الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآخر في بيت الخلافة تلتقي
…
به وبك الآباء في ذروة المجد
ثم عرضها عليه. ولم يكن محمد يومئذ من أهل النباهة ولا من أرباب الوجاهة. فلمّا وقف عليها إبراهيم سأله كتمانها واستحلفه على ذلك، وأدّى مال أبيه دون جميع التجار. فلو كان إبراهيم واثقا بعفو المأمون لما التفت إلى هذا الإغراء، ولا عرّج على ذلك الافتراء. وكيف (163) يثق به وهو لم يخل في أيامه من الترويع، ولا سلم من مخاوف التخويف والتقريع. ولا جرم أنه أحلّ نفسه في محلّ المراتب السخيفة خشية على نفسه وخيفة. ولم يأمن على نفسه حتّى قضى المأمون نحبه، ولا اطمأنّ حتّى مضى لسبيله ولقي ربّه.
ذكر سنة اثنتي عشرة ومائتين
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم خمسة أذرع وستة أصابع. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وسبعة أصابع.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة عبد الله المأمون بن هارون الرشيد. وخرج عبد الله بن طاهر من مصر إلى العراق واستخلف على الحرب عيسى بن يزيد الجلودي، وعلى الخراج سهل بن أحمد. وابن المنكدر قاضيا مستمرا.
فيها كان ابتداء المحنة العظيمة وإظهار القول بخلق القرآن وكان الذي قام بهذا الأمر بشر المريسي وبنو الجهم. وشاع ذلك وذاع، وقتل من خالف، واختفت العلماء والأئمة في منازلهم وامتنعوا من الصلوات في الجوامع، وقتل منهم خلق كثير. وكانت من المحن العظيمة حتّى عاد لذلك عبد العزيز الكناني وتوصّل من الحجاز إلى دار السلام واحتال في التوصّل إلى المأمون، وعقد لهم مجلسا عظيما، وحصل الجدال بين عبد العزيز رضي الله عنه وبين بشر المريسي. وهذه الماجريّة تسمّى الحيدة وهي طويلة جدا ضمّنتها بكمالها في كتابي المسمّى بذخائر الأخاير الذي وسمته باسم القاضي المرحوم فخر الدين ناظر الجيوش المنصورة، وجعلته ثلاث ذخائر: الأولى ذخيرة «الدرّ الثمين في أخبار الأمم المتقدمين» .والثانية ذخيرة (164)«الياقوت البهرمان في تأييد تنزيل القرآن بالدلائل الواضحة والبرهان» .والثالثة ذخيرة «درر العقيان في خصائص البلدان» مما أعاقني ذلك عن إثباته في هذا التاريخ. وآخر ما انفصل عليه ذلك المجلس المذكور والمحفل المشهور أنّ الله تعالى نصر كلامه وكتابه، وأعلى كلمة عبد العزيز وأثابه، وقهر منازعه ومن انتصر له من أولئك الناس؛ بنصّ التنزيل والتأويل وحكم القياس. وأعيد إلى بلده معجّلا مكرّما