الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المبحث الثامن)
الرخصة الثانية في سورة النور وإجماع أهل العلم
قال تعالى: {وَالقواعد مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ متبرجات بِزِينَةٍ وَأن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّ
هُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 60].
وهذ هي الرخصة الثانية في سورة النور بعد الرخصة الأولى من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، وقد أجمع أهل العلم على أنها الرخصة للعجائز في التخفيف عليهن بعدم لبسهن للجلابيب والأقنعة التى تكون فوق الثياب، وقد سبق معنا نقل كلام أهل العلم في معنى الجلابيب والأقنعة عند قوله تعالى:{يا أيها النَّبِيُّ قُل لأزواجك وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} [الأحزاب: 59].
1 -
قال ابن العربي في أحكام القرآن: (المسألة الأولى: قوله: {والقواعد مِنَ النِّسَاء} جمع قاعد بغير هاء فَرْقاً بينها وبين القاعدة من الجلوس في قول بعضهم. وهن اللواتي قعدْنَ عن الحيض وعن الولد فليس فيهن رغبةٌ لكل أحد ولا يتعلق بهن القلْبُ في نكاح ويجوز النَّظَرُ إليهن بخلاف الشباب منهن
…
وإنما خص القواعد بذلك دون غيرهن لانصراف النفوس عنهن، ولأن يستعففن بالتستر الكامل خير من فعل المباح لهن من وضع الثياب) انتهى.
2 -
قال الجصاص: {وَالقواعد مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا}
…
قَالَ أبو بَكْرٍ: لَا خِلَافَ فِي أن شَعْرَ الْعَجُوزِ عَوْرَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْأجنبي النَّظَرُ إليه كَشَعْرِ الشَّابَّةِ، وَأنهَا إن صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرأس كانت كَالشَّابَّةِ فِي فَسَادِ صَلَاتِهَا
…
وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أنهُ إنمَا أباح لِلْعَجُوزِ وَضْعَ رِدَائهَا بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ بَعْدَ أن تَكُونَ مُغَطَّاةَ الرأس وَأباح لَهَا بِذَلِكَ كَشْفَ وَجْهِهَا وَيَدِهَا؛ لأنهَا لَا تُشْتَهَى، وَقَالَ تعالى:{وَأن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} فَأباح لَهَا وَضْعَ الْجِلْبَابِ وَأخبر أن الاسْتِعْفَافَ بِأن لَا تَضَعَ ثِيَابَهَا أيضا بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ خَيْرٌ لَهَا) انتهى.
وأنظر كيف قاس قدر الرخصة للقواعد بما يظهر من المرأة حال الصلاة، وهكذا فعلوا في الرخصة الأولي كما تقدم معنا.
3 -
قال في تفسير زاد المسير لابن الجوزي: (قوله تعالى: {أن يَضَعْنَ ثيابهُنَّ} أي: عند الرجال ويعني بالثياب: الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار هذا المراد بالثياب لا جميع الثياب، {غيرَ متبرجات بزِينَةٍ} أي: من غير أن يُرِدْنَ بوضع الجِلباب أن تُرى زينتُهن والتبرُّج: إِظهار المرأة محاسنها {وأن يَسْتَعْفِفْنَ} فلا يَضَعْنَ تلك الثياب {خَيْرٌ لَهُنَّ} قال ابن قتيبة: والعرب تقول: امرأة واضعٌ: إذا كبِرتْ فوضعت الخمار ولا يكون هذا إلا في الهرِمة. قال القاضي أبو يعلى: وفي هذه الآية دلالة على أنه يُباح للعجوز كشف وجهها ويديها بين يدي الرجال وأما شعرها فيحرم النظر إليه كشعر الشابَّة) انتهى.
4 -
تفسير اللباب في علوم الكتاب لابن عادل (ت: 880 هـ):
(وقال ربيعة: هنَّ العُجُز اللواتي إذا رآهنَّ الرجل استقذرهن، فأما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في هذه الآية {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} عند الرجال يعني: يضعن بعض ثيابهن، وهي الجلباب والرداء الذي فوق الثياب والقناع الذي فوق الخمار فأما الخمار فلا يجوز وضعه لما فيه من كشف العورة) انتهى.
