المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ علاقة المخدرات بالخمر: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٢٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌أولا: الفرق بين حقيقة كل من الخمر والمخدر والمفتر

- ‌ثانيا: بدء ظهور المخدرات وانتشارها بين المسلمين

- ‌ثالثا: مهمة التشريع الإسلامي في جانب الرحمة وفي جانب المصلحة

- ‌الأدلة الشرعية على منع المخدرات

- ‌ تمهيد:

- ‌ علاقة المخدرات بالخمر:

- ‌أقوال الفقهاء في الخمر والمخدرات

- ‌أولا: الفقه الحنبلي:

- ‌ثانيا: الفقه الشافعي:

- ‌ثالثا: الفقه المالكي

- ‌رابعا: الفقه الحنفي:

- ‌فقه السنة

- ‌دراسات حديثة تؤيد وجهة نظر فقهاء الإسلام

- ‌الدخان

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم النقاب في الإسلام

- ‌ شك المتوضي في الحدث من بول أو غائط أو ريح

- ‌ رفع الصوت بالتهليل الجماعي أثناء الخروج بالجنازة

- ‌ أوصت ابنها قبل وفاتها أن يذبح ذبيحة بعد وفاتها

- ‌ اقتطاع مساحة من المسجد ليقام عليها بيت للإمام أو المؤذن

- ‌ أوصاني والدي بأن في هذه التركة سبع حجج، وقال والدي: إنه لا يعلم من هم أصحاب الحجج

- ‌ثانيا: حكم شرب الدخان وإمامة من يتجاهر به

- ‌الملاحظة الثانية:أدق وصف للبحث أنه خليط مشوش من اقتباسات أخذت من كتابة سابقة

- ‌مبحث وجيزعن أضرار فاحشة الزنا

- ‌مقدمة:

- ‌أدلة السنة على تحريم الزنا:

- ‌دليل الإجماع:

- ‌ أضرار الزنا الدنيوية والأخروية بأدلتها

- ‌ أضرار الزنا الصحية

- ‌خاتمة وذكرى:

- ‌موضوع الكتاب:

- ‌المؤلف:

- ‌الأصل المخطوط:

- ‌التوثيق:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌نص الكتاب

- ‌التدابير الزجرية والوقايةفي التشريع الإسلاميوتطبيقها

- ‌ سد باب الوسائل والذرائع المفضية إلى ارتكاب تلك المحرمات بتحريم تلك الوسائل والنهي عنها

- ‌ إيجاب الكفارة على مرتكب ما يوجبها

- ‌ عقوبات مقدرة من الشارع على بعض الجرائم

- ‌ما شرع من الأحكام للسياسة والزجر

- ‌ الصنف الأول شرع لصيانة الوجود

- ‌ الصنف الثاني من الأحكام شرع لحفظ الأنساب

- ‌ الصنف الثالث من الأحكام شرع لصيانة الأعراض

- ‌ الصنف الرابع من الأحكام شرع لصيانة الأموال

- ‌ الصنف الخامس من الأحكام شرع لحفظ العقل

- ‌ الصنف السادس من الأحكام شرع للردع والتعزير

- ‌ عقوبات غير مقدرة من الشارع، وإنما يعرض الأمر فيها إلى ولي الأمر

- ‌من فوائد إقامة العقوبات الشرعية

- ‌ولن ترضى عنكاليهود ولا النصارى

- ‌ دولة اليهود في قلب العالم الإسلامي بوعد بلفور في فلسطين

- ‌ نماذج من دعواتهم في استقطاب البارزين في العالم

- ‌الإعجاز البياني للقرآن الكريمأركانه ومظاهره

- ‌المقدمة:

- ‌أركان الإعجاز البياني للقرآن الكريم

- ‌الأول: التحدي:

- ‌الثاني: وجود المقتضي عند المتحدى لمواجهة التحدي

- ‌الثالث: انتفاء المانع عند المتحدى من قبول التحدي

- ‌ثانيا:مظاهر الإعجاز البياني للقرآن الكريم

- ‌الأول: الخصائص العامة للأسلوب القرآني

- ‌الثانيضرب الأمثال في القرآن الكريم

- ‌الثالثالإيجاز في القرآن الكريم

- ‌الرابعالتكرار في القرآن الكريم

- ‌الخامسالكلمة القرآنية

- ‌السادسالجملة القرآنية

- ‌السابعالفاصلة القرآنية

- ‌مصادر ومراجع البحث

- ‌ وظيفة الاحتساب وأثره في البناء الاجتماعي:

- ‌ أنواع الاحتساب ودرجاته:

- ‌الأولى: الطريقة التعليمية:

- ‌الثانية: الطريقة الوعظية التذكيرية:

- ‌الثالثة: طريقة التعنيف والتقريع:

