الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آية الحجاب وإجماع المفسرين عليها
هذه الآية نزلت بعد الآية التي أخبر بها أنس أنها من أول ما نزل في شأن الحجاب، وكلامه واضح أنه نزل بعدها آيات، وانظر كيف أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، بأن يبلغهن بنفسه بفرض الحجاب عليهن، وكيف أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبدأ تبليغ ذلك الأمر بزوجاته أمهات المؤمنين وببناته الطاهرات وبنساء المؤمنين، وفي هذين الملحظين بيان لأهمية الحجاب ومكانته، وكبير قدره وشرفه حيث دُعي إليه أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل غيرهن من النساء، بل دُعي إليه من هن في حكم الأمهات قبل غيرهن من الأجنبيات.
وهذه الآية مما أجمع عليها المفسرون قاطبة نقلا عن الصحابة وبخاصة ابن عباس رضي الله عنهما، بأنها الأمر بلبس النساء للجلابيب وتغطيتهن لوجوههن، ولم يذكروا عند تفسيرهم لهذه الآية أي خلاف في ذلك بتاتاً، ولم يذكروا فيها وجود قول آخر ككشف المرأة لوجهها، أو غير ذلك، فهو إجماع صريح ثابت صحيح، مذكور منهم للأمانة، ومدون في كتبهم، خلف عن سلف فهو بلا شك مما علمه وفسره رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام، وتناقلوه جيلاً بعد جيل، وسيأتي بيان ذلك نقلاً وتفصيلاً.
والآن لا بأس أن نورد الكثير من أقوالهم ونَدَع الباقي للقارئ الكريم، وذلك لكثرتها وشهرة مذهب أصحابها في وجوب تغطية المرأة لوجهها وحتى لا نطيل فيما هو مفروغ منه:
1 -
الإمام أبو جعفر ابن جرير الطبري (ت: 310 هـ) وما وقع في تفسيره من التحريف والتبديل والتصحيف:
قال رحمه الله: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن (1) لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن. ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن؛ لئلا يعرض لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به:
فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورؤوسهن فلا يبدين منها إلا عينا واحدة.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس، قوله: {ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من
(1) لتعلم أن الآيات التي قبلها مما أخبر به أنس رضي الله عنه، كانت في الحجاب من الرجال وهن داخل البيوت، ولما كان لا بد لهن من الخروج أرشدهن بعدها لطريقة حجابهن إذا خرجن بإدناء الجلابيب عليهن.
جلابيبهن} أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة. حدثني يعقوب قال ثنا ابن علية عن ابن عون عن محمد عن عبيدة في قوله: {ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} فلبسها عندنا ابن عون قال: ولبسها عندنا محمد قال محمد: ولبسها عندي عبيدة قال ابن عون بردائه فتقنع به، فغطى أنفه وعينه اليسرى وأخرج عينه اليمنى، وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب.
حدثني يعقوب قال ثنا هشيم قال أخبرنا هشام عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن قوله: {قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: فقال بثوبه، فغطى رأسه ووجهه، وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه.
وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد قال ثني أبي قال ثني عمي قال: ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله: {ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن
…
} إلى قوله: {وكان الله غفورا رحيما} قال: كانت الحرة تلبس لباس الأمة فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن. وإدناء الجلباب: أن تقنع وتشد على جبينها.