الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة في حكمة التكرار في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} :
حيث تكررت مرتين:
فمرة بقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].
ومرة ثانية بقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهنَّ أو .. } [النور: 31].
ففي كلا الحالتين نهي عن إبداء الزينة، فمن فسرها في المرة الأولى بالوجه والكفين فقط على مذهب أهل السفور وأنه هو ما تبديه للناس في أحوالها العادية لزمه أن يفسرها في المرة الثانية بالوجه والكفين ولا يزيد على ذلك فالزينة الأولى هي عين الزينة الثانية كما هو معروف في الأسلوب العربي: أنهم إذا ذكروا اسما معرفا ثم كرروه فهو هو فإذا كان الأمر كذلك فهل الزوج والأب والأبناء ومن ذكروا معهم في الآية لا يجوز لهم أن يرو من النساء إلا الوجه والكفين فقط؟ (1) قطعا لا. فمعلوم أنه يجوز للمرأة أن تكشف أكثر من الوجه والكفين للزوج والأب والأبناء وغيرهم من المذكورين في الآية، وحينئذ لا مفر لهم ولا يستقيم لهم الأمر بما يليق بكلام الخالق العظيم المبين، إلا بما ذكرناه من تفسير السلف لها وما نقله أئمة التفسير من أن مراد الله فيها هو بيان الأحوال المؤقتة التي تحتاج أو تضطر المرأة فيها لأن
(1) قال بذلك أيضا الشيخ محمد الألباني في كتابه حجاب المرأة (صـ 53) ولكن على فهمه ومقصده من القول بالسفور لهذا تناقض ولم يستقم له الأمر بتمامه.
تبدي عن زينتها، أي زينة كانت، حسب ظروفها وأحوالها الضرورية لأن تلك الأحوال والحالات غير ثابتة ولا دائمة وتتغير من حين لآخر ولا يمكن ضبطها حتى يقال هي الوجه والكفين ليس إلا؟ فقد تضطر لإظهار أكثر من ذلك كالمعالجة ونحوه، أو أقل منه كمن كشفت عينيها من خلف النقاب تبصر بهما الطريق أو كشفت اليدين لتفحص الأشياء التي ترغب بشرائها وكل ذلك يقدر بقدره.
فستقام لهم حينئذ في الاستثناء الثاني في أحوالها العادية مع أولئك المذكورين: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أو آبَائِهِنَّ أو آبَاء بُعُولَتِهِنَّ .. } أن تظهر لهم أكثر من الوجه والكفين من زينتها كلا بحسب حاله وقدره ومكانته معها أيضا.
قال ابن عطية: (ثم ثنى به المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ولكنهم تختلف مراتبهم في الحرمة بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها، وتختلف مراتب ما يبدي لهم فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج) انتهى.
فسبحانه من قائل: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} [هود: 2].