهبة كانت كاشفة عن ووجهها وذراعيها وساقيها، وبهذا نفتح الباب لمثل مطالب أهل الفسق والمجون كما فتحه فعلا دعاة السفور اليوم بظنونهم أن أولئك الصحابيات كن كاشفات عن وجوههن، ولهذا فمذهبٌ ليس لدى أصحابه دليل على تحديد ما يدعونه سوى أنهم رموا بالشبهات في قلوب العباد وتركوهم بلا تحديد ولا ضابط ولا مراعاة ولا تقدير لأقوال أئمة أهل العلم المتقدمين.
ولهذا فكل يوم يطالعوننا بما يخالف الأمور المحكمات والمسلّمات الواضحات من تجويزهم الاختلاط والجلوس لمؤاكلة الرجال والتهاون في عدم أمر النساء بلبس الجلابيب فوق الثياب والتزهيد في لبس القفازين والنقاب وهما المذكوران بنص السنة الصريحة، وصدق الله:
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَاّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [يونس: 36] ولهذا حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) متفق عليه.
فكيف وشبهاتهم محدثة لم يسبقهم بها أحد، وكيف وبعضها لا يصلح للاستدلال أصلا، فكم أماتت تلك الأفهام من سنة وأحيت من بدعة فحرفت وبدلت وصحفت كثيرا من علوم أهل الإسلام، فحمَّلُوها مالا تحتمل، بالإضافة إلى أن أغلب ما يذكرونه هو من قبيل حوادث الأعيان التي قد تكون لها ظروف وأسباب وأحوال وليست لعموم الأمة.
قال أبو هشام الأنصاري: (والحاصل أن كل ما قدمنا من النصوص الدالة على وجوب الحجاب من الكتاب والسنة هي أصول وقوانين كلية وهذه واقعة عين وقد علمت ما فيها من الاحتمالات فهي لا تصلح لمقاومة تلك النصوص ولا يترك القانون الكلي في مقابلة واقعة عين مثل هذه)(1) انتهى.
فهي عن نساء من الصحابيات لم يصرح في واحدة منهن أنها كانت كاشفة عن وجهها، وعلى فرض ذلك فقد عُرفت أحوالهن وظروفهن وحاجتهن لذلك، وإذا عرف السبب بطل العجب، ولا أدل على أن قولهم ذلك بدعة أنك لن تجد مع نقلنا الطويل والمسهب لأقوال أهل العلم من قال بجواز سفور المرأة فضلاً عن قولهم مثل هذه العبارات منذ أربعة عشر قرناً قبل الشيخ الألباني رحمه الله، كما أنك لو نظرت في أقوال
(1) نقله عنه صاحب كتاب عودة الحجاب.
وأعداد الأئمة والفقهاء والمفسرين القائلين بوجوب تغطية المرأة لوجهها لعلمت أنه لم يبق لهم أحد من أئمة الإسلام يقول بقولهم فضلا عن أن يقولوا مثل هذه العبارة المطولة التي تحتاج ليقف عندها جهابذة أهل العلم للتدليل عليها شرعاً.
ولو تلفتّ يميناً وشمالاً باحثاً عن إمام من الأئمة قال بقولهم في جواز السفور لعلمت أنه غير موجود بتاتاً بل العكس كما مر معنا من نقولاتهم.
ولهذا أنبّه طلبة العلم والدعاة من الحذر من قبول أن في مسألة فريضة الحجاب خلاف بين أهل العلم المتقدمين فضلا عن السلف من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم بإحسان، أو القول أن الأمر في فريضة الحجاب دائر بين المستحب والواجب، فهذا غاية ما يريده المفسدون وبداية ما يريد سماعه أهل الفسق والمجون؛ لأن الغالب في مثل هذا الحجاب أن يؤول بالمرأة المسلمة للأسوأ كما بيناه وكما هو شاهد الحال. وبخاصة بعد أن علمنا أن بناء مذهب القائلين بسفور المرأة عن وجهها إنما هو قائم ومعتمد على مجموعة من الأخطاء الظاهرة في فهم كلام ومنهج المتقدمين كمسألة هل الوجه عورة أم لا؟ ونحو ذلك.
فهل مر عليكم من ضمن ما قيل من خلافهم المنقول خلافهم على مسألة السفور؟ لدرجة ذكرهم خلاف من منع نظر الخاطب لمن أراد خطبتها، فمنعه جماعة منهم وهذا يبين لك مدى عظيم أمر كشف المرأة لوجهها وشناعته عندهم ولو كان لسبب مبيح ونص شرعي مبين، وذكروا خلاف نظر المرأة للرجل لتعلم فيما كانوا يختلفون، فكيف يتصور أن