الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحتويات
الافتتاحية
وجوب شكر النعم والحذر من صرفها في غير مصارفها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 7
موضوع العدد
نظرة الشريعة الإسلامية إلى المخدرات اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 11
الفتاوى
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 83
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 107
البحوث
رد الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين على الدكتور إبراهيم الناصر حول بحثه " موقف الشريعة الإسلامية من المصارف" 121
أضرار فاحشة الزنا الدكتور / عبد الله بن إسحاق آل الشيخ 137
تحقيق كتاب " تسلية نفوس النساء والرجال عند فقد الأطفال" تحقيق الشيخ / الوليد بن عبد الرحمن الفريان 159
التدابير الزجرية والوقاية في التشريع الإسلامي وتطبيقها. الشيخ / إسماعيل بن محمد الأنصاري 181
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى. الدكتور / محمد بن سعد الشويعر 201
الإعجاز البياني للقرآن الكريم. الدكتور / حسين مطاوع الترتوري 225
حكمة مشروعية الاحتساب وحكمه. الدكتور / محمد عثمان الصالح 265
من هو الخضر صاحب موسى عليه السلام. الشيخ / يوسف عبد الرحمن البرقاوي 281
عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين. الأستاذ / أحمد فهيم مطر 311
مشروعية قول " لا إله إلا الله وحده لا شريك له بعد صلاة الفجر والمغرب". الشيخ / فريح بن صالح البهلال 345
تعريف البدعة، أنواعها وأحكامها الدكتور / صالح بن فوزان 349
عبد الله الترجمان الأندلسي "حياته وأعماله" عبد القيوم البستوي 369
قرار هيئة كبار العلماء رقم 146 في 11/ 7 / 1408هـ 389
النهي عن عضل البنات. سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 395
التحذير من إيداع الأموال في البنوك أو غيرها لغرض الحصول على الربا. سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 397
صفحة فارغة
الافتتاحية
وجوب شكر النعم
والحذر من صرفها في غير مصارفها
سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد: -
فقد يبتلي الله عباده بالفقر والحاجة كما حصل لأهل هذه البلاد في أول هذا القرن، قال تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (1){الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (2).
كما يبتليهم بالنعم وسعة الرزق، كما هو واقعنا اليوم؛ ليختبر إيمانهم وشكرهم، قال تعالى:{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (3).
والعاقبة الحميدة في كل ذلك للمتقين الذين تكون أعمالهم وفق ما شرع الله، كالصبر والاحتساب في حال الفقر، وشكر الله على النعم وصرف المال في مصارفه حال الغنى، ومن صرف المال في مصارفه الاقتصاد في المأكل والمشرب من غير تقتير على النفس والأهل، ولا إسراف في تضييع المال من غير حاجة، وقد نهى الله عن ذلك كله قال تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (4).
(1) سورة البقرة الآية 155
(2)
سورة البقرة الآية 156
(3)
سورة التغابن الآية 15
(4)
سورة الإسراء الآية 29
وقال تعالى في النهي عن إضاعة المال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (1) الآية.
نهى الله جل وعلا في هذه الآية عن إعطاء الأموال للسفهاء؛ لأنهم يصرفونها في غير مصارفها فدل ذلك على أن صرفها في غير مصارفها أمر منهي عنه، وقال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (2). وقال: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (3){إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (4).
والإسراف الزيادة في صرف الأموال على مقدار الحاجة، والتبذير صرفها في غير وجهها. وقد ابتلي الناس اليوم بالمباهات في المآكل والمشارب خاصة في الولائم وحفلات الأعراس، فلا يكتفون بقدر الحاجة وكثير منهم إذا انتهى الناس من الأكل، ألقوا باقي الطعام في الزبالة والطرق الممتهنة.
وهذا من كفر النعمة وسبب في تحولها وزوالها، فالعاقل من يزن الأمور بميزان الحاجة، وإذا فضل شيء عن الحاجة، بحث عن من هو في حاجته، وإذا تعذر ذلك وضعه في مكان بعيد عن الامتهان؛ لتأكله الدواب ومن شاء الله ويسلم من الامتهان، والواجب على كل مسلم أن يحرص على تجنب ما نهى الله عنه، وأن يكون حكيما في تصرفاته مبتغيا في ذلك وجه الله شاكرا لنعمه، حذرا من التهاون بها وصرفها في غير مصارفها، قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (5) وقال عز وجل: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (6).
وأخبر سبحانه أن الشكر يكون بالعمل لا بمجرد القول فقال سبحانه: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (7).
