الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
البحر الرائق شرح كنز الدقائق - حنفي -
(باب شروط الصلاة):
قوله: (وبدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها) لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال ابن عباس: وجهها وكفيها وإن كان ابن مسعود فسره بالثياب كما رواه إسماعيل القاضي من حديث ابن عباس مرفوعا بسند جيد ولأن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب» ولو كانا عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إبراز الكف للأخذ والإعطاء فلم يجعل ذلك عورة وعبر بالكف دون اليد كما وقع في المحيط للدلالة على أنه مختص بالباطن وأن ظاهر الكف عورة كما هو ظاهر الرواية وفي مختلفات قاضي خان ظاهر الكف وباطنه ليسا بعورة إلى الرسغ ورجحه في شرح المنية بما أخرجه أبو داود في المراسيل عن قتادة مرفوعا:«أن المرأة إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل» ولأن الظاهر أن إخراج الكف عن كونه عورة معلول بالابتلاء بالإبداء إذ كونه عورة مع هذا الابتلاء موجب للحرج وهو مدفوع بالنص وهذا الابتلاء كما هو متحقق في باطن الكف متحقق في ظاهره) انتهى كلامه.
وكما ترى هنا حصل العكس فهناك عند آية الرخصة استدلوا بما يظهر من المرأة بحال صلاتها وهنا في باب شروط الصلاة يذكرون آية الرخصة وحديث أسماء لتحديد ما يظهر في الصلاة، وكما رأينا
جميعهم حملوا الآية على الضرورة والحاجة (ولو كانا عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إبراز الكف للأخذ والإعطاء فلم يجعل ذلك عورة) فبدون حاجة لا يبرز، وسبق معنا أن قولهم ليس بعورة لا يؤثر في أنهم يحرمون كشفه بدون سبب، بل إن من أسباب اعتراضهم على قول من قال الوجه والكفان عورة أنهم خشوا أن يؤدي ذلك ويفهم منه عدم جواز كشفهما عند الحاجة والضرورة التي أجمع عليها أهل العلم كما عند البيع والشراء والخاطب، وأيضا رأوا عدم مناسبة ذلك لعدة اعتبارات منها أنه ينكشف في الصلاة ولا يؤدي كشفهما لبطلانها.
وقوله: (وهذا الابتلاء كما هو متحقق في باطن الكف متحقق في ظاهره) فهو يرد على الخلاف في نفس مذهب الأحناف حيث ذهب فريق منهم إلى أن ظاهر الكف عورة لا يجوز إظهاره عند الأجنبي لأنهم رأوا أن الضرورة هي في كشف باطن الكف فقط لأنه للأخذ والإعطاء فتخفي ظاهر الكف عن الأجنبي لأنه لا ضرورة لكشفه، وهنا تعلم لِما قالوا أن الوجه والكفين ليسا من العورة، وأنه تقعيد لبيان الجواز والإباحة عند الضرورة فقط وإلا فهم يحرمون كشفه للفتنة والشهوة، كما حرموا ظاهر الكف لعدم الضرورة بكشفه، ثم بالله عليكم كم من البون الشاسع بين هؤلاء ودعاة السفور اليوم المنتسبين لهم ظاهراً والمخالفين لهم ظاهراً وباطناً، وهم يجوزون كشف وجه المرأة وكفيها بحجة الجواز وليس للضرورة، ولا يهتمون لظاهر ولا لباطن ولا لقفازين ولا
…
.