الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوضع السابق قبل الحجاب بما بعده، وخاصة أن أهل السفور يقرون بصراحة وكثرة أدلة غطاء الوجه والمثبت مقدم على المنفي.
ومثال ذلك - من المضحك المبكي -
سادساً: استدلالهم لمثل هذا بما جاء في جلباب المرأة للألباني:
(عن الحارث بن الحارث الغامدي قال: (صحيح)([قلت لأبي ونحن بمنى: ] ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء القوم قد اجتمعوا على صابئ لهم قال: فنزلنا (وفي رواية: فتشرفنا) فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى توحيد الله والإيمان به وهم يردون عليه [قوله] ويؤذونه حتى انتصف النهار وتصدع عنه الناس وأقبلت امرأة قد بدا نحرها [تبكي] تحمل قدحا [فيه ماء] ومنديلا فتناوله منها وشرب وتوضأ ثم رفع رأسه [إليها] فقال: يا بنية خمري عليك نحرك ولا تخافي على أبيك [غلبة ولا ذلا] قلت: من هذه؟ قالوا: [هذه] زينب بنته) انتهى من جلباب المرأة.
وهذا يستدلون به على أن تفسير قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وأنه ستر النحر والرأس فقط، فهو دليل بزعمهم على عدم فرض ستر الوجه، فكيف وهذه الآية نزلت بالمدينة وتلك الحادثة من أمره صلى الله عليه وسلم لابنته بستر نحرها كانت بمكة؟ فكيف تكون تطبيقا وتعبداً لما لم ينزل بعد من الآيات؟ ففي ذلك الوقت لم تكن نزلت آيات الحجاب بعد، بل لم تكن نزلت أركان الإسلام من زكاة وصيام وحج.
وهذا ما يقوله الشيخ الألباني في كتابه "جلباب المرأة" ولهذا أتى بعده بكتابه الأخير الذي أسماه: (الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد
وتعصب وألزم المرأة بستر وجهها وكفيها وأوجب ولم يقتنع بقولهم: إنه سنة ومستحب). وفيه ما هو أشد نكارة وشذوذاً وغرابة وتساهلاً حيث قال فيه: (وإني لأعتقد أن مثل هذا التشديد على المرأة لا يمكن أن يخرج لنا جيلاً من النساء يستطعن أن يقمن بالواجبات الملقاة على عاتقهن في كل البلاد والأحوال مع أزواجهن وغيرهم، ممن تحوجهم الظروف أن يتعاملن معهم، كما كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة، فهل يمكن للنسوة اللاتي ربين على الخوف من الوقوع في المعصية - إذا صلت أو حجت مكشوفة الوجه والكفين- أن يباشرن مثل هذه الأعمال وهن منقبات ومتقفزات؟ لا وربي، فإن ذلك مما لا يمكن إلا بالكشف عن قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} كما سنرى في بعض الأمثلة الشاهدة لما كان عليه النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى كلامه.
فسبحان الله هل الخوف من الوقوع في المعصية أصبح أمرا قبيحاً؟ هذا عجيب والله، أليس هو ثمرة الخوف من الله والذي يعد أجل منازل العبودية وأنفعها للعبد عند لقاء ربه والمفروض على المسلم أن يخاف الله ويتقه كما قال تعالى:{وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] وإلا فما هو الشأن في الآيات والأحاديث التي لا تحصى تمدح الخاشعين والخائفين من ربهم وتعدهم بحسن العاقبة؟ كما قال
تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8] وقال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] وإلا فكيف يكون الخوف من الله؟ هل هي كلمة تقال دون أن يترتب عليها أثر من عمل كما هو شأن المرجئة؟ أليس ثمرة الخوف من الله الخوف من الوقوع في المعاصي التي نهى عنها كما قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى {40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات]، ومن الخوف من الله الخوف من التقصير فيما أمر كما قال تعالى:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50]، فكيف نعيب على المسلمين والمسلمات أن يخافوا من الوقوع في معاصي الله التي تغضبه وتكون سبباً في نيل عقابه، هذا كلام فيه تساهل فإذا كان في الشبهات ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مخوفاً منها:(فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وأن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه)(1) كما قال تعالى: {ما لكم لا ترجون لله وقارا} قال بعض المفسرين: ما لكم لا تخافون لله عظمة.
(1) متفق عليه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
سابعاً: عن أنس قال: لما كان يوم أحد
…
رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سُليم، وإنهما لمشمِّرتان أرى خدم سوقهما (يعني: الخلاخيل) تنفران (أي: تحملان) القِرَب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم) انتهى من الرد المفحم.
ومن المعلوم أن معركة أحد كانت في السنة الثالثة للهجرة ونزول آيات الحجاب في السنة الخامسة للهجرة فهي بكل حال لا تصلح للاستدلال بشيء أبداً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولهذا الخطر المدلهم فقد رد على الشيخ الألباني رحمه الله عدد ممن لا يحصى، وما ذاك إلا محبة في الشيخ لخدمته للسنة ومحبته للحق ولكنها زلة منه رحمه الله تعالى لا يقصد إلا الخير وبيان السنة، ولهذا كان رد أهل العلم الأجلاء كالشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في عدة مقالات، والشيخ السندي في كتابه "رفع الجنة أمام جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة"، والشيخ حمود التويجري في كتابه "الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور"، والشيخ أبو الأعلى المودودي في آخر كتابه"الحجاب"، بل وغيرهم من طلبة العلم الفضلاء.
ولهذا لما قيل للشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية: إن الشيخ الألباني يرى السفور قال: (يريد أن يطبب زكاما فأحدث جذاما)(1). وصدق رحمه الله فالشيخ الألباني رحمه الله أراد أن يبين السنة والمستحب فترك الفريضة.
(1) انظر مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (10/ 48).
كما أن أهل السفور هدانا الله وإياهم ورحم من مات منهم وجمعنا بهم في مستقر رحمته أخذوا يرموننا بـ (المتشددين على المرأة) وكأننا نحن من فرض عليهن ستر وجوههن، وأنتم ترون نقول أهل العلم من المتقدمين بين أيديكم فكيف يحق لهم ذلك وهم يقولون إنه سنة ومستحب، ويقولون معترفين (والنصوص متضافرة عن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يحتجبن حتى في وجوههن وإليك بعض الأحاديث والآثار التي تؤيد ما نقول
…
ففي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على أن حجاب الوجه قد كان معروفاً في عهده صلى الله عليه وسلم وأن نساءه كن يفعلن ذلك وقد استن بهن فضليات النساء بعدهن) (1) انتهى من جلباب المرأة للألباني.
أفكان الله يأمر نبيه ليبلغ زوجاته وبناته ونساء المؤمنين ومن (بعدهن) بما يقال فيه (المتشددين على المرأة) هذا تناقض ظاهر في كلامهم.
(1) نقلا من كلام الشيخ الألباني في كتابه جلباب المرأة.