الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصحيف الشيخ الألباني لكلام الحافظ ابن حجر
وتكملة لما سبق فممن فسر أن الخمار يأتي بمعنى ستر الوجه أيضاً الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.
20 -
أخرج البخاري في كتاب التفسير: باب {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31] عن عائشة رضي الله عنها قالت: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن مروطهن فاختمرن بها) انتهى.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (فاختمرن أي غطين وجوههن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع قال الفراء كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار والخمار للمرأة كالعمامة للرجل) انتهى.
قال الشيخ الألباني رحمه الله: (وهنا لا بد لي من الوقفة - وإن طال الكلام أكثر مما رغبت - لبيان موقف للشيخ التويجري غير مشرف له في استغلاله لخطأ وقع في شرح الحافظ لحديث عائشة الاتي
…
فقوله: "وجوههن"، حتماً أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول:"صدورهن" فسبقه القلم! ويحتمل أن يكون أراد معنىً مجازياً أي: ما يحيط بالوجه
…
) انتهى إلى آخر كلام الشيخ الألباني حيث ينسب التصحيف والخطأ للنُساخ وللحافظ ابن حجر وفي أشهر كتاب معروف ومتداول بين الناس في شرح صحيح البخاري وذلك
لمجرد أنه قال كما قال غيره أن الخمار يأتي بمعنى ستر الوجه، فكيف وقد سبق معنا قول عائشة رضي الله عنها:(فخمرت وجهي بجلبابي) وقول فاطمة بنت المنذر: (كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات) وغير ذلك ممن نقلنا أقوالهم كالشافعي وغيره فهل في ذلك غرابة حتى ينسب بهذه السهولة التصحيف والخطأ للنساخ وللحافظ ابن حجر، وهل من حققوا نسخ فتح الباري ذكروا مثل هذا الكلام؟ ثم لو كان غير الحافط ابن حجر المعروفة أقواله في وجوب تحجب النساء عن الرجال لأمكن قبول ذلك ولو رجعنا فقط لأقواله فيما نقلناه عنه هنا وهي كثيرة، لرأينا مدى التساهل في إصدار الأحكام ونسبة مذهب السفور للائمة عليهم رحمة الله أو إيهام الناس بذلك، وليس لهم إلا هذا، لانه ليس عندهم سلف من الأئمة يقول بصريح قولهم بتاتاً.
21 -
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند "كتاب الأشربة" - باب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامرَ الْعَقْلَ مِنْ الشَّرَابِ-: (فقال أبو بكر بن الأنباري: سميت الخمر خمرا لأنها تخامر العقل أي تخالطه، قال: ومنه قولهم خامره الداء أي خالطه، وقيل: لأنها تخمر العقل أي تستره، ومنه الحديث الآتي قريبا «خمروا آنيتكم» ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها، وهذا أخص من التفسير الأول لأنه لا يلزم من المخالطة التغطية) انتهى كلامه رحمه الله.
22 -
وقال الحافظ في الفتح عند شرحه لقول عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك: (فخمرت وجهي) قال: (قوله: فخمرت أي غطيت وجهي بجلبابي أي الثوب الذي كان عليها) انتهى.
23 -
وقال أيضاً في الفتح: (النقاب: الخمار الذي يشد على الأنف أو تحت المحاجر)(1).
24 -
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: (استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء)(2).
25 -
وقال أيضاً: (ولم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب)(3) انتهى.
فهل قوله في هذه المواضع وغيرها - مما مر معنا وسيمر- هو أيضا كما يقوله الشيخ الألباني: (حتماً أن يكون خطأ من الناسخ أو سبق قلم من المؤلف أراد أن يقول: "صدورهن" فسبقه القلم! ويحتمل أن يكون أراد معنىً مجازياً أي: ما يحيط بالوجه
…
).
أو كقوله في آخر مبحثه الرابع من كتابه الرد المفحم: (وجملة القول: إن الخمار والاعتجار عند الإطلاق إنما يعني: تغطية الرأس فمن ضمَّ إلى ذلك تغطية الوجه فهو مكابر معاند لما تقدم من الأدلة، وعلى ذلك يسقط استدلال الشيخ (4) ومن قلده
…
على دعواه الباطلة شرعاً ولغةً ويسلم لنا في الوقت نفسه استدلالنا بآية (الخمار) وحديث فاطمة الآتي على أن وجه المرأة ليس بعورة) انتهى كلامه رحمه الله.
فكيف وآخرون غير من ذكرناهم يصرحون أن الخمار يستر الوجه؟ ! .
(1) قاله الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 64).
(2)
حكاه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/ 337). وحكاه العيني في عمدة القارئ (20/ 217).
(3)
قاله الحافظ أيضا في الفتح (9/ 424).
(4)
يقصد بـ (الشيخ) الشيخ حمود التويجري رحمه الله.