الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز أكل لحم الخيل، وإنما لم يذكر في الآية لأنه ليس هو المقصود، وإنما معظم المقصود بها الركوب والزينة. وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك: لا تؤكل لحوم الخيل (1).
(1) زاد المسير جـ 4 ص 431.
اللغة والنحو:
لقد اهتم ابن الجوزي اهتماما كبيرا باللغة العربية والنحو ويظهر ذلك من خلال تفسيره، ولقد ورد ذلك أيضا في مقدمة تفسيره للجزء الأول، حيث جاء في المقدمة: " لم يفته وهو يفسر مفردات القرآن أن يذكر اشتقاقها استكمالا للمعنى وزيادة في الفائدة (1).
فقد كان يورد الروايات والآراء التي وردت في تفسير اللفظ وما أيدها من الأشعار العربية والدلالة على معناها إلا أنه لم يكن يتعرض لها بالتعليق برأيه، بل كان يوردها مجردة عن التعليق بمعنى كل قائل واستشهاده، ثم بالنحو والإعراب وفي أحيان كثيرة يعرض للقراءات على الرفع أو على النصب أو خلافه، فمثلا عند تفسيره لسورة الفاتحة قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ} (2) يقول: فأما الرب فهو المالك، ولا يذكر هذا الاسم في حق المخلوق إلا بالإضافة، فيقال: هذا رب الدار، ورب العبد. وقيل: هو مأخوذ من التربية.
قال شيخنا أبو منصور اللغوي - يقال: رب فلان صنيعته يربها ربا: إذا أتمها وأصلحها فهو رب وراب. قال الشاعر:
برب الذي يأتي من الخير إنه
…
إذا سئل المعروف زاد وتمما
قال: والرب يقال على ثلاثة أوجه، أحدها: المالك يقال: رب الدار، والثاني: المصلح يقال: رب الشيء، والثالث:: السيد المطاع قال تعالى: {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} (3) سورة يوسف آية 41. والجمهور على خفض باء رب. وقرأ ابن السميفع
(1) زاد المسير جـ 1 ص 4.
(2)
سورة الفاتحة الآية 2
(3)
سورة يوسف الآية 41
وعيسى بن عمر بنصبها، وقرأ أبو رزين العقيلي، والربيع بن خثيم، وأبو عمران الجوفي برفعها (1) وترى الإعراب والخلافات النحوية واضحة جلية عند تفسير قوله تعالى:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} (2) سورة آل عمران آية 30. قال الزجاج نصب اليوم بقوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (3) في ذلك اليوم. قال ابن الأنباري: يجوز أن يكون متعلقا بالمصير، والتقدير: وإلى الله المصير يوم تجد، ويجوز أن يكون متعلقا بفعل مضمر، والتقدير: اذكر يوم تجد. وفي كيفية وجود العمل وجهان أحدهما: وجوده مكتوبا في الكتاب، والثاني وجود الجزاء عليه (4).
ومثلا عند تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} (5) سورة النساء آية 81، قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} (6) نزلت في المنافقين كانوا يؤمنون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمنوا فإذا خرجوا خالفوا، هذا قول ابن عباس. قال الفراء والرفع في طاعة على معنى أمرك طاعة.
قوله تعالى: {بَيَّتَ طَائِفَةٌ} (7) قال ابن قتيبة: والمعنى فإذا برزوا من عندك، أي خرجوا، بيت طائفة منهم غير الذي تقول: أي: قالوا وقدروا ليلا غير ما أعطوك نهارا. قال الشاعر:
أتوني فلم أرض ما بيتوا
…
وكانوا أتوني بشيء نكر
والعرب تقول: هذا أمر قد قدر بليل، وفرغ منه بليل، ومنه قول الحارث بن حلزة:
أجمعوا أمرهم عشاء فلما
…
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
وقال بعضهم بيت بمعنى بدل وأنشد:
وبيت قولي عند المليك
…
قاتلك الله عبدا كفورا (8)
(1) زاد المسير جـ 1 ص 11.
(2)
سورة آل عمران الآية 30
(3)
سورة آل عمران الآية 30
(4)
زاد المسير جـ 1 ص 372.
(5)
سورة النساء الآية 81
(6)
سورة النساء الآية 81
(7)
سورة النساء الآية 81
(8)
زاد المسير جـ 2 ص 142، 143.
فإننا نرى اللغة والإعراب وأشعار العرب في تفسير تلك المفردات اللغوية ورواية الشعر للاستشهاد وتفسير الألفاظ هي الطريقة المشهورة لابن عباس رضي الله عنه الذي قد نقل عنه ابن الجوزي، ومن أهم مصادره وكذلك نجد المعاني البلاغية واضحة بارزة.
ومثلا عند تفسير قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} (1) سورة الأعراف آية 92 فيها أربعة أقوال: القول الأول: كأن لم يعيشوا في دارهم، قاله ابن عباس والأخفش قال حاتم طيئ:
غنينا زمانا بالتصعلك والغنى
…
فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر
فما زادنا بغيا على ذي قرابة
…
غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر
قال الزجاج: معنى غنينا: عشنا - والتصعلك: الفقر - والعرب تقول للفقير صعلوك. والثاني: كأن لم يتنعموا فيها، قاله قتادة.
والثالث: كأن لم يكونوا فيها، قاله ابن زيد ومقاتل.
والرابع: كأن لم ينزلوا فيها، قاله الزجاج. قال الأصمعي: المغاني: المنازل، يقال: غنينا بمكان كذا. أي نزلنا به. وقال ابن قتيبة كأن لم يقيموا فيها.
ومعنى غنينا بمكان كذا: أقمنا. قال ابن الأنباري وإنما كرر قوله: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا} (2) للمبالغة في ذمهم: كما تقول: أخوك الذي أخذ أموالنا، أخوك الذي شتم أعراضنا (3).
ومثلا عند تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} (4) سورة إبراهيم، آية 10، يقول: هذا استفهام إنكار والمعنى لا شك في الله أي في توحيده (يدعوكم) بالرسل والكتب {لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} (5) قال أبو عبيدة - من زائدة - كقوله: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (6) سورة الحاقة، آية 47. قال أبو ذؤيب:
(1) سورة الأعراف الآية 92
(2)
سورة الأعراف الآية 92
(3)
زاد المسير جـ 3 ص 232، 233
(4)
سورة إبراهيم الآية 10
(5)
سورة إبراهيم الآية 10
(6)
سورة الحاقة الآية 47