الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة أربع وثلاثمائة
النيل المبارك في هذه السنة
(285)
الماء القديم سبعة أذرع وثلاثة وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وثلاثة وعشرون إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة المقتدر بالله أمير المؤمنين. وذكاء الأعور على حرب مصر.
وصرف محمد بن عليّ عن الخراج وولّى عمّه الحسين بن أحمد.
وفيها تغلّب يوسف بن أبي الساج على الريّ وقزوين وطرد عنهما محمد بن عليّ صعلوك.
وتوفّي الناصر العلويّ في شعبان سنة أربع وثلاثمائة وعمره تسع وسبعون سنة. وكانت مملكته المستقيمة إلى حين وفاته ثلاث سنين وثلاثة أشهر وأياما.
وهو الذي حرّر مذهب الزيديّة وألّف فيه. وكان يقول: بزر القزّ ليس بمال، والديلم ليسوا بعسكر! أمّا البزر فلأنه إذا أقبل الربيع صار بعوضا، وأمّا الديلم فلسرعة تنقّلهم من عسكر إلى عسكر! وكان يقول لأصحابه: من قتل منكم مقبلا فهو مؤمن، ومن قتل مدبرا فهو كافر! وإذا أتي بالجريح مقبلا نثر عليه الكافور المسحوق فيجد راحة ويسكن ألمه، وإذا كان مدبرا نثر عليه ملحا فيشتدّ ألمه
فيقول له: قد بان لكم أنّ المؤمن ينتفع بالدواء لإيمانه، والكافر لا ينتفع به لكفره.
أولاده: أبو الحسن عليّ، وأبو القاسم جعفر، وأبو الحسين أحمد.
وقام بالأمر بعده في الدولة العلويّة الحسن بن القاسم الداعي. ولمّا مات الناصر لبس الحسن بن القاسم وليّ عهده القلنسوة ونعت نفسه بالداعي وكنّي بأبي القاسم. وبعث بجعفر وأحمد ولدي الناصر إلى جرجان لانتزاعها من أيدي الخراسانية فلقيهما دونها (286) إلياس بن محمد بن ليسع الصغدي والي جيش خراسان على موضع يقال له تيماله. فلمّا اصطفّا برز بين الصفين ودعا إلى المبارزة فبرز إليه من جيش ولد الناصر بويه بن فناخسرو جدّ عضد الدولة فقتله وانفضّ جيش الخراسانية. فبعث إليهما بعد ذلك نصر بن أحمد السامانيّ جيشا عليه سيمجور الدواتي فلقياه بجلابين من سواد جرجان فهزماه فوقف غير بعيد وتجمّعت إليه الجيوش من الخراسانية كعادتهم في ذلك ثم كرّ راجعا عليهما فهزمهما أقبح هزيمة وقتل الديلم أفظع قتل، وانهزموا في مضائق ليأمنوا جولان الخيل ومعهم ولدا الناصر حتّى وصلوا جرجان فتجمعوا فيها وأخلوها قاصدين طبرستان. وقد اتّفق رأي الديلم على خلع الداعي فخلعوه وبايعوا أبا القاسم جعفر بن الناصر. ولمّا وصلا في جيوشهما لقيهما الداعي دون مدينة آمل فانكسر وولّى هاربا إلى بلاد الجيل. وملكا طبرستان مديدة ثم كرّ الداعي راجعا وقد احتشد فلقياه فهزمهما فمضيا إلى بلاد الجيل واحتشدا وعادا فحاربهما الداعي حربا شديدا ثم انهزم واستوليا على عسكره، وهرب وحيدا
متنكّرا يريد بلاد الجيل واخترق بلاد الديلم فأسره بعضهم ثم منّ عليه وأطلقه فتمّ إلى بلاد الجيل فأقام عندهم. واتفق وفاة أبي الحسين وتلاه أخوه أبو القاسم بعده فبقي أمر الديلم بطبرستان بغير مدبّر فعقدوا عليهم لليلى بن النعمان فقام بأمرهم وهو يدعو للداعي إلى أن قتل بنيسابور قتله حمّويه بن عليّ صاحب جيش نصر بن أحمد السامانيّ؛ فعقدوا بعده لعليّ بن خرشيد فعاجلته المنية فعزموا على بلحسين (287) بن كاكي فأشار عليهم بأخيه ماكان بن كاكي-وهو أشجع الديلم بالاتّفاق-فلمّا ولي عليهم اجتمع هو وأخوه على نصب أبي علي محمد بن أبي الحسين أحمد ابن الناصر فنصبوه فجرى على يديه قتل بلحسين بن كاكي بسارية؛ وكان أخوه ماكان بمدينة آمل. ثم سقط أبو علي المنتصب للأمر في الميدان فهلك. ولمّا اتّصل بما كان ما جرى على أخيه كاتب الداعي يستدعيه فوافى في عسكر كثيف واجتمع معه ماكان وملك البلد- أعني طبرستان-ثم سار إلى الريّ فملكها. وأقام الداعي بجرجان. وكانت في نفسه حفائظ على الديلم لنصرتهم عليه أولاد الناصر فعمل دعوة لهم وجعل يستدعي واحدا واحدا ويقتله إلى أن فطنوا لذلك فانهزموا إلى خراسان ودخلوا في طاعة نصر بن أحمد السامانيّ، وسوّدوا أعلامهم، وقدّموا على أنفسهم أسفار بن شيرويه الجيلي. وبعث معهم ابن أحمد جيشا كثيفا. وساروا فدخلوا جرجان، وسار الداعي منها إلى طبرستان ثم إلى الريّ، واجتمع بما كان وأمره أن يمضي إلى طبرستان لدفع أسفار عنها فعلم أنه لا طاقة له بذلك فقال له:
الرأي أن تمضي أنت فإنك الإمام! فاضطرّ الداعي إلى ذلك، ووقعت الحرب بينه وبين الخراسانية فانهزم جيشه وجرح ودخل آمل واستتر بها فتبعوا الديلم أثر دمه وأظهروه في الدار فوجدوه يصلّي فأجهزوا عليه. قتل يوم الثلاثاء لست بقين من شهر رمضان سنة عشرة وثلاثمائة.
ولمّا قتل الداعي ملك أسفار جرجان، وأبو موسى هارون بن بهرام