الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أراد الله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وذلك تيسيراً لهن وللرجال لإظهار أي شيء من زينتهن بالقدر الذي يحتاجون أو يضطرون إليه حسب أحوالهم وظروفهم العديدة والمختلفة والطارئة، والتي تقدر بقدرها لأنه بلا شك لن تسلم أي امرأة في أي زمان أو أي مكان من العيش دون أن تحتاج أو تضطر في بعض الأوقات لأن تظهر بعض زينتها مؤقتاً عند الرجال.
فكان لا بد من رخصة تبيح للجميع ذلك وترفع عنهم الإثم والحرج، وبخاصة أن أغلب تلك الأحوال وأكثرها مما لم يبلغ مبلغ الضرورات القصوى، كما هو الحال في بيعها وشرائها، وبالذات في الأمور التعاقدية، وما دونها حتى يعرفوا شخصها فتوثق المعاملات ويرجع لها أو عليها عند أي خلاف أو ضرر، وكذلك كما في الشهادة لها أو عليها أو منها تجاه الغير، وكذلك في معرفة شخصها في كثير من الأمور القضائية والأمنية، كما ذكر ذلك الفقهاء في كتبهم وناقشوا مسألة كشفها لوجهها أو بعض زينتها للعلاج ونحو ذلك في تلك الأحوال.
مصطلح أمن الشهوة ونحوه عند الفقهاء المتقدمين وما أصابه من التحريف والتبديل والتصحيف:
وهذا ما عنيه الفقهاء بقولهم (إذا أمنت الفتنة) أي من نظر الشخص المعين لها كالشاهد أو القاضي أو رجل الأمن أو المتعاقد معها، فهؤلاء ممن يجوز نظرهم متى أمنت الفتنة ولم يُخشَ منه أو عليه فتنة عند النظر إليها، وهذا أكثر ما يكون، ومرة يذكرون مثل تلك العبارات عند
ذكرهم أولئك المذكورين ممن جاز نظرهم لها كما في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أو آبَائِهِنَّ أو
…
} [النور: 31] ممن تؤمن من جانبهم الفتنة ومرة يقصدون القواعد من النساء أو المرأة القبيحة المشوهة أو البنت الصغيرة التي لا يُشتهى مثلها، وهذا عند بعض المذاهب على سبيل التقعيد والضبط للمسائل عندهم، وكشرط زائد لجواز نظر الأجنبي لها كقولهم:(إذا خُشيت الفتنة أو أُمنت الفتنة)(وإذا لم يخش شهوة).
وقريب من ذلك قولهم: (وفي زمننا هذا المنع أوجب) يقصدون منع نظر من جاز نظره للمرأة عند غلبة الفساد وعدم ورع الناظرين في أزمانهم، وسيمر معنا من منع من أئمة المذاهب الأربعة كمالك وغيره من المتقدمين الخاطب من النظر للمخطوبة فكيف بمن بعدهم؟ .
فمن لم يفهم قصدهم ويعرف مرادهم، استدل بما نسبه إليهم من أن الفقهاء جوزوا سفور المرأة لوجهها؛ لأنهم فهموا أنهم يقصدون عموم الناس من خشية الفتنة أو أمنت الفتنة من النظر في وجه المرأة، وهذا فهم باطل ومن قبيل التحريف والتبديل والتصحيف لكلام المتقدمين فأنتج محرماً باطلاً أشنع منه، كما أنه معنى متعذر ولا يمكن ضبطه أو تحقيقه على أرض الواقع أبداً، ولا يقوله عاقل فكيف بأئمة الإسلام وحراس الشريعة؟ إذ كيف للمرأة أن تخرج سافرة عن وجهها وتعلم من ينظر لها نظر شهوة أو من ينظر لها نظراً عادياً بدون شهوة؟ وكيف تتعامل مع عموم البشر ثم هم جميع على نفس المستوى لا يتأثرون بالنظر إليها؟ ومن تأثر منهم وتحركت شهوته هل يقلب وجهه عنها أو