المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قول أتباع كل مذهب بقول المذهب الآخر وتعدد الروايات في المذهب الواحد دليل على أن اختلاف المتقدمين في فريضة الحجاب كان من قبيل اختلاف التنوع - كشف الأسرار عن القول التليد فيما لحق مسألة الحجاب من تحريف وتبديل وتصحيف

[تركي بلحمر]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌(المبحث الأول)سورة الأحزاب وأول ما نزل من الآيات في مسألة الحجاب وما لحق تفسيرها من تحريف وتصحيف وتبديل

- ‌تاريخ نزول أول الآيات في مسألة الحجاب:

- ‌كيف مهد الإسلام لتشريع فريضة الحجاب

- ‌أول ما نزل في شأن الحجاب:

- ‌آية الحجاب وإجماع المفسرين عليها

- ‌التحريف والتبديل والتصحيف المعاصر لما لحق كلام شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره لآية الإدناء:

- ‌اختلاف ألفاظ السلف في التفسير غالباً ما يكون اختلاف تنوع:

- ‌الأدلة والنقول على أن (القناع) يأتي بمعني ستر الوجه:

- ‌مخالفة الشيخ الألباني لإجماع المسلمين في تفسيره لقوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن}

- ‌آيات الحجاب لم تنزل مرة واحدةولها تسلسل ووقائع

- ‌(المبحث الثاني)سورة النور وما فيها من أدلة أخرى على أن الحجاب قد فرض قبلها وقبل ما فيها من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

- ‌تناقض أهل السفور في مسألة غض البصر:

- ‌التبرج انفلات لا يقف عند حد:

- ‌سورة النور والرخصة بجواز أن تبدي المرأة من زينتها ما تدعو الحاجة والضرورة إليه

- ‌سورة النور فصلت ما أُجمل في سورة الأحزاب:

- ‌مصطلح أمن الشهوة ونحوه عند الفقهاء المتقدمين وما أصابه من التحريف والتبديل والتصحيف:

- ‌بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز نظر الخاطب لمخطوبته نوع من تفسيره للآية:

- ‌(المبحث الثالث)أقوال الصحابة في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْها} [النور: 31]

- ‌أقوال الصحابة واختلافهم في تفسير آية: {إلا ما ظهر منها} كان من اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد

- ‌الجمع بين أقوال الصحابة في الآية:

- ‌ومن تلكم الحالات:

- ‌حالة المرأة الساترة لوجهها واحتاجت لكشف العينين فقط أو الكفين:

- ‌حالة احتياج المرأة لكشف زينة وجهها أو كفيها:

- ‌مقصد الإمام الطبري عند تفسيره للآية:

- ‌حالة احتياج المرأة لتكشف أكثر من الوجه أو الكفين:

- ‌حالة احتياج المرأة لظهور زينتها المكتسبة كالثياب ونحوها:

- ‌فرض لبس الجلباب عند خروج المسلمات الصالحات:

- ‌حالة ظهور زينة المرأة رغما عنها وبغير قصد منها:

- ‌منهج السلف في التفسير:

- ‌منهج الصحابة والتابعين عند تفسيرهم لآية الرخصة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه}

- ‌منهج أئمة التفسير والفقه عند تفسيرهم لآية الرخصة:

- ‌(المبحث الرابع)التحريف والتبديل فيما لحق كلام أئمة المذاهب الأربعة في فريضة الحجاب

- ‌اختلاف المذاهب الأربعة في مسألة الحجاب كان من اختلاف التنوع

- ‌المناهج الفقهية للمذاهب الأربعة:

- ‌فريضة الحجاب عند المذاهب الأربعة:

- ‌(محاورة)حجة القائلين أن الوجه والكفين ليسا من العورة وأن ذلك لم يمنع من قولهم بوجوب ستره لعلة الفتنة والشهوة

- ‌أدلة ونقول أئمة الفقهاء من الأحناف والمالكية وغيرهم وتفسيرهم لقوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} بأنها رخصة وتحديدهم القدر المرخص للمرأة أن تبديه بأمور منها بما يظهر في صلاتها

- ‌(باب شروط الصلاة):

- ‌اعتراض الألباني على الأئمة في طريقة استدلالهم لتحديد قدر الرخصة لأنه يظن أنهم يستدلون به للسفور

- ‌قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

- ‌بقية أدلة الأحناف والمالكية وغيرهم في تفسير الآية بأنها رخصة وتحديدهم القدر المرخص لها أن تبديه في الغالب وأن قولهم ليس بعورة لا يعني عدم وجوب ستره