- ‌الرابعة: طريقة التهديد بإنزال العقوبة البدنية أو المادية:

- ‌الخامسة: طريقة المنع بالقوة

- ‌مقتطفات من أقوال العلماء:

- ‌نسب الخضر:

- ‌سبب تسميته الخضر:

- ‌نبوة الخضر:

- ‌الأدلة على نبوة الخضر:

- ‌قول ابن حجر العسقلاني في نبوة الخضر:

- ‌أقوال العلماء في رسالة الخضر:

- ‌أقوال المتصوفة في الخضر:

- ‌تعقيب ابن كثير على قول من قال بأن الخضر ملك أو ولي:

- ‌حياة الخضر والأدلة على ذلك:

- ‌الأدلة على حياة الخضر:

- ‌ حديث التعزية:

- ‌ اجتماع الخضر وإلياس في موسم الحج:

- ‌ اجتماع الخضر وجبريل في عرفات:

- ‌تعقيب ابن كثير:

- ‌موت الخضر والأدلة على ذلك:

- ‌سؤال وجواب:

- ‌الأدلة على موت الخضر:

- ‌حكايات في رؤية الخضر والرد عليها:

- ‌وظيفة الخضر:

- ‌بطلان دعوى حياة الخضر:

- ‌كلام البخاري في الخضر:

- ‌كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في أمر الخضر

- ‌كلام ابن الجوزي في موضوع الخضر:

- ‌ الدليل من المعقول

- ‌خلاصة القول:

- ‌مولده ونسبه:

- ‌الرؤيا الصادقة:

- ‌بوادر الرؤيا:

- ‌رجوع عمر إلى المدينة:

- ‌علم عمر:

- ‌زواج عمر:

- ‌إمرة المدينة بعد خناصرة:

- ‌مجلس الشورى:

- ‌المعدن الأصيل:

- ‌توسعة المسجد النبوي:

- ‌الوليد في المدينة:

- ‌خوف الحجاج من عمر:

- ‌كلمة حق عند سلطان جائر:

- ‌موت الحجاج

- ‌عمر يتولى الخلافة:

- ‌الانقلاب الكبير

- ‌العدالة والتنفيذ:

- ‌عمر ونشر الدعوة الإسلامية:

- ‌عمر وأهل الذمة:

- ‌عمر والخوارج:

- ‌عمر وبدعة سب علي رضي الله عنه:

- ‌عمر والتكافل الاجتماعي:

- ‌عمر والشعراء:

- ‌موت عمر

- ‌المراجع والمصادر

- ‌مشروعية قول(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير)بعد صلاة الفجر والمغرب

- ‌‌‌تعريف البدعةأنواعها وأحكامها

- ‌تعريف البدعة

- ‌ أنواع البدع:

- ‌ حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها:

- ‌الفصل الثاني‌‌ظهور البدع في حياة المسلمينوالأسباب التي أدت إلى ذلك

- ‌ظهور البدع في حياة المسلمين

- ‌ الأسباب التي أدت إلى ظهور البدع:

- ‌الفصل الثالثموقف الأمة الإسلامية من المبتدعةومنهج أهل السنة والجماعة في الرد عليهم

- ‌ موقف أهل السنة والجماعة من المبتدعة:

- ‌ منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع:

- ‌الفصل الرابعفي بيان نماذج من البدع المعاصرة

- ‌ الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌ التبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياء وأمواتا:

- ‌ البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله:

- ‌رحلته لطلب العلم:

- ‌لقاؤه مع أكبر قسيس وملازمته إياه:

- ‌بعض الوظائف التي تولاها بعد إسلامه:

- ‌قصة ابتلائه في إيمانه:

- ‌وفاته:

- ‌كتابه: تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب:

- ‌قرار هيئة كبار العلماءرقم 146

- ‌النهيعن عضل البنات

- ‌التحذير من إيداع الأموال في البنوك أو غيرهالغرض الحصول على الربا

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ علاقة المخدرات بالخمر:

وروى ابن حبان أيضا: «من لقي الله مدمن خمر لقيه كعابد وثن (1)» ، وروى الحاكم وصححه:«اجتنبوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر (2)» .

وهذه الأحاديث ونظائرها رادعة حق الردع لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، والله سبحانه ما يريد ليعنت العباد، ولكن العباد يعنتون أنفسهم ويؤثرون متاعا ولذائذ تحول بينهم وبين الاستقامة، وتوقعهم في الخسران والشقوة في الدنيا والآخرة، ونسأل الله العافية.

وبعد هذا يمكن أن يقال: إن الاستدلال على التحريم بالكتاب والسنة الصحيحة وإجماع الأئمة، فما كان ليقع خلاف في أمر ينطق القرآن الكريم بتحريمه، فلا مجال فيه للتأويل ونطقت السنة بما ينادي على أنه من الكبائر، وأن فاعله مسلوب الإيمان حين يفعله، كما أن قواعد الإسلام والضرورات الخمس تقضي بحرمتها تحريما لا مجال فيه للريب، وسترى شأن المخدرات وبيان علاقتها بالخمر فيما يقتضي التحريم المؤكد في هذه الدراسة إن شاء الله.

(1) مسند أحمد بن حنبل (1/ 272).

(2)

سنن ابن ماجه الأشربة (3371).

ص: 33

2 -

‌ علاقة المخدرات بالخمر:

ليس هناك ما يدعو إلى الاهتمام بأمر تصوير المخدرات، وبيان الوصف الجامع المشترك بينها، فمن البين أنها جميعا تشترك في تخدير العقل وإحداث فتور عام في البدن، ويتصل بذلك تخيلات فاسدة وأفكار غير حقيقية قد يترتب عليها بعض الجرائم والجنايات، كما قرر ذلك الواقع لجان البحوث المختلفة حول هذه المخدرات وطرق مقاومتها، ولعلها تتفاوت في ذلك المعنى.

وقد أورد الفقهاء الإسلاميون الأسماء التي عرفت منذ ظهرت في الأفق وهي: الحشيشة والأفيون والشيركان وهو البنج - بفتح الباء - والعنبر وجوزة الطيب التي أوردها ابن حجر في كتاب الزواجر (1) وهؤلاء لم يذكروا ما عرف

(1) الزواجر عن الكبائر لابن حجر الهيثمي.

ص: 33

بعد وما لم يطلعوا عليه في عهدهم، مثل الكوكايين والهروين وغيرها مما ذكره القانون المصري مفصلا، وجعل عقوبتها مشتركة لا فارق بين واحد وآخر بعد ظهور الخصائص والمميزات المشتركة، وقد ذكر بعض الفقهاء السابقين المعاصرين الدخان من بينها، وحكم عليه بحكمها وخالف بعضهم في ذلك، كما سنبينه إن شاء الله.

وقد ذكر ابن حجر الهيثمي في كتاب (1) الزواجر تلك المخدرات التي أوردناها وقال: إنها مسكرة، كما صرح بها النووي في بعضها (2): وفسر الإسكار بتغطية العقل لا مع الشدة المطربة؛ لأنها من خصوصيات المسكر المائع على أن ذلك خال من التحقيق، وإلا لما خصت به الحشيشة من بين المخدرات، ثم قال: إن ذلك لا ينافي أنها تسمى مخدرة. وهو يرى أنها من المسكر الطاهر، كما أورده في عنوانها في الكبيرة السبعين بعد المائة، وسترى أن كون الحشيشة طاهرة موضع خلاف بين الفقهاء، كما أن خلوها من الشدة المطربة مما يخالف فيه أيضا بعض الفقهاء، ولا شيء من هذا يمانع من أنها كلها تؤثر على العقل - الذي أمر الشارع بحفظه - أسوأ تأثير، وأن القليل منها مما يدعو إلى الكثير، فإذا اختلفت وجهة النظر عند بعضهم فأجاز القليل منها فإنه مذهب ضعيف يشبه القول بإباحة القليل من بعض الأشربة المسكرة، مخالفا لقوله صلى الله عليه وسلم:«ما أسكر كثيره فقليله حرام (3)» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام (4)» ، وكان هذا منه صلى الله تعالى عليه وسلم سدا لباب الفساد وإغلاقا لمقدمة الشر، وقد تجلت حكمته صلى الله عليه وسلم في ذلك، فما شرب أحد من أي شراب محظور إلا وجد فيه الرغبة التي تغري بالمتابعة، ولا أخذ من الحشيشة قطعة إلا تركت فيه أثرا منها يدعوه إلى معاودتها إلا من عصم ربك، ولكن الأحكام الشرعية تناط بالغالب من أحوال الناس، ولهذا

(1) 179/ 2.

(2)

يريد الحشيشة.

(3)

سنن الترمذي الأشربة (1865)، سنن أبو داود الأشربة (3681)، سنن ابن ماجه الأشربة (3393)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 343).

(4)

سنن الترمذي الأشربة (1866)، سنن أبو داود الأشربة (3687).

ص: 34

فإننا نرى تحريم القليل والكثير، ومما أورده صاحب (عون المعبود شرح سنن أبي داود) في هذا المقام نقلا عن العلامة أبي بكر بن قطب القسطلاني في كتابه (تكريم المعيشة) (1): أن الحشيشة ملحقة بجوزة الطيب والأفيون والبنج، وهذه من المسكرات المخدرات. وهو تصريح يمثل ما أورده ابن حجر الهيثمي في هذا المقام كما رأيته.

