الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأكثر العلماء يقدمون ذا الدين، فإن الأئمة متفقون على أنه لا بد في المتولي من أن يكون عدلا أهلا للشهادة، واختلفوا في اشتراط العلم: هل يجب أن يكون مجتهدا أو يجوز أن يكون مقلدا، أو الواجب تولية الأمثل فالأمثل كيفما يتيسر؟ على ثلاثة أقوال. . . إلخ.
10 -
وقال (1) أيضا: وكذلك ما يشترط في القضاة والولاة من الشروط يجب فعله بحسب الإمكان. . . كل ذلك واجب مع القدرة، فأما مع العجز فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها. وجاء (2). معنى ذلك عن ابن القيم رحمه الله.
(1) مجموع الفتاوى 28/ 388 ويرجع أيضا إلى السياسة الشرعية 66.
(2)
إعلام الموقعين 1/ 114 وما بعدها، طبعة المدني.
جـ -
أقوال فقهاء الإسلام فيما يحكم به كل منهم إذا تولى القضاء مجتهدا كان أم مقلدا
أ -
المذهب الحنفي:
1 -
قال (1). ابن عابدين: لو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه فيه ناسيا نفذ عنده، وفي العامد روايتان، وعندهما لا ينفذ في الوجهين، واختلف الترجيح. قال في الفتح والوجه الأول أن يفتي بقولهما؛ لأن التارك لمذهبه عمدا لا يفعله إلا لهوى باطل، وأما الناسي فلأن المقلد ما قلده إلا فيما حكا بمذهبه لا بمذهب غيره هذا كله في القاضي المجتهد، أما القاضي المقلد فإنما ولاه ليحكم بمذهب أبي حنيفة، فلا يملك المخالفة فيكون معزولا بالنسبة إلى ذلك الحكم.
2 -
وقال أيضا تحت مطلب قضاء القاضي بغير مذهبه ما نصه. وحاصل هذه المسألة أنه يشترط لصحة القضاء أن يكون موافقا لرأيه أي لمذهبه مجتهدا كان أو مقلدا فلو قضى بخلافه لا ينفذ لكن في البدائع إذا كان
(1) حاشية ابن عابدين 4/ 498.
مجتهدا ينبغي أن يصح ويحمل على أنه اجتهد فأداه اجتهاده إلى مذهب الغير. انتهى.
3 -
وقال (1). أيضا تحت مطلب الحكم بما خالف الكتاب والسنة والإجماع، قلت: لكن قد علمت أن عدم النفاذ في متروك التسمية بني على أنه لم يختلف فيه السلف، وأنه لا اعتبار بوجود الخلاف بعدهم، وحينئذ فلا يفيد احتمال الآية أوجها من الإعراب، نعم على ما يأتي من تصحيح اعتبار اختلاف ما بعدها يقوي ما في هذا البحث ويؤيده ما في الخلاصة من أن القضاء بحل متروك التسمية عمدا جائز عندهما لا عند أبي يوسف، وكذا ما في الفتح عند المنتقى من أن العبرة في كون المحل مجتهدا فيه اشتباه الدليل لا حقيقة الخلاف.
4 -
" ويأخذ "(2). القاضي كالمفتي " بقول أبي حنيفة على الإطلاق، ثم بقول أبي يوسف، ثم بقول محمد، ثم بقول زفر، والحسن بن زياد " وهو الأصح " منية وسراجية وعبارة النهر، ثم بقول الحسن فتنبه وصحح في الحاوي اعتبار قوة المدرك والأول اضبط. نهر " ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا، بل المقلد متى خالف معتمد مذهبه لا ينفذ حكمه وينقض هو المختار للفتوى كما بسطه المصنف في فتاويه وغيره. . . وفي القسهتاني وغيره.
اعلم أن كل موضع قالوا الرأي فيه للقاضي فالمراد قاضي له ملكة الاجتهاد. انتهى، وفي الخلاصة وإنما ينفذ القضاء في المجتهد فيه إذا علم أنه مجتهد فيه وإلا فلا.
5 -
قال ابن عابدين على قول صاحب الدر " والأول اضبط " قال: لأن ما في الحاوي خاص فيمن له اطلاع على الكتاب والسنة وصار له ملكة النظر
(1) حاشية ابن عابدين 5/ 400.
(2)
تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار، عليه حاشية ابن عابدين 5/ 360، 361.