- ‌(محاورة)حجة القائلين أن علة الأمر بستر الوجه والكفين لكونهما من العورة

- ‌قول أتباع كل مذهب بقول المذهب الآخر وتعدد الروايات في المذهب الواحد دليل على أن اختلاف المتقدمين في فريضة الحجاب كان من قبيل اختلاف التنوع

- ‌خطأ الشيخ الألباني رحمه الله في نسبته مذهب السفور للقائلين أن الوجه والكفين ليسا بعورة:

- ‌وبالعكس فمع ذلك قد تجد بعض أئمة الأحناف والمالكية وبعض الشافعية يقول أن المرأة عورة وذلك لأن الأمر واسع كما قلنا ومثاله:

- ‌وهناك قسم آخر من بعض الأئمة أخذوا يفصلون بنوع آخر وهو أن الوجه والكفين من المرأة عورة، ولكنه في حق من جاز نظره إليها لا يكون بالنسبة لهم من العورة لورود الدليل المبيح في ذلك، وهذا يدلك أن الأمر فيه سعة ولا يترتب عليه في أصل المسألة شيء ومثاله:

- ‌خلاصةأقوال أئمة المذاهب الأربعة في مسألة هل الوجه والكفين عورة أم لا

- ‌سبب ذكرنا لتأصيل المذاهب لمسألة الحجاب:

- ‌(المبحث الخامس)إكمال نقل إجماع المفسرين على أن الآية رخصة وليست تشريعاً لفريضة الحجاب

- ‌فائدة في حكمة التكرار في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}:

- ‌حكمة عدم التحديد في قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها}:

- ‌لو لم تنزل آية الرخصة

- ‌مخالفة الألباني للإجماع في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

- ‌تفسير قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وقول الألباني أن الخمار لا يأتي لستر الوجه

- ‌تصحيف الشيخ الألباني لكلام الحافظ ابن حجر

- ‌تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بأرجلهن لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور 31]

- ‌(المبحث السادس)خصوصية أمهات المؤمنين في فرض الحجاب عليهن وما لحقها من التحريف والتصحيف والتبديل

- ‌التمهيد لنزول فريضة الحجاب:

- ‌موقف الصحابة من آيات الحجاب وأمهات المؤمنين:

- ‌طريقة حجاب النساء داخل البيوت والإجماع في ذلك:

- ‌لماذا ذكرت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بالذات

- ‌طريقة حجاب النساء خارج البيوت والإجماع في ذلك:

- ‌معنى الخصوصية في حجاب أمهات المؤمنين عند المتقدمين وما لحقها من التحريف والتبديل والتصحيف

- ‌الخصوصية الأولىالأدلة على أن معنى الخصوصية التي قصدها بعض المتقدمين لأمهات المؤمنين هي في تغليظ حجابهن بعدم جواز ظهور أشخاصهن أو الرخصة لهن في كشف الوجه والكفين كغيرهن

- ‌وممن قال بهذه الخصوصية من نوع التغليظ:

- ‌وممن قال أيضاً بالخصوصية من نوع تغليظ الحجاب على أمهات المؤمنين

- ‌الخصوصية الثانيةالأدلة على أن معنى الخصوصية الثانية والتي عناها المتقدمون لأمهات المؤمنين هي أنهن حجبن عن أبنائهن فكن بذلك مخصوصات عن بقية الأمهات وكن كالأجنبيات

- ‌خلاصة الكلام في خصوصية أمهات المؤمنين

- ‌الأول: أنهن مخصوصات بعدم ظهور شخوصهن فضلا عن عدم جواز ظهور الوجه والكفين منهن ولو عند الحاجة كما هو جائز لغيرهن

- ‌والثاني: أنهن مخصوصات بالحجاب من أبنائهن ومن يحرم النكاح بهم فكن بذلك دون بقية الأمهات ومن يحرم النكاح بهن اللاتي لم يفرض عليهن ذلك

- ‌تناقض أهل السفور واختلافهم في معنى الخصوصية المحدثةوما أوردوه من شبهات بخصوصها

- ‌رد شبهةعن الإمام القاضي عياض

- ‌كشف المُحْرِمَة وجهها في طريقها عند عدم وجود الرجال الناظرين لها وتناقص أهل السفور فيه:

- ‌مذهب القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها لمجرد خروجها:

- ‌الشبهة المثارة من أهل السفور عن مالك في جواز مؤاكلة المرأة للرجل

- ‌قول أهل السفور نتيجة حتمية لما هو الحاصل اليوم:

- ‌منهج الإمام ابن حزم الظاهري في مسالة الحجاب وما لحقه من تحريف وتبديل وتصحيف

- ‌نَقلُ أهل السفور هجوم ابن حزم على من فرق بين الأَمة والحرة في لبسهن للجلابيب في الصلاة وخارجها:

- ‌وقال ابن القيم: - فصل: الفرق بين النظر إلى الحرة والأمة

- ‌معنى الجلابيب عند الإمام ابن حزم موافق لإجماع أهل العلم:

- ‌(المبحث السابع)استدلالات أهل السفور بالسنة على شبهاتهم

- ‌أولاً: حديث الفضل بن عباس ومخالفتهم لفهم السلف له:

- ‌الوجه الأول: في رد هذه الشبهة وهي عدم وجود ما ادعوه أصلا من كشف الوجه في الحديث:

- ‌الوجه الثاني: وهو على فرض كونها كانت كاشفة عن وجهها:

- ‌ثانيا: استدلالهم بحديث سفْعَاء الخدين

- ‌ثالثا: شبهة استدلالهم بحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق ومخالفتهم لفهم السلف له

- ‌خطأ الألباني في فهم مراد الإمام البيهقي

- ‌تضعيف البيهقي لحديث أسماء بنت عميس الثاني من طريق ابن لهيعة من"كتاب النكاح

- ‌رابعا: استدلالهم بحديث الواهبة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشبهة أهل السفور فيه

- ‌خامسا: ومن أمثلة شبهاتهم الواهية التي ينقلونها:

- ‌ومن أمثلة غرائب استدلالات أهل السفور وشبههم:

- ‌سادساً: استدلالهم لمثل هذا بما جاء في جلباب المرأة للألباني:

- ‌خلاصة شبهات أهل السفور اليوم وبدعة القول أن في تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال سنة ومستحب

- ‌مذهب السلف في مسائل الشبهات:

- ‌(المبحث الثامن)الرخصة الثانية في سورة النور وإجماع أهل العلمقال تعالى: {وَالقواعد مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ متبرجات بِزِينَةٍ وَأن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّ

- ‌(المبحث التاسع)الأدلة من السنة والآثار على فريضة ستر المرأة وجهها عن الرجال

- ‌وختاماً:

الفصل: ‌قول أتباع كل مذهب بقول المذهب الآخر وتعدد الروايات في المذهب الواحد دليل على أن اختلاف المتقدمين في فريضة الحجاب كان من قبيل اختلاف التنوع

‌قول أتباع كل مذهب بقول المذهب الآخر وتعدد الروايات في المذهب الواحد دليل على أن اختلاف المتقدمين في فريضة الحجاب كان من قبيل اختلاف التنوع

ولهذا لما كان الأمر واسعاً وهو في ماهية العلة التي من أجلها حرم الشارع كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب فمن قائل: لأنه عورة ومن قائل بل خشية من الفتنة والشهوة، واتفاقهم على أصل المسألة وأساسها وهي وجوب ستر المرأة لوجهها كما دلت عليه نصوصهم السابقة.

ولهذا نجد أن في بعض المذاهب روايتان، بل ونجد بعض أتباع المذاهب يقول بقول المذهب الآخر، وبعضهم أخذ يفصل فيقول الوجه والكفين عورة، ولكن في حق من جاز نظره لها ليس بعورة، وبعضهم قال ليس بعورة في الصلاة ولكن خارجها عورة.

فمثلا تجد عند بعض علماء الحنابلة والشافعية من يقول بقول أبي حنيفة ومالك وهو إن الوجه والكفين ليسا من العورة على أساس وجود قول ثانٍ في المذهب أو راي لبعض الأتباع ومثاله ما قاله في:

1 -

الإنصاف -حنبلي-: (قوله: (والحرة كلها عورة، حتى ظفرها وشعرها، إلا الوجه) الصحيح من المذهب أن الوجه ليس بعورة، وعليه الأصحاب وحكاه القاضي إجماعا، وعنه الوجه عورة أيضا، قال الزركشي: أطلق الإمام أحمد القول بأن جميعها عورة، وهو محمول

ص: 249

على ما عدا الوجه، أو على غير الصلاة، انتهى. وقال بعضهم: الوجه عورة وإنما كشف في الصلاة للحاجة، قال الشيخ تقي الدين: والتحقيق أنه ليس بعورة في الصلاة، وهو عورة في باب النظر، إذا لم يجز النظر إليه) (1)، انتهى من الأنصاف.