(1) سورة النساء الآية 5
(2)
سورة الأعراف الآية 31
(3)
سورة الإسراء الآية 26
(4)
سورة الإسراء الآية 27
(5)
سورة إبراهيم الآية 7
(6)
سورة البقرة الآية 152
(7)
سورة سبأ الآية 13
فالشكر لله سبحانه يكون بالقلب واللسان والعمل، فمن شكر الله قولا وعملا زاده من فضله وأحسن له العاقبة، ومن كفر بنعم الله ولم يصرفها في مصارفها، فهو على خطر عظيم، قد توعده الله بالعذاب الشديد، فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويمنحهم الفقه في دينه، وأن يوفقنا وإياهم لشكر نعمه، والاستعانة بها على طاعته ونفع عباده، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
صفحة فارغة
موضوع العدد
نظرة
الشريعة الإسلامية
إلى المخدرات
إعداد: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
موضوعات البحث
1 -
التقدمة.
2 -
مهمة التشريع.
3 -
الفرق بين حقيقة كل من الخمر والمخدر والمفتر.
4 -
بدء ظهور المخدرات وانتشارها.
5 -
جلب المصلحة ودفع المفسدة.
6 -
الأدلة الشرعية على تحريم المخدرات.
7 -
علاقات المخدرات بالخمر.
8 -
نصوص الكتب الفقهية في مختلف المذاهب.
9 -
فقه السنة.
10 -
الدراسات الحديثة المؤيدة.
11 -
الدخان.
التقدمة:
اللهم لك الحمد خلقت الإنسان وفضلته على غيره من الأكوان، بما ركبت فيه من قوى أعلاها العقل، وأغلاها الإدراك والفهم، ولكن كثيرا من عبادك نسوا ذلك التفضيل، فتورطوا فيما يسلبهم نعمتك كلا أو بعضا، ولم يكن لهم عزم يؤثرون به تلك المنة، اللهم إنهم مساكين فاهدهم من ضلالهم وبصرهم بأمرهم، لقد شربوا الإثم، وأكلوا من الطعام الخبيث المفسد للعقل؛ ظنا منهم أن ذلك يضاعف متعهم، فارتد عليهم ذلك بعكس ما يريدون وقضى عليهم، إن من عاش منهم يشقون ويتخبطون، ومن مات منهم فقد خسروا دينهم ودنياهم، ولم يفارقوا الحياة إلا بعد أن حقت عليهم كلمة الشقوة إلا من تاب.
هذا وإن تحريم الخبائث قد أصبح مما علم من الدين بالضرورة، ولا سيما أم الخبائث " الخمر" على أن ما عداها من المخدرات لن يختلف عنها كثيرا في إقبال الناس عليه مع شدة ظهوره، وقد يكون في بعض الطوائف والطبقات أكثر بحكم بيئاتهم، وعلى مقتضى قدراتهم.
ولما طلب منا أن نكتب في نظرة الشريعة الغراء إلى هذه المخدرات في بحث متكامل، رأينا أن ندرس فيه عدة نواح من الشريعة تتصل بهذا الأمر، وتنتهي إلى تعرف الحكم الشرعي من وجهة نظر الفقهاء مع تعرف وجهات التشريع الإسلامي، وتوجيه ما يصلح العباد، ويأخذ بحجزهم عن الفساد، وما يعزز ذلك من بحوث المصلحين ودراسات الأطباء والنفسيين؛ فإن الإسلام هداية تفسرها شواهد الوجود، وتثبتها وقائع الحوادث وأحوال الخلائق، فمن كان سعيدا في عيشته فلأنه عرف سبيل الإسلام، وأخذ نفسه بالعمل به، ومن كان شقيا في حياته فلأنه تنكب عن جادته، وصدق الله إذ يقول:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (1) ويقول سبحانه فيما يصور
(1) سورة الأنعام الآية 153
الانحراف والمنحرفين: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (1){قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2)
وقد اقتضت وجهة النظر في تسلسل البحث أن يكون على الوجه الآتي.
أولا: الفرق بين حقيقة كل من المسكر والمخدر والمفتر.
ثانيا: بدء ظهور المخدرات وانتشارها بين المسلمين.
