الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموضع الذي صلى فيه بمكة وغيرها، فإذا كان الموضع الذي كان يطؤه بقدميه الكريمتين ويصلي عليه لم يشرع لأمته التمسح به ولا تقبيله، فكيف بما يقال أن غيره صلى فيه أو نام عليه؟ فتقبيل شيء من ذلك والتمسح به قد علم العلماء بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا ليس من شريعته صلى الله عليه وسلم. (1).
(1) انظر اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 795 - 802) تحقيق الدكتور ناصر العقل.
3 -
البدع في مجال العبادات والتقرب إلى الله:
البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع شيء منها إلا بدليل، وما لم يدل عليه دليل فهو بدعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» ، والعبادات التي تمارس الآن ولا دليل عليها كثيرة جدا؛ منها: الجهر بالنية للصلاة، بأن يقول: نويت أن أصلي لله كذا وكذا، وهذا بدعة؛ لأنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الله تعالى يقول:{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم} (2).
والنية محلها القلب فهي عمل قلبي لا عمل لساني، ومنها الذكر الجماعي بعد الصلاة؛ لأن المشروع أن كل شخص يقول الذكر الوارد منفردا، ومنها طلب قراءة الفاتحة في المناسبات وبعد الدعاء وللأموات، ومنها إقامة المآتم على الأموات وصناعة الأطعمة واستئجار المقرئين، يزعمون أن ذلك من باب العزاء، أو أن ذلك ينفع الميت، وكل ذلك بدعة لا أصل لها وآصار وأغلال ما أنزل الله بها من سلطان، ومنها الاحتفال بالمناسبات الدينية كمناسبة الإسراء والمعراج ومناسبة الهجرة
(1) صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).
(2)
سورة الحجرات الآية 16
النبوية، وهذا الاحتفال بتلك المناسبات لا أصل له من الشرع، ومن ذلك ما يفعل في شهر رجب كالعمرة الرجبية، وما يفعل فيه من العبادات الخاصة به كالتطوع بالصلاة والصيام؛ فإنه لا ميزة له على غيره من الشهور لا في العمرة والصيام والصلاة والذبح للنسك فيه، ولا غير ذلك، ومن ذلك الأذكار الصوفية بأنواعها كلها بدع ومحدثات؛ لأنها مخالفة للأذكار المشروعة في صيغها وهيئاتها وأوقاتها. ومن ذلك تخصيص ليلة النصف من شعبان بقيام ويوم النصف من شعبان بصيام؛ فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء خاص به. ومن ذلك البناء على القبور واتخاذها مساجد وزيارتها لأجل التبرك بها، والتوسل بالموتى وغير ذلك من الأغراض الشركية، وزيارة النساء لها مع «أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج (1)» .
وختاما: نقول: إن البدع بريد الكفر، وهي زيادة دين لم يشرعه الله ولا رسوله، والبدعة شر من المعصية الكبيرة. والشيطان يفرح بها أكثر مما يفرح بالمعاصي الكبيرة؛ لأن العاصي يفعل المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها، والمبتدع يفعل البدعة يعتقدها دينا يتقرب به إلى الله فلا يتوب منها، والبدع تقضي على السنن، وتكره إلى أصحابها فعل السنن وأهل السنة، والبدعة تباعد عن الله وتوجب غضبه وعقابه وتسبب زيغ القلوب وفسادها.
ما يعامل به المبتدعة: تحرم زيارة المبتدع ومجالسته إلا على وجه النصيحة له والإنكار عليه؛ لأن مخالطته تؤثر على مخالطه شرا، وتنشر عدواه إلى غيره.
ويجب التحذير منهم ومن شرهم إذا لم يمكن الأخذ على أيديهم، ومنعهم من مزاولة البدع، وإلا فإنه يجب على علماء
(1) سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1574)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 443).
المسلمين وولاة أمورهم منع البدع والأخذ على أيدي المبتدعة، وردعهم عن شرهم؛ لأن خطرهم على الإسلام شديد.
ثم إنه يجب أن يعلم أن دول الكفر تشجع المبتدعة على نشر بدعتهم، وتساعدهم على ذلك بشتى الطرق؛ لأن في ذلك القضاء على الإسلام وتشويه صورته.
نسأل الله عز وجل أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويخذل أعداءه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
صالح بن فوزان الفوزان
صفحة فارغة
عبد الله الترجمان الأندلسي
حياته وأعماله
الشيخ / عبد القيوم محمد شفيع البستوي
قصة إسلام أكبر قسيس أندلسي في القرن الثامن الهجري، كان يبحث عن شخصية " فارقليط " فهداه الله إلى الإسلام وأخرجه من ظلمات التثليث إلى نور التوحيد.
في الوقت الذي كان الصليبيون يكرسون جهودهم في نشر المسيحية المحرفة على يدي شاول، أو البولس - اليهودي - في ربوع الأندلس بعد نفي المسلمين منها، يهدي الله رجلا من أكبر علماء النصارى ورهبانهم، ويشرح صدره للإسلام فآمن واستقام، وجاهد بيده ولسانه وقلمه؛ لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
وقد ألف هذا الرجل كتابا كشف فيه عن فضائح النصرانية، ومكائد علماء النصارى ومفتريات مؤلفي الأناجيل وأكاذيبهم، وسماه " تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب ".
وقد قمت بتلخيص قصة حياته هذه من كتابه المذكور الذي عقد فيه فصلا خاصا عن حياته وأعماله، وأحوال
زمانه، عسى أن ينفع الله به قوما يؤمنون بربهم حق إيمانه، وآخرين لم يؤمنوا به، ولكنهم لو أخلصوا النية في الإيمان بربهم، لكانت حياة هذا الرجل نبراسا لهم بإذن الله وتوفيقه.
اسمه:
ذكر الدكتور محمد علي حماية - محقق تحفة الأريب - أن المستشرق الأسباني " أسين بلاثيوس " قال: إن عبد الله الترجمان كان قبل إسلامه قسيسا يدعى " انسلم تورميدا "(1)، أما المؤلف نفسه فلم يتعرض لاسمه في كتابه.
ولادته ونشأته:
ولد في مدينة " ميورقة " بالأندلس ما بين عام (758 هـ) إلى عام (759 هـ). إثر سقوط الأندلس على أيدي الصليبيين الحاقدين الغاشمين.
وكان ينتمي إلى أسرة لها منزلة سامية في نفوس النصارى، فكان أبوه ذا شخصية بارزة في المدينة، ولم يكن له ذرية سوى المؤلف،
(1) انظر مقدمة تحفة الأريب ص (1).