2 -

وقال في المغني لابن قدامة - حنبلي - " كتاب النكاح":

"من أراد أن يتزوج امرأة فله أن ينظر إليها"

(فَصْلٌ: وَلا خِلَافَ بَيْنَ أهل الْعِلْمِ فِي إباحة النَّظَرِ إلى وَجْهِهَا، وَذَلِكَ لأنهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَجْمَعُ المحاسن، وَمَوْضِعُ النَّظَرِ وَلا يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلى مَا لا يَظْهَرُ عَادَةً وَحُكِيَ عَنْ الأوزاعي أنهُ يَنْظُرُ إلى مَوَاضِعِ اللَّحْمِ وَعَنْ داود أنهُ يَنْظُرُ إلى جَمِيعِهَا، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ عليه السلام (انظر إليها) وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وَرُوِيَ عَنْ ابن عَبَّاسٍ أنهُ قَالَ: الْوَجْهُ، وَباطن الْكَفِّ. وَلأن النَّظَرَ مُحَرَّمٌ أبيحَ لِلْحَاجَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إليه، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا. وَالْحَدِيثُ مُطْلَقٌ، وَمَنْ نَظَرَ إلى وَجْهِ إنسان سُمِّيَ نَاظِرًا إليه، وَمَنْ رَآهُ وَعَلَيْهِ أَثْوَابُهُ سُمِّيَ رَائِيًا لَهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى:{وَإذا رَأيتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجسامهم} {وَإذا رَآك الذين كَفَرُوا} فَأما مَا يَظْهَرُ غَالِبًا سِوَى الْوَجْهِ، كَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُظْهِرُهُ المرأة فِي مَنْزِلِهَا فَفِيهِ رِوَايتَان؛ إحداهما: لا يُبَاحُ النَّظَرُ إليه لأنهُ عَوْرَةٌ فَلَمْ يُبَحْ النَّظَرُ إليه، كَاَلَّذِي لا يَظْهَرُ، فإن عَبْد اللَّه رَوَى أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«المرأة عَوْرَةٌ» حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلأن الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالنَّظَرِ

(1) الأنصاف (1/ 252).

ص: 250

إلى الْوَجْهِ. فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالثانية: لَهُ النَّظَرُ إلى ذَلِكَ. قَالَ أحمد فِي رواية حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ أن يَنْظُرَ إليها، وَإلى مَا يَدْعُوهُ إلى نِكَاحِهَا مِنْ يَدٍ أو جِسْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) انتهى.

وابن قدامة مع أنه مع من يقولون أن الوجه ليس بعورة فإنه يوجب ستره كما ترى وسترى قريبا أيضا، وهو هنا يتكلم في جواز القدر مما يظهر للخاطب وغيره.

3 -

وقال في المغني لابن قدامة "كتاب النكاح" من أراد أن يتزوج امرأة فله أن ينظر إليها.

"فصل نظر الرجل إلى الأجنبية من غير سبب"

(فصل: فأما نظر الرجل إلى الأجنبية من غير سبب، فإنه محرم إلى جميعها في ظاهر كلام أحمد. قال أحمد: لا يأكل مع مطلقته، هو أجنبي لا يحل له أن ينظر إليها، كيف يأكل معها ينظر إلى كفها؟ لا يحل له ذلك

ولنا قول الله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان لإحداكن مكاتب، فملك ما يؤدي، فلتحتجب منه» وعن أم سلمة قالت: «كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم أنا وحفصة فاستأذن ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتجبن منه» رواه أبو داود «وكان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته الخثعمية تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه عنها» وعن جرير بن عبد الله قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري» حديث صحيح وعن علي

ص: 251

رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة» رواهما أبو داود.

وفي إباحة النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها دليل على التحريم عند عدم ذلك، إذ لو كان مباحا على الإطلاق، فما وجه التخصيص لهذه؟ وأما حديث أسماء إن صح فيحتمل أنه كان قبل نزول الحجاب فنحمله عليه) انتهى كلام ابن قدامه.

