الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لخّص من الحوادث
الخليفة المنصور عبد الله بن محمد بن علي إلى أن توفّي في هذه السنة في تاريخ ما يأتي إن شاء الله تعالى. وموسى بن عليّ على حرب مصر، ومحمد بن سعيد بحاله على الخراج، وكذلك القاضي ابن لهيعة.
توفّي المنصور رحمه الله محرما في سادس ذي الحجّة من هذه السنة وله ثمان وخمسون سنة. وقيل: ثلاث وستون سنة وهو الصحيح المتفق عليه؛ منها خليفة إثنان وعشرون سنة.
صفته رحمه الله
كان طويلا أسمر حسن الوجه، خفيف العارضين، شجاعا مقداما، طويل الروح، سديد الرأي. قاضيه: محمد بن صفوان. كاتبه: العبّاس بن مسلم.
حاجبه: قطن والربيع بن زياد. نقش خاتمه: الله ثقّة عبد الله.
(50) ذكر خلافة المهدي محمد بن عبد الله المنصور
ونكث من أخباره وسيرته
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس
رضي الله عنه. وباقي نسبه قد علم. يلقّب الجموح، وذا النكتة، والأعور الصالح. أمّه أمّ موسى بنت منصور بن عبد الله بن سهم بن يزيد الحميري. بويع له بمكّة في المسجد الحرام عند وفاة أبيه المنصور رحمه الله سابع ذي الحجّة سنة ثمان وخمسين ومائة. ومولده سنة ست وعشرين ومائة في جمادى الآخرة، وقيل في رجب، بالحميمة. وكانت خلافته-على أصحّ الأقوال-عشر سنين وشهرا ويوما واحدا. وقيل: بويع له ببغداد يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجّة من السنة المذكورة. وكان جوادا حازما وصولا يباشر الأمور بنفسه، وكان كثير الولاية والعزل بغير سبب. تزوّج ريطة بنت عمّه السفّاح وأولدها عليا وعبيد الله.
والخيزران ولدت له موسى الهادي وهارون الرشيد. وتزوّج سنة تسع وخمسين ومائة أمّ عبد الله بنت صالح بن علي أخت الفضل وعبد الله. وأعتق الخيزران في السنة وتزوّجها. ووزر له أبو عبيد الله معاوية بن عبد الله الأشعري ثم يعقوب بن داود السلمي ثم الفيض بن أبي صالح.
روي أنه رأى في منامه كأنّ في يده غصنين أحدهما أقصر من الآخر وأدقّ فأورق الكبير من أعلاه ثم ذبل، وأورق الصغير من أوله إلى آخره واستمرّ فقصّ ذلك على يحيى بن خالد بن برمك، وكان يحيى أعقل أهل زمانه وأسودهم وأوقرهم؛ فقال: سيلي ولداك الخلافة، ويكون لهما من بعدك الأمر، وقطع الكلام! ثم إنّ يحيى احتفل بأمر هارون الرشيد دون موسى الهادي، وعاد لا يفارفه ليلا ولا نهارا حتّى مات المهدي، وولي الهادي. وكان (51) المهدي قد عقد الأمر لموسى الهادي ثم لهارون الرشيد. فلمّا مات المهدي، واستقرّ أمر الهادي أراد أن يخلع الرشيد، ويعهد لبعض ولده واتّفق مع جماعة من القوّاد وكبار الدولة واستشارهم في ذلك فقالوا: لا يقوم بهذا الأمر غير يحيى بن خالد لرجوع الرشيد إليه وهو قادر على أن يدع الرشيد ينزل عن هذا الأمر من غير عسف ولا عنف. فاستدعى الهادي يحيى بن خالد وقرّبه وأدنى مجلسه ولاطفه وأطلعه على المقصود منه، وكان ولد الهادي دون الحلم، فقال يحيى: يا أمير المؤمنين! الأمر أمرك، وما يكون إلاّ ما تحبّ! فابتهج سرورا. ثم قال: عن إذن أمير المؤمنين أعرض كلاما فإن وافق وإلاّ أمير المؤمنين المخيّر فيه! فقال: قل! فما أراك إلاّ ناصحا شفوقا! فقال: يرى أمير المؤمنين-أبقاه الله-أنّ الناس يدخلون تحت طاعة ولدك وهو دون الحلم في سنّ الطفولية. فإذا نزل الرشيد عن هذا الأمر وعقدته لولدك وهو في هذا السنّ وحصل-والعياذ بالله تعالى- لأمير المؤمنين مفارقة الدنيا إذا الموت سبيل كلّ حيّ، والرشيد مخلوع من ولاية العهد، أفيأمن أمير المؤمنين أنّ الأمر ينتقل عن أهل هذا البيت الطاهر، ويثب