الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهي
عن عضل البنات
سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد: فقد بلغني من بعض الثقات أن بعض الناس يمتنع عن تزويج بناته وأخواته من غير أسرته أو قبيلته، وقد كدرني ذلك كثيرا؛ لما فيه من الظلم لهن ومخالفة للشرع المطهر، وقد قال الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (1)، «وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس؟ فقال: أتقاهم (2)».
وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو من بني أمية، وزوج صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس القرشية مولاه أسامة بن زيد، وزوج الصديق ابنته أسماء الزبير بن العوام وهو ليس من قبيلته بني تميم. وزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته أم كلثوم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو عدوي وليس من بني هاشم، وزوج عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي أخته بلال بن رباح الحبشي وهو مولى ومن العجم وليس من العرب، والواقعات في هذا كثيرة.
فالواجب عليكم أن تسلكوا مسلك هؤلاء الأخيار وأن تزوجوا بناتكم
(1) سورة الحجرات الآية 13
(2)
صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3353)، صحيح مسلم الفضائل (2378)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 431).
وأخواتكم من الأكفاء من سائر قبائل العرب، ولا تحبسوهن؛ فإن ذلك ظلم لهن ومخالفة ظاهرة لما درج عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، وليس في حبسهن عزلهن ولا عزلكم، بل هو نقص على الجميع.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما تواضع أحد لله إلا رفعه (1)» . خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال:«إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد (2)» . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر (3)» . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ولخوفي عليكم ووجوب النصح لكم عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة (4)» ، حررت هذه الرسالة نصحا لكم وخوفا عليكم ورحمة لنسائكم، والله سبحانه سائلكم يوم القيامة عن ظلمكم لهن، وسوف يجازي كلا بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر، كما قال الله سبحانه:{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} (5).
وبهذه المناسبة أوصيكم بالتسامح في المهور والولائم وعدم التكلف؛ لأن ذلك مما يعين على إعفاف رجالكم ونسائكم، والله جل وعلا المسؤول أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. . وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
(1) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2588)، سنن الترمذي البر والصلة (2029)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 386)، موطأ مالك الجامع (1885)، سنن الدارمي الزكاة (1676).
(2)
صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2865)، سنن أبو داود الأدب (4895)، سنن ابن ماجه الزهد (4179).
(3)
صحيح مسلم الإيمان (91)، سنن الترمذي البر والصلة (1999)، سنن أبو داود اللباس (4091)، سنن ابن ماجه المقدمة (59)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 416).
(4)
صحيح مسلم الإيمان (55)، سنن النسائي البيعة (4197)، سنن أبو داود الأدب (4944)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 102).
(5)
سورة النجم الآية 31