4 -

وقال في المغني أيضا (كتاب النكاح):

فصل: - في من يُباح له النظر من الأجانب -

(ويباح للطبيب النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من بدنها، من العورة وغيرها، فإنه موضع حاجة، وقد روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حكم سعدا في بني قريظة كان يكشف عن مؤتزرهم» وعن عثمان أنه أتي بغلام قد سرق، فقال: انظروا إلى مؤتزره فلم يجدوه أنبت الشعر، فلم يقطعه وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها لتكون الشهادة واقعة على عينها قال أحمد: لا يشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز. ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة فأما مع الحاجة وعدم الشهوة، فلا بأس) انتهى.

ولاحظ قوله: (في من يباح له النظر من الأجانب) فليست مسألة النظر لوجهها عندهم لكل أحد أو بدون سبب مبيح كما يقوله أهل السفور اليوم، فابن قدامة ممن لم يعدوا الوجه عورة ومع ذلك يوجب ستره.

ص: 252

وقوله: (روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة، أو يستغني عن المعاملة). كأن توكل في أمور البيع والشراء ونحوها، أو يشهد غيرها، (فأما مع الحاجة وعدم الشهوة، فلا بأس) كأن لم يكن بد من فعل ذلك إلا بنفسها (فلا بأس)(مع الحاجة وعدم الشهوة) لتعرف حقيقة معنى قولهم إذا أمنت الشهوة ولم يخشى فتنة، أنه لناظر مخصوص ممن جاز نظره.

ولتعلم أنهم متفقون مع بقية المذاهب في أن المسألة رخصة وفي الحرص والتشديد عند تعاطيها وذلك بتحديد القدر الذي يظهر منها غالباً بالوجه والكفين، (ومَنْعُ الشابة من كشفه - أي الوجه - لخوف الفتنة لا لأنه عورة) (1) وقولهم كذلك:(تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة)(2) فلم يرخصوا لهن ما رخصه الشرع وما رخصوه لغيرهن، لغلبة الفساد وقلة الورعين ولغلبة الفتنة بهن وقد مر معنا أن هذا من حق الأئمة وهو رد الناس لضابط الشرع في الضرورات وحتى لا يتساهل الناس عند الرخص بتكشف الشابات اليافعات إلا فيما لا بد منه، ومثل ذلك كثير كقول الإمام أحمد فيما سيأتي معنا:(في الأمة إذا كانت جميلة: تنتقب) رحم الله الجميع.

فسبحان الله! كيف يستشهد القائلون بسفور المرأة من نقلهم لبعض كلام ابن قدامة في المغني فينسبون له ذلك لمجرد قوله: (وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أهل

(1) حاشية الطحطاوي الحنفي على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح (صـ 161).

(2)

البحر الرائق شرح كنز الدقائق (1/ 284) من كتب الأحناف.

ص: 253

الْعِلْمِ فِي إباحة النَّظَرِ إلى وَجْهِهَا، وَذَلِكَ لأنهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) أو نحوه؟ ويهملون بقية أقواله، فلو أنهم أكملوا عبارات أهل العلم لفهموا مرادهم ومقصدهم من قولهم ليس بعورة ولهذا تجد عندهم - ومن غير قصد -كثرة النسب الباطلة والأقوال المحرفة والمصحفة والمبدلة عن كثير من الأئمة وذلك بسبب قراءتهم السطحية والسريعة لأقوالهم.

5 -

قال ابن قدامة رحمه الله: (فصل: والأمة يباح النظر منها إلى ما يظهر غالباً، كالوجه والرأس واليدين والساقين؛ لأن عمر رضي الله عنه رأى أمة متلثمة فضربها بالدرة وقال: يا لُكاع، تتشبهين بالحرائر. وروى أبو حفص بإسناده، أن عمر كان لا يدع أمة تقنع في خلافته، وقال: إنما القناع للحرائر. ولو كان نظر ذلك منها محرماً لم يمنع من ستره، بل أمر به وقد روى أنس:«أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ صفية قال الناس: لا ندري، أجعلها أم المؤمنين، أَم أُم ولد؟ فقالوا: إن حجبها فهي أم المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي أم ولد، فلما ركب وطأ لها خلفه ومد الحجاب بينه وبين الناس» متفق عليه، وهذا دليل على أن عدم حجب الإماء كان مستفيضاً بينهم مشهوراً وأن الحجب لغيرهن كان معلوماً

وسوى بعض أصحابنا بين الحرة والأمة لقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الآية ولأن العلة في تحريم النظر الخوف من الفتنة والفتنة المخوفة تستوى فيها الحرة والأمة ، فإن الحرية حكم لا يؤثر في الأمر الطبيعى، وقد ذكرنا ما يدل على التخصيص ويوجب الفرق

ص: 254