الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتته أمّ بشّار
…
وقد ضاق بها الأمر
فواثبها فواقعها
…
وما ساعده الصبر
قال؛ فلمّا قرئت على بشّار كاد ينشقّ غيظا، وندم على تعرّضه لرجل لا نباهة له فجعل ينطح الحائط برأسه غيظا ويقول: لا عدت أتعرض لهجاء سفلة قطّ!
ذكر سنة ستّ وستين ومائة
النيل المبارك في هذه السنة (74)
الماء القديم ذراعان فقط. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وإصبع واحد.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة المهدي محمد بن عبد الله المنصور بالله، وعمّاله بمصر حسبما تقدّم من ذكرهم في السنة الخالية.
ومن أخبار بشّار؛ قال أبو الفرج، نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى قال، مدح بشّار خالد بن برمك فقال (من الطويل):
لعمري لقد أجدى عليّ ابن برمك
…
وما كلّ من كان الغنى عنده يجدي
حلبت بشعري راحتيه فدرّتا
…
سماحا كما درّ السحاب مع الرعد
إذا جئته للحمد أشرق وجهه
…
إليك وأعطاك الكريمة بالحمد
له نعم في الحمد لا يستثيبها
…
جزاء، وكيل التاجر المدّ بالمدّ
مفيد ومتلاف سبيل تراثه
…
إذا ما غدا أو راح كالجزر والمدّ
أخالد إنّ الحمد يبقى لأهله
…
جمالا، ولا تبقى الكنوز على الكدّ
فأطعم وكلّ من عارة مستردّة
…
ولا تبقها إنّ العواري للردّ
قال؛ فأعطاه خالد ثلاثين ألف درهم، وأمر خالد أن يكتب هذان البيتان في صدر مجلسه. وقال ابنه يحيى بن خالد: آخر ما أوصاني به العمل بهذين البيتين.
وعن محمد بن عبد الله بن عثمان؛ قال؛ كان أبو الوزير مولى عبد القيس من عمّال الخراج، وكان عفيفا بخيلا، فسأل عمر بن العلاء، وكان جوادا شجاعا، في رجل فوهب له مائة ألف درهم؛ فدخل أبو الوزير على المهديّ فقال له: يا أمير المؤمنين! إنّ عمر بن العلاء خائن! قال: ومن أين علمت؟ فقال: كلّمته في رجل كان أقصى أمله ألف درهم فوهب له مائة ألف درهم! فضحك المهديّ ثم قال: {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ} أما سمعت قول بشّار في عمر (75)(من المتقارب):
إذا نبّهتك عظام الأمور
…
فنبّه لها عمرا ثم نم
فتى لا يبيت على دمنة
…
ولا يشرب الماء إلاّ بدم
أو ما سمعت قول أبي العتاهية فيه (من البسيط):
إنّ المطايا تشتكيك لأنّها
…
قطعت إليك سباسبا ورمالا
فإذا وردن بنا وردن مخفّة
…
وإذا صدرن بنا صدرن ثقالا
أو ليس الذي يقول فيه أبو العتاهية أيضا (من البسيط):
يا ابن العلاء ويا ابن القرم مرداس
…
إني لأطريك في أهلي وجلاّسي
حتّى إذا قيل ما أعطاك من نشب
…
ألفيت من عظم ما أعطيت كالناسي
ثم قال له: من اجتمعت ألسن الناس على مدحه كان حقيقا أن يصدّقها بفعله.
وعن الأصمعي قال: أمر عقبة بن سلم لبشار بعشرة آلاف درهم فسمع أبو الشمقمق بذلك فوافى بشّارا فقال له: يا أبا معاذ! إني مررت بصبيان فسمعتهم يلعبون وينشدون (من مجزؤ الرمل):
هلّلينه هلّلينه
…
طعن قثّاة لتينه
إنّ بشار بن برد
…
تيس أعمى في سفينه
فأخرج إليه بشّار مايتي درهم، وقال: خذ هذه ولا تكن راوية الصبيان يا شميق!
وعن أحمد بن صالح-وكان أحد الأدباء-قال: غضب بشار على سلم الخاسر-وكان من تلاميذه ورواته-وإنما لقّب بالخاسر كونه أباع مصحفا واشترى بثمنه طنبورا؛ فاستشفع إليه بجماعة من إخوانه فجاءوه في أمره فقال:
كلّ حاجة لكم مقضيّة إلاّ سلما! قالوا: ما جئناك إلاّ في سلم، ولا بدّ ما ترضى عليه! وأحضروه فقام إليه فقبّل رأسه (76) ومثل بين يديه فقال: يا سلم! من الذي يقول (من البسيط):
من راقب الناس لم يظفر بحاجته
…
وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج
قال: أنت يا أبا معاذ! جعلني الله فداك! قال: فمن الذي يقول (من مخلع البسيط):
من راقب الناس مات غمّا
…
وفاز باللذة الجسور
قال: خرّيجك يقول ذلك-يعني نفسه! قال: أفتأخذ معانيّ التي عنيت
بها وتعبت في استنباطها فتكسوها ألفاظا أخفّ من ألفاظي حتّى يروى ما تقول، ويذهب شعري؟! لا أرضى عنك أبدا! قال؛ فما زال يضرع إليه حتّى رضي عنه. وفي هذه القصيدة (من البسيط):
لا خير في العيش إن كنّا كذا أبدا
…
لا نلتقي وسبيل الملتقى نهج
قالوا حرام تلاقينا فقلت لهم
…
ما في اللقاء ولا في قبلة حرج
من راقب الناس لم يظفر بحاجته
…
وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج
أشكو إلى الله همّا ما يفارقني
…
وشرّعا في فؤادي الدهر تختلج
وعن العبّاس بن خالد؛ قال: سمعت <غير واحد> من أهل البصرة يحدّث أنّ امرأة قالت لبشّار: أيّ رجل أنت لو كنت أسود الرأس واللحية! فقال بشّار: إنّ بيض البزاة أثمن من سود الغربان! قالت: أمّا قولك فحسن في السمع، فمن لك بأن يحسن شيبك في العين كما حسن قولك في السمع؟! فكان بشار يقول: ما أفحمني قطّ غيرها!
وراسل امرأة كان قد سمعها بمجلسه فهويها فقالت لرسوله، قل له: أيّ معنى فيك وأنت كما تعلم؟ فبماذا تطمع في وصالي، وبأيّ شيء تدلّ؟! وجعلت تهزأ به. فلمّا أدّاه الرسول ما قالت؛ قال: عد إليها وأنشدها (77)(من الكامل):
أيري له فضل على إيرانهم
…
وإذا أشطّ سجدن غير أوابي
تلقاه بعد ثلاث عشرة قائما
…
فعل المؤذّن شكّ يوم سحاب
وكأنّ هامة رأسه بطّيخة
…
حملت إلى ملك بدجلة جابي