وكان إلحاق القسطلاني إياها بجوزة الطيب ونحوها ناشئ عن أنه سبق له حكم هذه الأشياء قبل حكم الحشيشة أو نحو ذلك. ثم نقل شارح السنن عن الزركشي أنه قال: (إن هذه المخدرات تؤثر في متعاطيها المعنى الذي يدخله في حد السكران، وذكر عدة تعريفات مما أورده الفقهاء للسكران في كتب الفقه منها: أنه الذي اختل كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم، ومنها: أنه الذي لا يعرف الأرض من السماء.

وهذا المعنى ينقله الحنفية عن الإمام أبي حنيفة في بعض كتبهم، ثم انتقل إلى بيان وجه اعتبارها مسكرة أو غير مسكرة، فإن أريد بالإسكار تغطية العقل فهي مسكرة، وإن أريد تغطية العقل مع الطرب فهي غير مسكرة، وسترى أن بعض فقهاء الحنابلة ذهب إلى أن في بعضها وهو الحشيش النشوة والطرب كالخمر، ولهذا أعطى الحشيش أحكام الخمر الثلاثة (2) دون بقية المخدرات فإن فيها الحرمة والتعزير فقط، وقد أطال صاحب عون المعبود النقل عن الزركشي في هذا المقام بما ليس من جوهره عندنا، فليراجعه من شاء.

ثم نقل عن القاموس ما يفسر الفتور الوارد في حديث أبي داود، «أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر (3)» فقال: فتر جسمه فتورا: لانت مفاصله وضعف، والفتار كغراب: ابتداء النشوة. ونقل عن المصباح في التخدير خدر العضو خدرا من باب تعب: استرخى فلا يطيق الحركة.

ومن هذه النقول وأشباهها يتضح لك أن كون هذه المخدرات تعتبر

(1) عون المعبود 321/ 3.

(2)

وهي الحد والنجاسة وتحريم القليل.

(3)

سنن أبو داود الأشربة (3686)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 309).

ص: 35

مسكرة موضع بحث الفقهاء، ومع ذلك سترى في النقول الآتية إجماعهم على حرمة الكثير المفسد للعقل، وإن أجاز بعضهم القليل منها للتداوي فقط من وجهة نظره التي سنزيدها بيانا مع البحث والتحقيق الفقهي، ومن تتمة النظر في هذا أن نضيف أن بعض الفقهاء لم يكتف في بعض هذه المخدرات باعتباره مسكرا بل سماه خمرا منهم شيخ الإسلام الفقيه المحقق الإمام أحمد ابن تيمية، وكانت فيه غيرة دينية عجيبة وسعة أفق كما سترى في رأيه الفقهي مع أراء الفقهاء من مختلف المذاهب، وكذلك الحافظ الذهبي كما جاء في كتاب (الزواجر):

والواقع أن دراسة العلاقات بين هذه العناصر المخدرة وبين الخمر دراسة لها شأنها في صميم موضوعنا؛ لأنها هي التي بنى الفقهاء حكمهم في الجملة عليها، ولقد استبان ذلك في الرابط المحقق بينها، وهو حصول المفسدة في تناولها وهي في محيط المفسدة في شرب الخمر، فكيف لا تقرن بها في مناسبة الأحكام الشرعية؟ ولقد وضح ذلك المعنى في التصويرات النبوية لمن يعقل مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«كل مسكر خمر (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام (2)» ، ونحو ذلك، كما أنه وضح في آثار هذه المخدرات التي جعلت الناس تتساءل وترجع إلى رجال الفقه من علماء الإسلام؛ لتعرف حكم الشرع في تعاطيها على وجهه، فإذا كان القرآن الكريم قد اتجه بحكمه الواضح الصريح في الخمر التي شربت في الجاهلية، ثم استمر شربها حتى حكم الإسلام بحرمتها فذلك لأنها هي التي كانت، فورد الحكم بشأنها، وإذا كانت السنة قد شنعت كل التشنيع على الخمر وبائعها وعاصرها، فإنها لم تترك البيان في المسكرات الأخرى ولا في المفتر كما أشرنا، وكما نبين إن شاء الله، وكان من حكمة الإسلام أن لا يذكرها بأسمائها.

كما كان الشأن في غيرها مما أحدث الناس من الفجور حتى لا يخاطب الناس بما لا يعرفون، ولكن الإسلام نهى عن الضرر والضرار، ونهى عن الخبائث

(1) صحيح مسلم الأشربة (2003)، سنن الترمذي الأشربة (1861)، سنن أبو داود الأشربة (3679)، سنن ابن ماجه الأشربة (3390)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 98).

(2)

سنن الترمذي الأشربة (1866)، سنن أبو داود الأشربة (3687).

ص: 36