5 -
وقال في تفسير نظم الدرر للبقاعي (ت: 885 هـ):
(ولما ذكر سبحانه اقتبال الشباب في تغيير حكم الحجاب أتبعه الحكم عند إدبار الشباب في إلقاء الظاهر من الثياب، فقال:{والقواعد} وحقق المرأة بقوله: {من النساء} جمع قاعد وهي التي قعدت عن الولد وعن الحيض كبراً وعن الزوج. ولما كان هذا الأخير قطبها قال: {اللاتي لا يرجون نكاحاً} أي لعدم رغبتهن فيه أو لوصولهن إلى حد لا يرغب فيهن معه {فليس عليهن جناح} أي شيء من الحرج في {أن يضعن ثيابهن} أي الظاهرة فوق الثياب الساترة بحضرة الرجال بدليل قراءة ابن مسعود رضي الله عنه {من ثيابهن} قال أبو صالح: تضع الجلباب، وهو ما يغطي ثيابها من فوق كالملحفة وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار {غير متبرجات بزينة} أي متعمدات بوضع ما أبيح لهن وضعه إظهار وجوههن مع الزينة أو غير متظاهرات بالزينة، قال في الجمع بين العباب والمحكم: تبرجت المرأة: أظهرت وجهها.
وفي القاموس: تبرجت: أظهرت زينتها للرجال. انتهى، ومادة برج تدور على الظهور كما مضى في الحجر وقال البيضاوي: وأصل البرج التكلف في إظهار ما يخفى. انتهى، وكأنه أشير بصيغة التفعل إلى أن ما ظهر منها من وجهها أو زينتها عفواً غير مقصود به الفساد لا حرج فيه. ولما ذكر الجائز وكان إبداء الوجه داعياً إلى الريبة، أشار إليه بقوله ذاكراً المستحب بعثاً على اختيار أفضل الأعمال وأحسنها:{وأن يستعففن} أي يطلبن العفة بدوام الستر وعدم التخفف بإلقاء الجلباب والخمار {خير لهن} من الإلقاء المذكور) انتهى كلامه.
وأنظر كيف فهموا المستحب والسنة في مسألة الحجاب وهو عند عدم الأخذ بالرخص للقواعد من النساء بكشف وجوههن، أو كما قاله القاضي عياض:(وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها) وهذا فيمن لم تأخذ بجواز الكشف في طريقها عند عدم وجود الرجال فقال إن سترها وعدم كشفها سنة مستحبة لها لأن له أصل.
لتعلم من أين أخطأ الشيخ الألباني حين عكس المسألة فأخذ من أقوال السلف في آية الرخص من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، فجعلها دليلا على حجاب المرأة المسلمة في أحوالها العادية، مع أنها متأخرة ولهذا لما تفاجأ بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم في وجوب تحجب النساء عن الرجال حملها بما لم يحمله بها أحد قبله فقال: إن ستر المرأة لوجهها عن الرجال سنة
ومستحب، ولو قصد المرأة من القواعد أو من جاز لها الكشف لحاجة أو ضرورة أو من جاز لها الكشف عند خلو الطريق ونحو ذلك من الرخص ولكنها لم تفعل وآثرت الاحتياط والورع فهذا من حقها وهو سنة ومستحب لها لأن له أصل عام وهو فريضة التحجب، وله إرشاد خاص من قوله تعالى:{وَأن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} فلو قصد ذلك لكان قوله صوابا وله سلف قولا وفعلا كما فعلته حفصة بنت سيرين التابعية الجليلة رحمها الله.
6 -
وأخرج البيهقي والدارقطني وغيرهما عن عاصم الأحول قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا: وتنقبت به فنقول لها: رحمك الله، قال الله تعالى:{وَالقواعد مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} هو الجلباب، قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: {وأن يستعففن خير لهن} ، فتقول: هو إثبات الحجاب) وصححه الألباني في "أحكام النساء" و"جلباب المرأة" وغير ذلك، وهذا دليل ظاهر على أن ستر وجه المرأة الشابة عن الرجال ليس سنة ومستحب، بل هو واجب وهذا تفسير لكتاب الله من أجلة الأعلام التابعين وبلا خلاف بينهم.
7 -
تفسير روح البيان لإسماعيل حقي (ت: 1127 هـ)
(اعلم أن العجوز إذا كانت بحيث لا تشتهى جاز النظر إليها لأمن الشهوة (1). وفيه إشارة إلى أن الأمور إذا خرجت عن معرض الفتنة وسكنت ثائرة الآفات سهل الأمر وارتفعت الصعوبة وأبيحت الرخص ولكن التقوى فوق أمر الفتوى كما أشار إليه قوله تعالى: {وأن يستعففن خير لهن} وفى الحديث «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرا مما به بأس» ) انتهى.
8 -
قال ابن حزم في المُحَلى: مسألة: - بقية كتاب النكاح -
(لأن المخالفين لَنَا هَاهُنَا بِأَهْوَائِهِمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أنهُ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلى زِينَةِ شَعْرِ الْعَجُوزِ السَّوْدَاءِ الْحُرَّةِ، وَلَعَلَّ النَّظَرَ إليها يَقْذِي الْعَيْنَ وَيُمِيتَ تَهْيِيجَ النَّفْسِ وَيُجِيزُونَ النَّظَرَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ إلى وَجْهِ الْجَارِيَةِ الْجَمِيلَةِ الْفَتَاةِ وَيَدَيْهَا) انتهى كلامه.
وفيه الإجماع على تغطية العجوز شعرها لأنه عورة وقد نقله أكثر من واحد، وفيه أن ابن حزم يوجب المساواة بين الأمة الجارية والحرة في وجوب سترها لوجهها ولبسها للجلابيب، ولهذا منع النظر للجارية ولو لغير لذة وإلا فبوجود لذة وشهوة وفتنة فجميعهم يحرمون النظر للمرأة ولو عند الحاجة والضرورة ولو للجارية الأمة كما هو معلوم من كلام أهل العلم، ما لم تدع حاجة أقوى لذلك فجوزه البعض.
(1) وهذا لتفهم قولهم (إذا أمنت الفتنة أو الشهوة) وأنها لناظر ومنظور له مخصوص كالشاهد والقاضي ينظرون للمرأة المعينة، لا يعنون به عموم الرجال أو عموم النساء.
9 -
تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري (ت: 728 هـ)
(وحين ذكر الجائز عقبه بالمستحب تنبيهاً على اختيار الأفضل في كل باب فقال: {وأن يستعففن خير لهن} وذلك أنهن في الجملة مظنة شهوة وفتنة وإن عرض عارض الكبر والنحول فلكل ساقطة لاقطة.
وسئل بعض الظرفاء المذكورين عن حكمة تستر النساء فقال: لأنهن محل فتنة وشهوة فقيل: فعلى هذا كان ينبغي أن لا يحسن تكليف العجائز بالتستر. فأجاب بأنه كان يلزم إذ ذاك مصيبتان: أحدهما عدم رؤية الحسان، والثانية لزوم رؤية القباح) انتهى كلامه.
وقوله (عن حكمة تستر النساء فقال: لأنهن محل فتنة وشهوة) وهذا كما تكرر معنا مرارا أنها الحكمة والعلة في فرض ستر النساء لوجوههن عند من لم يقل أن الوجه والكفين من العورة، لتعلم أنهم يحرمون الكشف ولكن بعلة أخرى هي الفتنة والشهوة، وبمثل هذا تعلم أيضا أنهم متفقون مع من قال إن العلة هي العورة في وجوب الستر عن الرجال.
10 -
قال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: (وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء وجمهور الأمة على أنه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز لقوله تعالى: {وَالقواعد مِنْ النِّسَاءِ})(1) انتهى.
(1) المرأة المسلمة لسماحة مفتي باكستان (صـ 202).
11 -
قال النووي في روضة الطالبين - كتاب النكاح - الفصل الثالث في أحكام النظر: (وأما العجوز فألحقها الغزالي بالشابة لأن الشهوة لا تنضبط وهي محل الوطء وقال الروياني إذا بلغت مبلغا يؤمن الافتتان بالنظر إليها جاز النظر إلى وجهها وكفيها لقول الله تعالى والقواعد من النساء
…
) انتهى.
وانظر قوله: (لأن الشهوة .. يؤمن الافتتان بالنظر إليها) لتعرف أن هذا الاصطلاح والتقعيد والشرط يستخدم عند النظر للضرورة وفي شخص مخصوص وليس في عموم النساء أو من عموم الرجال كما أسلفنا.
12 -
قال الشوكاني رحمه الله: (وفي هذه الآيات أعظم دلالة على وجوب التستر عليهن وتحريم النظر إليهن
…
أقول أما الطفلة فظاهر لخروجها عن الخطاب وعدم أن يتصور في مثلها الإيجاب وأما القاعدة فلقوله عز وجل: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن} وقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز لهن أن يضعن ثيابهن عما عدا الوجه واليدين، فرفع الجناح عنهن هو عن وضع الثياب التي على الوجه والكفين فكان ذلك دليلا على جواز النظر إليهم ودليلا أيضا على أن غير القواعد يحرم النظر إليهن فهذه الآية من جملة الآيات الدالة على تحريم النظر إلى الأجنبية كما تقدم) (1).
(1) السيل الجرار للشوكاني (4/ 128).
13 -
وقال الإمام الموزعي الشافعي رحمه الله:
(لم يزل عمل النساء على هذا قديماً وحديثاً في جميع الأمصار والأقطار فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها ولا يتسامحون للشابة ويرونه عورة ومنكراً .. والسلف والأئمة كمالك والشافعي وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعي ومالك: ما عدا الوجه والكفين وزاد أبو حنيفة القدمين، وما أظن أحداً منهم يبيح للشابة أن تكشف وجهها لغير الحاجة ولا يبيح للشاب أن ينظر إليها لغير الحاجة)(1).
14 -
تفسير التسهيل لعلوم التنزيل ابن جُزَي الغرناطي (ت: 741 هـ){وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ} جمع قاعد وهي العجوز، فقيل: هي التي قعدت عن الولد، وقيل: التي قعدت عن التبرج {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} أباح الله لهذا الصنف من العجائز ما لم يبح لغيرهنّ من وضع الثياب، قال ابن مسعود إنما أبيح لهنّ وضع الجلباب الذي فوق الخمار والرداء، وقال بعضهم: إنما ذلك في منزلها الذي يراها فيه ذوو محارمها {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} إنما أباح الله لهنّ وضع الثياب بشرط ألا يقصدن إظهار زينة، والتبرج هو الظهور {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ} المعنى أن الاستعفاف عن وضع الثياب المذكورة خير لهنّ من وضعها، والأولى لهن أن يلتزمن من ما يلتزم شباب النساء من الستر) انتهى.
(1) تيسير البيان لأحكام القرآن (2/ 1001).
15 -
وقال الخازن في تفسيره: ({فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} أي عند الرجال والمعنى بعض ثيابهن وهو الجلباب والرداء الذي فوق الثياب والقناع الذي فوق الخمار فأما الخمار فلا يجوز وضعه {غير متبرجات بزينة} أي من غير أن يردن وضع الجلباب والرداء إظهار زينتهن. والتبرج: (1) هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما يجب عليها أن تستره {وأن يستعففن} أي فلا يلقين الجلباب ولا الرداء {خير لهن} ).
والأدلة في ذلك أكثر من أن تحصى وهي أدلة إضافية من أعلام أهل العلم على وجوب ستر النساء لوجوههن ولولا التطويل فيما هو مفروغ منه ومتيسر لكل أحد لنقلت من ذلك الكثير. ومن الفوائد أننا نلاحظ أن لفظة الخمار تأتي مرة في كلام الأئمة ويقصدون بها ستر الرأس وتأتي مرة في كلامهم ويقصدون بها ستر الوجه وهذا هو الحق كما سبق بيانه عند قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن} لأن الخمار أصله التغطية، ويفهم المراد والمقصد لمعنى كل لفظة من سياق العبارة.
(1) قال في لسان العرب لابن منظور: (برج) وتبرجت المرأة تبرجا: أظهرت زينتها ومحاسنها للرجال وقيل: إذا أظهرت وجهها وقيل إذا أظهرت المرأة محاسن جيدها ووجهها قيل: تبرجت) انتهى. وقال في المحيط في اللغة: (برج) البرج:
…
وامرأة برجاء. وإذا أبدت المرأة وجهها قيل: تبرجت. والبرج: المتبرجات) انتهى. وقال في تهذيب اللغة (والبرج سعة بياض العين مع حسن الحدقة. وإذا أبدت المرأة محاسن جيدها ووجهها، قيل: تبرجت) انتهى. وقال في المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده: (وتبرجت المرأة: أظهرت وجهها) انتهى.
(المبحث التاسع)
الأدلة من السنة والآثار على فريضة ستر المرأة وجهها عن الرجال