الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في شهر المحرّم دخل يعقوب الصفّار رامهرمز طالبا بغداد فأراد الخليفة رجوعه فأحضر التجّار وشافههم بأنه ولّى يعقوب خراسان وطبرستان وجرجان والريّ وفارس وكرمان، والشرطة بمدينة السلام، وتوجّهت الرسل إليه بذلك فأبى العودة وقال: لا بدّ من الوصول إلى باب الخليفة! فلمّا علم المعتمد على الله ذلك وتحقّقه تجهّز لحربه وسار بنفسه ومعه أخوه الموفّق؛ وسار يعقوب وشقّ واسط ونزل دير العاقول، ولقيه الموفّق في جيوش الخليفة على اصطرند يوم الأحد لسبع ليال خلون من رجب سنة اثنين وستين ومائتين. ونشبت الحرب بين الفريقين واشتدّت ثم انهزم عسكر يعقوب وقتل خلق كثر من عسكره، وحمى عسكره بنفسه وخواصّه، وترك سواده وفرّ وتبعه الموفّق وكانت الهزيمة وقت العصر بحملة صادقة حملها الموفّق بنفسه. وأصاب يعقوب ثلاثة أسهم في حلقه ويديه، وأصيب من عسكره أكثر من عشرة آلاف رأس من الخيل ومن الأموال ما لا يحصر بوزن. وكان محمد بن طاهر في سواد عسكره موثقا فأطلقه الموكّل به فلحق بعسكر الخليفة. ورجع يعقوب (228) إلى بلاده مكسورا.
فجيّش وعاد تملّك بلاد فارس من ابن واصل وأقام إلى سنة خمس وستين ومائتين فخرج من فارس وقصد العراق لأخذ ثأره من سنة اثنين وستين فتوفّي قبل بلوغه مناه حسبما يأتي من ذكره.
ذكر سنة ثلاث وستين ومائتين
النيل المبارك في هذه السنة
الماء القديم أربعة أذرع وأربعة عشر إصبعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وعشرون إصبعا.
ما لخّص من الحوادث
الخليفة المعتمد على الله أمير المؤمنين وأخوه الموفّق صاحب الجيش.
وأحمد بن طولون بمصر. وشارك في الخراج بين أبي أيّوب وأبي ريشة وأبي ذؤيب معهما. والقاضي بكّار بحاله مستمرّ على قضائه.
نكتة جرت في ولاية ابن طولون بمصر. كان له في قصره مستشرف عال يصعد إليه في الليالي الصائفة. فبينا هو ذات ليلة بعد هدوة من الليل إذ سمع ببابه نبيح كلب وقد زاد في نبيحه فأمر بطرده فخرج الخدم وطردوه ثم عاود ولجّ فخرج الغلمان وضربوه وطردوه ثم عاود النباح وزاد. فجلس ابن طولون وقال:
لهذا الكلب خبر! وأمر بخادم من خاصّته يعلم منه عقل وفهم وقال له: هذا الكلب له نبأ فأخرج وخذ معك جماعة من غلمان الدار واتبع هذا الكلب حيث اتّجه وأتني بخبره! قال؛ فخرج الخادم ومعه جماعة من غلمان الدار فلمّا رآهم الكلب بصبص لهم بذنبه ومشى بين أيديهم وتبعه القوم إلى حارة من بعض حارات مصر في زقاق دبق فوقف الكلب على باب دار مغلق الباب فعاد يحفر بيديه وينبح ويدفع الباب برأسه. فأمر الخادم بكسر ذلك (229) الباب وهجم الدار فوجدوا صبية مقتولة وعندها ستة رجال فأحضروهم من ساعتهم إلى بين يدي ابن طولون فاعترفوا أنهم يجتمعون على شرب وأنهم يحضرون بنات الخطأ فيقضون منها أربهم، ويقتلونها ويأخذون مما عليها من الحليّ والقماش وأنهم فعلوا بتلك الصبية ما فعلوه. وسأل عن الكلب فأخبر من أهلها أنها ربّته صغيرا وما كان يفارقها حيث كانت وأين حضرت. فأمر بهم فسمّروا بعد قطع أيديهم وجعلت في حلوقهم وطيف بهم على الجمال حتّى هلكوا.