الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها توفّي الإخشيد بدمشق وكانت ولاية كافور الإخشيدي نيابة عن ابن مولاه أنوجور؛ وكانت ولايته نيابة واستقلالا إحدى وعشرين سنة وشهرين وعشرين يوما. ذكر إبراهيم بن إسماعيل القرشي أنه لمّا تولى ابن الإخشيد- وهو عليّ يلقّب أنوجور-صار الأمر لكافور والاسم لابن الإخشيد، واستقرّ ذلك بمصر والشام.
وفيها توفّي توزون لثمان بقين من المحرّم من هذه السنة. وكانت إمارته سنتين (318) وأربعة أشهر وأياما. واجتمع الجيش على محمد بن يحيى بن شيرزاد كاتب توزون. ووصل بنو بويه في شهر جمادى الأولى من هذه السنة فقلّد المستكفي بالله أبا الحسين أحمد بن بويه الإمارة وخلع عليه وطوّقه وسوّره ولقّبه معزّ الدولة، ولقّب أخاه <أبا الحسن عليّا عماد الدولة ولقب أخاه> أبا عليّ الحسن بن بويه ركن الدولة وخلع أيضا عليه. ونزل الديلم دور الناس باليد ولم يكن ذلك فيما تقدم.
ذكر الدولة البويهية ومبتدأ أمرها ملخّصا
أمّا بنو بويه فأوّل من ملك منهم كان عماد الدولة أبو الحسن عليّ بن بويه فناخسرو الديلمي. وكان بويه فيما يقال صيّادا ولم تكن له عيشة غير صيد
السمك في أوّل أمره. وسبب تمليكه أنّه كان شجاعا مقداما، وكان في جيش أولاد الناصر للحقّ العلويّ. وقد تقدّم <خبر> مبارزته في ذلك الوقت.
وانتشأ أولاده الثلاثة على ما كان عليه أبوهم من الشجاعة. ولمّا انقطعت دولة العلويّين، وتغلّب كلّ إنسان على طرف من ممالكهم ببلاد الديلم غلب عماد الدولة المذكور على شيراز، واتّفقت له أسباب عجيبة كانت سببا لثبات ملكه؛ ذكر ذلك أبو محمد هارون بن العبّاس المأموني في تاريخه أنّ عماد الدولة في أول ملكه اجتمع أصحابه وطالبوه بالأموال ولم يكن معه ما يرضيهم به وأشرف أمره على الانحلال فاغتمّ لذلك فبينا هو مفكّر قد استلقى على ظهره في مجلس قد خلا فيه للفكرة والتدبير إذ نظر إلى حيّة عظيمة قد خرجت من موضع من سقف ذلك المجلس ودخلت موضعا آخر فخاف أن تسقط عليه فدعا الفرّاشين وأمرهم بإحضار سلّم وأن تخرج الحيّة! فلمّا صعدوا وبحثوا (319) عن الحيّة فوجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين فعرّفوه ذلك فأمرهم بفتحها ففتحت فوجد فيها عدّة صناديق من المال والمصاغات قدر خمس ماية ألف دينار فحمل المال بين يديه فسرّ بذلك وأنفقه في رجاله وثبت أمره بعد أن كان قد أشفى على الانخرام.
ومن غرائب أسبابه أيضا أنّه قطع ثيابا وسأل عن خياط حاذق فوصف له خياط كان لصاحب البلد قبله فأمر بإحضاره-وكان أطروشا-فوقع له أنّه سعي به إليه في وديعة كانت عنده لصاحب البلد وأنه طلبه بهذا السبب! فلمّا خاطبه حلف أنّه ليس عنده إلاّ اثنا عشر صندوقا لا يدري ما فيها فعجب عماد الدولة من جوابه ووجّه معه من أحضرها فوجد فيها أموالا وثيابا بجملة كثيرة. وكانت هذه الأسباب من أقوى دلائل السعادة. ثم تمكّنت أحواله، واستقرّت قواعده، وأقام في الملك ستّة عشر سنة. ولمّا ملك كان سنّه اثنتين وعشرين سنة وعاش سبعا
وخمسين ولم يعقب وأتاه في مرضه أخوه ركن الدولة واتّفقا على تسليم البلاد- وهي بلاد فارس-إلى عضد الدولة ابن ركن الدولة فتسلّمها وكان من أمره ما كان.
خلع المستكفي بالله في شهر جمادى الآخرة من هذه السنة. وسبب ذلك أنّ أبا جعفر بن شيرزاد قوّى عزم معزّ الدولة على خلعه فإنه كان قد استكتبه ثم إنّ قهرمانة المستكفي تعرف بعلم صنعت دعوة وأحضرت <جماعة> من الديلم فاتّهمها معزّ الدولة أنها أرادت تعقد على الديلم بيعة في نقض رئاسته فركب إلى دار السلطان لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين-وهي هذه السنة (320) ووقف بين يدي المستكفي بالله على رسمه وعادته، وتقدّم إلى المستكفي رجلان من الديلم فمدّا إليه أيديهما وصاحا صياحا عظيما بالفارسيّة فقدّر المستكفي أنّهما يريدان تقبيل يده فمدّها إليهما فجذباه بها وسحباه بعمامته في عنقه إلى مقام معزّ الدولة. ثم قبضوا على علم القهرمانة وابنيها. وسيق المستكفي إلى دار معزّ الدولة ماشيا، ونهبت دار السلطان. ثم أحضر المطيع وأقيم المستكفي بين يديه وسلّم عليه بالخلافة وأشهد على نفسه بالخلع، ثم سمل. ولم يزل في دار السلطان إلى أن توفي في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة؛ وله ست وأربعون سنة وأشهر. والله أعلم.
صفته: أبيض، حسن الوجه قد وخّطه الشيب، خفيف العارضين، أسود الشعر سبطه. مولده شهر صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وكان جهوريّ الصوت.