ثالثا: مهمة التشريع الإسلامي في هذه الأمة في ناحيتين رئيسيتين هما: الرحمة بهم، ورعاية مصالحهم حتى تطمئن النفوس إلى كل حكم من أحكام الشريعة، وتفهم أنه لا بد أن يكون معقول المعنى، وإن خفي أحيانا كما تتجه بالصبي وجهة الرفق به وإن لم يعلم، واعتبار ما ينفعه وإن لم يفهم؛ لضيق أفقه ونقص إدراكه {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (3)
والقصد بجانب الرحمة معنى اليسر في التشريع سهولة ووضوحا في التعبير، وتخفيفا في التكليف، ورفع الإصر الذي كان في الأمم السابقة مع الترخيص إذا طرأ عذر على المكلف يقتضي التخفيف في التكليف كالمرض والسفر والشيخوخة والكبر، وبذلك ونحوه يجد الإنسان حبا لدينه ويأنس بشرع الله وتوجيهه مع تأييد ذلك بأدلة من الكتاب والسنة، وصور من أحكامهما في ذلك.
والقصد بجانب المصلحة ما دل عليه الاستقراء من أن أحكام الله سبحانه موضوعة لمصالح العباد، ولا بد من تحقيق الرحمة في هذا الجانب أيضا ولكن قد تختلف النواحي وضوحا وظهورا
(1) سورة الأعراف الآية 28
(2)
سورة الأعراف الآية 29
(3)
سورة البقرة الآية 216
وإن تجاوبت في مؤداها، فبين الناحيتين تلازم وكمال ارتباط.)
رابعا: علاقة المصلحة الراجحة في التشريع الإسلامي بالتكاليف، وكيف رجعت التكاليف إلى الأقسام الثلاثة، الضروريات، والحاجيات، والتحسينيات، وكيف كانت الأولى هي الأصل في الأحكام الشرعية، وكانت الحاجيات والتحسينيات خادمة لها. ولعل في ذلك أيضا ما يزيد طمأنينة الإنسان إلى حكم ربه التكليفي، كما يطمئن المؤمن بحكم إيمانه إلى حكم ربه الكوني وقضائه الحتمي الإلهي، وفي هذا أيضا درس لمن يعرضون عن تشريع الله، فينطلقون في شهواتهم حين يأخذ الشيطان بنواصيهم إلى حتوفهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولا بد من بيان أن تحقيق المصالح التي قصد إليها التشريع من التكليف تتنافى مع تعاطي هذه المخدرات، وإنها محاربة لله عز وجل في تشريعه، وإيثار للفكر الجائر الخاطئ على تشريعه، إذ كان المقصود هو نظرة التشريع الإسلامي إلى تلك الخبائث وحكمه فيها على مقتضى تلك المصالح.
خامسا: أدلة تحريم كل ما يزيل العقل وعلى رأسه تلك الخمر التي سماها الله سبحانه رجسا من عمل الشيطان؛ لأنها هي التي كانت تتعاطى والقرآن ينزل، فدخل في حكمها كل ما هو مثلها في القضاء على العقل، وفهم الأئمة ذلك فلم يترددوا في الحكم به، كما سيتبين ذلك في موضعه.
ويشمل هذا البحث أمرين ما يتعلق أولا بالخمر وحدها، ونظرة الشارع في أمرها، وما يتعلق بالمخدرات ثانيا، ووجه الربط بين الأمرين ببيان ما بينهما من المعنى الذي لا فكاك منه ولا محيص عنه في نقل الحكم، وللعلماء وجهات نظر في تحريم تلك
المخدرات مع إجماعهم عليه، كما سيتجلى لك في هذه الدراسة إن شاء الله.
سادسا: نقول من كتب الفقه في المذاهب المختلفة، والكتب الفقهية هي التي نقلت الفقه بالأمانة والدقة وتلقاها الناس بالقبول دون نكير، ولعل في نقل تلك النقول ما يقطع الشغب ويقنع من لا يقنعه غير ذلك، ولذلك كان لا بد من عرض عبارات تلك الكتب بأمانة، ويكفي من ذلك ما يمكن أن يمثل المذهب الذي يبينه الكتاب دون استيعاب، ويتصل بذلك عرض ما يتسنى عرضه من الفتاوى الحديثة المعاصرة التي هي صدى لذلك الماضي وأثر صالح له.
سابعا: عرض نظرة العلم الحديث والثقافة المعاصرة في الطب البدني والنفسي والعقلي والاجتماعي، ونظرة القانون وما إلى ذلك مما يؤيد وجهة نظر الإسلام إلى ذلك الداء المجحف المخيف، ونسأل الله أن يتداركنا بلطفه في القضاء عليه، وتوجيه النفوس إلى ما يبدل سيئاتنا حسنات، وكان الله غفورا رحيما.
ثامنا: خاتمة تجمع شتات الموضوع وتدعو إلى تضافر الجهود على تطهير المجتمع من كل رذيلة، وخاصة هذا البلاء الذي إذا عرض لزم إن لم يرد الله خيرا بالناس فيردهم إلى الصراط المستقيم، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلا.
والحمد لله رب العالمين.