الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية 66 من سورة العنكبوت. " وليتمتعوا " قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بإسكان اللام على معنى الأمر، والمعنى ليتمتعوا بباقي أعمارهم {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (1) عاقبة كفرهم. وقرأ الباقون بكسر اللام في " ليتمتعوا " فجعلوا اللامين بمعنى " كي " فتقديره: كي يكفروا ولكي يتمتعوا. فيكون معنى الكلام: إذا هم يشركون ليكفروا وليتمتعوا: أي لا فائدة لهم في الإشراك إلا الكفر والتمتع بما يتمتعون به في العاجلة من غير نصيب لهم في الآخرة (2).
ذلك هو موقف ابن الجوزي من القراءات يذكرها ثم يذكر المعنى على كل قراءة من تلك القراءات ليكون أبين وأوضح وأدعى إلى النفع.
(1) سورة العنكبوت الآية 66
(2)
زاد المسير جـ 6 ص 284.
تفسير القرآن بالقرآن أو بالسنة:
رأى ابن الجوزي بثاقب نظره وعميق فكره أن القرآن الكريم قد اشتمل على إيجاز وإطناب وعموم وخصوص وإطلاق وتقييد وما جاء موجزا في مكان قد بسط في مكان آخر، فكان لا بد من تفسير الموجز بالمبسوط. فكان يذكر الآية التي تقابل أو تفسر أو توضح الآية التي يقوم بتفسيرها، ونلمس ذلك واضحا في تفسيره: فمثلا عند قوله تعالى {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (1) الآية 37 من سورة البقرة ". قال: وفي الكلمات أقوال:
أحدها:
أنها قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2) الآية 23 من سورة الأعراف. وفي قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْهِ} (3) قال: أصل التوبة الرجوع، فالتوبة من آدم رجوعه عن المعصية وهي من الله تعالى رجوعه عليه بالرحمة، وإنما لم يذكر حواء في التوبة لأنها لم يجر لها ذكر. لا أن توبتها لم تقبل، وقال قوم: إذا كان معنى فعل الاثنين واحدا جاز أن
(1) سورة البقرة الآية 37
(2)
سورة الأعراف الآية 23
(3)
سورة البقرة الآية 37
يذكر أحدهما ويكون المعنى لهما كقوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (1) سورة التوبة آية 63، وقوله تعالى:{فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (2) سورة طه الآية 117 (3).
ومثلا عند قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (4) آية 103 من سورة الأنعام. قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} (5) في الإدراك قولان أحدهما: أنه بمعنى الإحاطة، والثاني بمعنى الرؤية. وفي (الإبصار) قولان أحدهما: أنها العيون: قاله الجمهور، والثاني أنها العقول. ففي معنى الآية ثلاثة أقوال. القول الثالث منها: لا تدركه الأبصار في الدنيا: رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الحسن ومقاتل ويدل على أن الآية مخصوصة بالدنيا قوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (6){إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (7) سورة القيامة. فقيد النظر إليه بالقيامة وأطلق في هذه الآية، والمطلق حمل على المقيد (8) ومثلا عند تفسيره لقوله تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (9) الآية 31 من سورة النساء يقول: اجتناب الشيء تركه جانبا وفي الكبائر أحد عشر قولا:
أحدها: أنها سبع. فروى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي عند الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات (10)» .
والثاني: أنها تسع. وروى حديثا عن عبيد بن عمير عن أبيه. والثالث: أنها أربع وروى كذلك حديثا في البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر. وروى
(1) سورة التوبة الآية 62
(2)
سورة طه الآية 117
(3)
زاد المسير جـ 1 ص 69، 70.
(4)
سورة الأنعام الآية 103
(5)
سورة الأنعام الآية 103
(6)
سورة القيامة الآية 22
(7)
سورة القيامة الآية 23
(8)
زاد المسير جـ 3 ص 98، 99.
(9)
سورة النساء الآية 31
(10)
زاد المسير جـ 2 ص 62، 63.