في الأدلة واستنباط الأحكام منها ذلك هو المجتهد المطلق أو المقيد بخلاف الأول فإنه يمكن لمن هو دون ذلك.
وقال أيضا على قول صاحب تنوير الأبصار " ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا " أي لا يجوز له مخالفة الترتيب المذكور إلا إذا كان له ملكة يقتدر بها على الاطلاع على قوة المدرك، وبهذا رجع القول الأول إلى ما في الحاوي من العبرة في المفتي المجتهد لقوة المدرك، نعم فيه زيادة تفصيل سكت عنها الحاوي، فقد اتفق القولان على أن الأصح هو أن المجتهد في المذهب من المشايخ الذين هم أصحاب الترجيح لا يلزمه الأخذ بقول الإمام على الإطلاق، بل عليه النظر في الدليل وترجيح ما رجح عنده دليله، ونحن نتبع ما رجحوه واعتمدوه كما لو افتوا في حياتهم. . . إنه إن لم يكن مجتهدا فعليه تقليدهم واتباع رأيهم فإذا قضى بخلافه لا ينفذ حكمه.
6 -
قال (1) الكاساني: فأما إذا لم يكن من أهل الاجتهاد فإن عرف أقاويل أصحابنا وحفظها على الاختلاف والاتفاق عمل بقول من يعتقد قوله حقا على التقليد، وإن لم يحفظ أقاويلهم عمل بفتوى أهل الفقه في بلده من أصحابنا، وإن لم يكن في البلد إلا فقيه واحد، فمن أصحابنا من قال له أن يأخذ بقوله، ونرجو ألا يكون عليه شيء لأنه إذا لم يكن من أهل الاجتهاد بنفسه وليس هناك سواه من أهل الفقه مست الضرورة إلى الأخذ بقوله، قال الله تبارك وتعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2) ولو قضى بمذهب خصمه وهو يعلم ذلك فلا ينفذ قضائه، لأنه قضى بما هو باطل عنده في اعتقاده فلا ينفذ كما لو كان مجتهدا، فترك رأي نفسه وقضى برأي مجتهد يرى رأيه باطلا؛ فإنه لا ينفذ قضاؤه
(1) بدائع الصنائع 7/ 5.
(2)
سورة النحل الآية 43
لأنه قضى بما هو باطل في اجتهاده، كذا هنا ولو نسي القاضي مذهبه فقضى بشيء على ظن أنه مذهب نفسه، ثم تبين أنه مذهب خصمه، ذكر في شرح الطحاوي أن له أن يبطله ولم يذكر الخلاف؛ لأنه إذا لم يكن مجتهدا تبين أنه قضى بما لا يعتقده حقا، فتبين أنه وقع باطلا كما لو قضى وهو يعلم أن ذلك مذهب خصمه.
7 -
قال (1) علي بن خليل الطرابلسي في معرض بحثه " الركن الثاني من أركان القضاء، والمقضي به واجتهاد القاضي في القضاء " قال ما نصه: ثم لا بد من معرفة فصلين أحدهما إذا اتفق أصحابنا في شيء، قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله لا ينبغي للقاضي أن يخالفهم برأيه؛ لأن الحق لا يعدوهم فإن أبا يوسف كان صاحب حديث حتى روي أنه قال: احفظ عشرين ألف حديث من المنسوخ فإذا كان يحفظ من المنسوخ هذا القدر فما ظنك بالناسخ، وكان صاحب فقه ومعنى أيضا، ومحمد صاحب قريحة يعرف أحوال الناس وعاداتهم وصاحب فقه ومعنى، ولهذا قل رجوعه في المسائل، وكان مقدما في معرفة اللغة، وله معرفة في الأحاديث أيضا.
وأبو حنيفة رحمه الله كان مقدما في ذلك كله، إلا أنه قلت روايته لمذهب خاص له في باب الحديث، وهو أنه إنما تحل رواية الحديث عنده إذا كان يحفظ الحديث من حين سمع إلى أن يروى. ثم ذكر بعد ذلك طريقة الأخذ فيما إذا اختلف بعضهم عن بعض.
8 -
وقال (2) أيضا في معرض بحثه نقض القاضي أحكام نفسه قال ما نصه
(1) مفيد الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام 29، طبعة بولاق.
(2)
معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام 33، طبعة بولاق.