الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبلج، طويل اللحية، عظيم البطن، عريض المنكبين؛ في عارضيه شيب فلمّا ولي الخلافة خضب، والله أعلم.
<وزراؤه: جعفر بن محمود الإسكافي، وصالح بن أحمد، ثم سليمان بن وهب.
حجّابه: صالح بن وصيف، وبايكباك، وموسى بن بغا.
نقش خاتمه: يا محمد خف الله. هداني الله. من تعدّى الحقّ ظلم>.
ذكر خلافة أحمد المعتمد على الله بن جعفر المتوكّل
وما لخّص من سيرته
(220)
هو أبو العبّاس، وقيل أبو جعفر أحمد بن جعفر المتوكّل. ويلقّب الخليع. امّه أمّ ولد يقال لها فتياه، لم تدرك خلافته. بويع له في رجب من هذه السنة وله سبع وعشرون سنة وأشهر. مولده في المحرّم سنة تسع وعشرين ومائتين. وفي أيامه قوي أمر صاحب الزنج.
ذكر صاحب الزنج ومبتدأ أمره
قال القاضي شهاب الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم قاضي حماة صاحب التاريخ المعروف بالمظفّري رحمه الله: وفي نصف شهر
شوّال سنة خمس وخمسين ومائتين ظهر فى فرات البصرة رجل زعم أنه عليّ بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وجمع الزنج الذين يكسحون السباخ-واسمه فيما ذكر علي بن محمد بن عبد الرحيم ونسبه في عبد القيس-وكان ظهوره أولا في سنة تسع وأربعين ومائتين، وكان عيّارا مشعبذا متكلّما في علم النجوم، ويكتب العوذ فاستغوى جماعة من الزنج والغلمان وذوي الجهل، وعبر دجلة وأفسد وقاتل من مرّ به في طريقه ثم مضى إلى البحرين وادّعى أنه من ولد علي بن أبي طالب عليه السلام، ودعا إلى نفسه فتبعه خلق عظيم، وأتاه جماعة فوقع بينهم قتال فانتقل إلى الأحساء وضوى إلى حيّ من بني تميم. ولم يزل يتنقّل من حيّ إلى حيّ ويقوى أمره إلى سنة سبعين ومائتين؛ لما يذكر من هلاكه.
وفي هذه السنة استفحل أمره وقويت شوكته، وعاث في بلاد السلطان، ووجلت القلوب من هيبته، وعاد لا يقاتله أحد من أصحاب السلطان إلاّ وظفر به في جميع قرى العراق لكثرة من انضوى إليه من المفسدين (221).وفيها خرج إليه من البصرة جعلان فلقيه فانهزم جعلان ومن معه. وأخذ صاحب الزنج أربعة وعشرين مركبا من مراكب البحر كانت قد اجتمعت تريد البصرة فبلغ خبرها الخبيث فهجم عليها واستولى على جميع ما فيها. وقوي أصحابه بذلك قوة عظيمة، وانضاف إليه خلق كثير ثم سار إلى الأبلّة فهجمها واستولى أيضا على جميع ما فيها فعظم أمره، وترقّت أحواله، ورتّب جيوشه وجعل جماعة من زنجه مقدّمين وقوادا. ولمّا صار بهذه القوّة خاف أهل البصرة منه خوفا عظيما، وانتقل منهم جماعة كبيرة تفرقوا في عدة أماكن. وفي سنة سبع وخمسين دخل
أصحاب الخبيث إلى البصرة واستولوا عليها في خبر طويل؛ فعرف بعلوي البصرة. وقيل إنّ عدّة من قتله بالبصرة عشرون ألفا. وكان يقول لأصحابه: قد اجتهدت في الدعاء على أهل البصرة فخوطبت وقيل: إنما أهل البصرة خبزة لك تأكلها من حواشيها فإذا انكسر نصف الرغيف خربت البصرة! وقد أوّلت انكسار نصف الرغيف انكساف القمر المتوقّع في هذه الأيام! وكان الملعون قد علم ذلك من حساب النجوم فلمّا انكسف القمر زاد ضلال قومه، وألقوا أنفسهم على القتال حتّى نالوا ما قصده. ولم يزل أمر الملعون متزايدا في أحوال طويلة الشرح قد ذكرها جماعة المؤرخين في سائر تواريخهم فاختصرتها إلى سنة سبعين ومائتين. وكان الموفّق قد انتدب لقتاله، وجرت له معه عدّة وقعات في هذه المدّة والحرب بينهم سجال. فلمّا انتهى أجل الخبيث كان ذلك على يد لؤلؤ غلام ابن طولون؛ فسار إليه في زي حبشيّ بأمر الموفّق له في ذلك، وطلب الخبيث إلى أن ظفّره الله به وقتل وأخذ رأسه ونصب على عود وذلك يوم السبت لليلتين خلتا من صفر. وكان بدوّ خروجه لأربع بقين من رمضان سنة خمس وخمسين فكانت مدة أيامه أربع عشرة سنة وأربعة <أشهر وستة أيام. ولقّب الموفّق بالله لقتله صاحب الزنج الناصر لدين الله مضافا إلى الموفّق بالله. وعمل الشعراء في ذلك عدّة مدائح وتهاني للمعتمد والموفّق منهم البحتري ويحيى بن خالد بن مروان>.