الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجهة نظر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
فلما كانت الأوراق النقدية لا قيمة لها في نفسها، ولم تكن قيمتها مستمدة من مجرد إصدار الدولة لها وحمايتها إياها، وإنما قيمتها فيما أكسبها ثقة الدول بها، وجعلها مع سن الدولة لها قوة شرائية وأثمانا للسلع ومقياسا للقيم، ومستودعا عاما للادخار، ولما كان الذي أكسبها ذلك وجعلها صالحة للحلول محل ما سبقها من العملات المعدنية هو ما استندت إليه من الغطاء ذهبا أو فضة أو ما يقدر بهما من ممتلكات الدولة أو إنتاجها أو احتياطها، أو أوراق مالية أو أوراق تجارية.
لما كان الأمر كذلك كانت الأوراق النقدية بدلا عما حلت محله من عملات الذهب أو الفضة التي سبقتها في التعامل بها، وكانت تابعة لهما، فما كان منها متفرعا عن ذهب فله حكم الذهب، وما كان منها متفرعا عن فضة فله حكم الفضة، وعلى هذا تجب فيها الزكاة كأصلها، ويقدر فيها النصاب بما قدر به في أصلها، ويجري فيها ربا الفضل والنسيئة مع اعتبار أن ما كان منها متفرعا عن فضة حسب الأصل جنس، وما كان متفرعا عن ذهب في الأصل جنس، ولا يجوز بيع الورقة النقدية بما تفرعت عنه من الذهب أو الفضة. . . مع التفاضل
ويعتبر قبض الأوراق النقدية في حكم قبض ما حلت محله من الذهب أو الفضة، هذا وليس بلازم أن يكون في خزينة الدولة ذهب أو فضة بالفعل ما دامت خاماتها وسائر إمكانياتها التي تقدر بوحدتها السابقة من الذهب أو الفضة قائمة محققة، تقوم مقامها في استمرار الثقة بالأوراق النقدية في دولة الإصدار وغيرها من الدول، وليس بلازم أيضا أن تسلم مؤسسة النقد ذهبا أو فضة لحامل الورقة النقدية مقابل ما فيها ما دامت الأوراق النقدية تؤدي وظيفتها وتقوم بما أنشئت من أجله، فإن لولي الأمر أن يتصرف في غطاء الأوراق النقدية أيا كان الغطاء فيما يعود على أمته بالمصلحة من وجوه تنمية
الثروة والترفيه عن الرعية حتى لا تبقى معطلة في خزينة الدولة أو معرضه للتبديد والتهريب في أيدي الأفراد.
وبهذا يعرف أن عدم وجود الغطاء في خزينة الدولة بالفعل وعدم رد المقابل لحاملها لا يعتبر إلغاء للغطاء، ولا إبطالا له، ما دام الغطاء الذي هو روح العملة وسر الثقة بها موجودا قائما ممثلا فيما يثبت ملاءة الدولة وقوة إمكانياتها، ويكسب الثقة بها في الداخل والخارج من كل ما يقدر بوحدتها التي كانت الدولة تتعامل بها قبل إصدار الأوراق النقدية.
وإن وجود وحدة متفق عليها كالذهب مثلا تقاس بها موجودات وإمكانيات الدول ليعرف بها مدى ملاءة كل دولة بالنسبة للأخرى لا ينافي وجود غطاء لأوراق الدولة النقدية وإن تنوع، كما أنه لا ينافي وجود وحدة خاصة بكل دولة تتصل بعملتها المعدنية السابقة.
وقد سئل سعادة محافظ مؤسسة النقد أسئلة منها ما هو في الموضوع ومن اختصاصه، كالأسئلة المتعلقة بالغطاء وبالسر في ارتفاع سعر العملة وانخفاضها، فسلم وجود الغطاء وإن تنوع، وأن من الدول مالها احتياطي ومنها ما ليس لها احتياطي أو لها احتياطي ضعيف، ومنها ما ليس من اختصاصه بل من اختصاص الهيئة كالسؤال: هل الأوراق النقدية عملة قائمة بنفسها أو بدل عن غيرها، فإن الجواب عن هذا السؤال من اختصاص الهيئة بعد سؤالها عن مقدمات اقتصادية يبنى على الجواب عنها حكم الهيئة بأن الأوراق النقدية عملة قائمة بنفسها أو بدل عن غيرها حالة محلها، وهناك أسئلة أخرى لم توجه إلى سعادة محافظ المؤسسة إما لضيق الوقت، وقد كان من الممكن أن يستدعى في جلسة أخرى، وإما لاكتفاء الأكثرية بالإجابة عن بعض الأسئلة، وبالرجوع إلى ما كتب الأعضاء من الأسئلة وجعل عند فضيلة الأمين، والمقارنة بينها وبين الأجوبة يتبين ما ذكرت من عدم توجيه كل الأسئلة لسعادة المحافظ. . والله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم في 16/ 4 / 1393 هـ
عضو هيئة كبار العلماء
عبد الرزاق عفيفي