الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَاجْتَنِبُوهُ} (1) ثم قال تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (2). ووردت السنة بحد الشارب.
(1) سورة المائدة الآية 90
(2)
سورة المائدة الآية 91
6 -
الصنف السادس من الأحكام شرع للردع والتعزير
نحو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (1) إلى قوله: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} (2) أي: ليذوق جزاء فعله، وقوله تعالى:{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} (3) إلى قوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} (4) ثم شرع كفارة ذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ} (5) إلى قوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} (6) وقوله تعالى:: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} (7) الآية، وقصة الثلاثة الذين خلفوا، وغير ذلك مما ورد به القرآن العظيم وأطال ابن فرحون بعد هذا في إيراد ما ورد في باب الردع والتعزير من السنة وما جاء فيه عن الصحابة رضي الله عنهم.
ذكر ابن فرحون جميع ذلك في فصل عقده للدلالة على مشروعية السياسة العادلة من الكتاب والسنة بعد أن قال: " السياسة نوعان: سياسة ظالمة فالشرع يحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم، وتدفع كثيرا من المظالم، وتردع أهل الفساد، ويتوصل بها إلى المقاصد الشرعية، فالشريعة توجب المصير إليها والاعتماد في إظهار الحق عليها، وهي باب واسع تضل فيه الأفهام وتزل فيه الأقدام، وإهماله يضيع الحقوق ويعطل الحدود ويجرئ أهل الفساد ويعين أهل العناد، والتوسع فيه يفتح أبواب المظالم الشنيعة ويوجب
(1) سورة المائدة الآية 95
(2)
سورة المائدة الآية 95
(3)
سورة المجادلة الآية 2
(4)
سورة المجادلة الآية 2
(5)
سورة المجادلة الآية 3
(6)
سورة المجادلة الآية 4
(7)
سورة النساء الآية 34
سفك الدماء وأخذ الأموال بغير الشريعة، ولهذا سلكت فيه طائفة مسلك التفريط المذموم فقطعوا النظر عن هذا الباب إلا فيما قل، ظنا منهم أن تعاطي ذلك مخالفة للقواعد الشرعية فسدوا من طرق الحق سبيلا واضحة، وعدلوا إلى طريق للعناد فاضحة؛ لأن في إنكار السياسة الشرعية والنصوص الشريفة تغليطا للخلفاء الراشدين، وطائفة سلكت في هذا الباب مسلك الإفراط فتعدوا حدود الله تعالى، وخرجوا عن قانون الشرع إلى أنواع من الظلم والبدع والسياسة - أي غير الشرعية - وتوهموا أن السياسة الشرعية قاصرة عن سياسة الخلق ومصلحة الأمة، وهو جهل وغلط فاحش، فقد قال عز من قائل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (1) فدخل في هذا جميع مصالح العباد الدينية والدنيوية على وجه الكمال، وقال صلى الله عليه وسلم:«تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا؛ كتاب الله وسنتي (2)» . وطائفة توسطت وسلكت فيه مسلك الحق وجمعوا بين السياسة والشرع فقمعوا الباطل ودحضوه، ونصبوا الشرع ونصروه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ". اهـ.
(1) سورة المائدة الآية 3
(2)
موطأ مالك الجامع (1661).
هذا ومما يجب للتنبه له أن الدافع إلى ارتكاب الجريمة في بعض الأحيان قد يكون عذرا، فلا توقع العقوبة لمرتكبيه لدلالة ذلك الدافع على أن الارتكاب ليس بخبث الطوية وإثارة الفوضى، ومن أدلة ذلك:
(1)
ما رواه البيهقي في باب من زنى بامرأة مستكرهة من " السنن الكبرى " ج 8 قال: " أخبرني أبو القاسم زيد بن جعفر بن محمد العلوي بالكوفة وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي بنيسابور، قالا: أنبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، أنبأنا وكيع، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بامرأة جهدها العطش فمرت على راع فاستسقت،
فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت، فتشاور الناس في رجمها، فقال علي رضي الله عنه: هذه مضطرة أرى أن تخلي سبيلها. ففعل ". قال ابن القيم في (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص 48 مطبعة الاتحاد الشرقي) قلت: " والعمل على هذا لو اضطرت المرأة إلى طعام أو شراب عند رجل فمنعها إلا بنفسها وخافت الهلاك فمكنته من نفسها فلا حد عليها ". ثم قال ابن القيم: " فإن قيل: فهل يجوز لها في هذه الحالة أن تمكن من نفسها؟ أم يجب عليها أن تصبر ولو ماتت؟ قلت: هذه حكمها حكم المكرهة على الزنا التي يقال لها: إن مكنت من نفسك وإلا قتلتك، والمكرهة لا حد عليها ولها أن تفتدي من القتل بذلك، ولو صبرت لكان أفضل لها، ولا يجب عليها أن تمكن من نفسها، كما لا يجب على المكره على الكفر أن يتلفظ به، وإن صبر حتى قتل لم يكن آثما، فالمكرهة على الفاحشة أولى.
2 -
ما رواه السعدي، قال: حدثنا هارون بن إسماعيل الخراز، ثنا علي بن المبارك، ثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني حسان بن زاهر أن ابن حدير حدثه عن عمر قال:(لا تقطع اليد في عذق ولا عام سنة). قال السعدي: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: العذق النخلة وعام سنة المجاعة، فقلت لأحمد: تقول به؟ فقال: أي لعمري. قلت: إن سرق في مجاعة لا تقطعه؟ فقال: لا إذا حملته الحاجة على ذلك والناس في مجاعة وشدة. قال: قال السعدي: وهذا على نحو قضية عمر في غلمان حاطب.
ثنا أبو النعمان عارم، ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن ابن حاطب (أن غلمة لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فأتى بهم عمر فأقروا، فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء فقال له: إن غلمان حاطب سرقوا ناقة رجل من مزينة وأقروا على أنفسهم، فقال عمر: يا كثير بن الصلت اذهب فاقطع أيديهم. فلما ولى بهم ردهم عمر، ثم قال: أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه حل له لقطعت أيديهم، وايم الله إذ لم أفعل لأغرمنك غرامة توجعك، ثم قال: