الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة خمس وتسعين ومائتين
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم أربعة أذرع وأحد عشر إصبعا. مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعا وتسعة عشر إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة المكتفي بالله أمير المؤمنين إلى أن توفّي في هذه السنة في تاريخ ما يذكر.
فيها توفي إسماعيل الساماني ببخارى-وهي كرسي مملكته ومملكة بنيه- لأربع عشرة ليلة خلت من صفر من هذه السنة؛ فكانت مدة مملكة بخراسان وماوراء النهر ثماني سنين وأشهرا ولمّا توفّي لقّب بعد وفاته بالماضي؛ وكذلك عادة أهل خراسان في ملوكهم السامانيّة أن يلقّبوهم بعد وفياتهم. وكان إسماعيل كبير اللحية، عظيم الهامة، أبيض اللون. وكان محبّا في العلماء حليما، كريما، يعمل الأسمطة كلّ يوم للفقهاء وأرباب الحديث، ويجالسهم على الموائد؛ فإذا انتظم على كلّ مائدة أهلها حمل بين يديه كرسيّ يوضع له على كلّ مائدة فيجلس عليه ويأكل معهم فكان إذا (266) جلس على مائدة وقام عنها سأله أهل الموائد الباقون أن يجلس عندهم إدلالا منهم عليه، ووثوقا بحلمه وكرمه.
ولمّا مات قام بالمملكة السامانيّة ولده إحمد بن إسماعيل الشهيد الثاني من ملوك السامانيّة. وكنيته أبو نصر أحمد بن إسماعيل، وباقي نسبه قد تقدّم ذكره. ولمّا مات أبوه بويع له ببخارى وكان عمّه إسحاق بن أحمد بسمرقند فسوّلت له نفسه أخذ المملكة بعد أخيه إسماعيل فبادر في جيش كثيف فلم يشعر إلاّ بأحمد ابن أخيه قد وصل ودخل عليه القصر. فلمّا رآه بادر إليه وعمل عزاء أخيه وبكيا وأقاما كذلك ثلاثة أيام. وعزم على القبض على أحمد ورتّب له جماعة على باب قاعة من القصر أعدّها لحبسه، وأمرهم أنّ أحمد إذا جاء في اليوم الرابع ليدخل عليه يقولون له إنه في تلك القاعة فإذا دخلها بادروا إليه بالتقييد. فمضى بعضهم ممن كان لأحمد عنده صنيعة وأخبره الخبر ووصف له القاعة المذكورة، وبكّر أحمد وقد اعتدّ في خاصّته فلمّا دخل القصر بادر الغلمان الموصوفون وأخبروه أن عمّه في تلك القاعة فأبى دخولها وتمّ إلى قاعة الجلوس فوجد عمّه بها وهو ينتظر وصول البشارة بتقييده. فلمّا رآه أبلس فتقدّم إليه أحمد وأمر بالقبض عليه وعلى الغلمان وإحضار القيود المعتدّه له فقيّده بها وسائر غلمانه، وولي على سمرقند ثم عاد إلى بخارى فحبس عمّه ثم رضي عليه بعد مدة وأخذ عليه البيعة وردّه إلى سمرقند واستقرّ.
<توفّي المكتفي بالله رحمه الله في ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائة، وله إحدى وثلاثون سنة وشهور. خلّف في بيت ماله من الذهب ستّ عشرة ألف ألف دينار، ومن الورق ثلاثون ألف ألف درهم.
صفته: أسمر، أعين، حسن الوجه، ربعة، وافر اللحية، أسود الشعر لم يشب.