الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رد شبهة
عن الإمام القاضي عياض
كثيراً ما نجد أهل السفور - هدانا الله وإياهم - ينقلون للعوام قول القاضي عياض رحمه الله: (قال العلماء رحمهم الله تعالى: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها، ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض شرعي) انتهى.
وكلام القاضي هو في حال عدم وجود الرجال، وهذا خلاف قديم جداً بين العلماء، وهو فيما إذا كان يجب على المرأة أن تستر وجهها لمجرد أن خرجت في طريقها وهي تعلم خلوه من إمكان نظر الرجال لها؟ أم أن واجب الستر ليس لذاته وليس على كل حال وإنما هو واجب فقط عند تحققها من وجود الرجال الأجانب والذين يمكنهم أن ينظرون لها؟
وهذا خلاف قائم كما قلنا قديماً بين العلماء، وسنأتي هنا لبيانه بإسهاب إن شاء الله تعالى، ولهذا كان من أسباب اختلاف بعض المتقدمين في كون الوجه والكفين من العورة أم لا؟ هو مثل هذا التأصيل حيث كان اعتراضهم على من قال أن الوجه والكفين عورة، أن ذلك يستلزم من المرأة ستره على كل حال، والذي جاء هو الأمر بالستر من أعين الرجال فقط، ففي عدمهم أو عدم تمكنهم من النظر لها انتفاء للفتنة والشهوة، والتي هي علة وجوب الستر عندهم، ولهذا قالوا معترضين
(الوجه والكفان ليسا بعورة) فظهر أعتراضهم على اولئك أكثر من ظهور علتهم في المسألة.
ولهذا لا المتقدمون ولا أحد ممن جاء بعدهم فهموا من كلام القاضي عياض ما فهمه أهل السفور اليوم، فبحثوا في كتب السلف وكلامهم على مثل هذه العبارات من المتشابهات ثم حرفوها وبدلوها وصحفوها - من غير أن يقصدوا - بأدنى التأويلات وقذفوها في قلوب الناس، ولو وجدوا في صريح أقوالهم ما يدل على السفور لما تمسكوا بنقل مثل هذه الشبهات والأحتمالات، وهذا ما لن يجدوه لان صريح أقوالهم قد مرت معنا وستمر في وجوب ستر المرأة لوجهها عن الرجال.
فالقاضي عياض يشرح حديث نظر الفجأة وقوله صلى الله عليه وسلم عندما سأله جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة: فأمرني أن أصرف بصري» رواه مسلم.
فاستدل به رحمه الله على أصل المسألة وهو أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها أونحو ذلك، متى ما تيقنت من عدم وجود الرجال الأجانب أو في حال وجودهم ولكن لا يمكنهم النظر إليها وكلام القاضي عياض مبني على أساس أصل المسألة وما فهمه من الحديث، وهو أنه كيف يمكن أن يُتصور تحقق نظر الفجأة الذي قصده الصحابي وسأل عنه لو كانت النساء لا يكشفن وجوههن بتاتاً ولو عند عدم وجود من ينظر لهن من الرجال؟ فدل عنده على أنها قد تسير في بعض الأحيان كاشفة عن وجهها لرؤية الطريق وقد تمر بالرجال ممن لا يمكنهم مشاهدة وجهها، ونحو ذلك كما لو كانت الطريق خالية، فاستنتج