الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو ظاهر مما يأتي فذكر التعذر تصوير لا غير " فولى السلطان أو من له شوكة ". . . " فاسقا أو مقلدا "" ولو جاهلا " نفذ قضاؤه الموافق لمذهبه المعتد به، وإن زاد فسقه " للضرورة " لئلا تتعطل مصالح الناس. . .
ويجب عليه رعاية الأمثل فالأمثل رعاية لمصلحة المسلمين، وما ذكر في المقلد محله إن كان ثم مجتهد وإلا نفذت تولية المقلد ولو من غير ذي الشوكة. . . ومعلوم أنه يشترط في غير الأهل معرفة طرف من الأحكام. . . ويلزم قاضي الضرورة بيان مستنده في سائر أحكامه، كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله، ولا يقبل قوله: حكمت بكذا من غير بيان مستنده فيه، وكأنه لضعف ولايته. انتهى المقصود.
د -
المذهب الحنبلي:
1 -
قال (1) في المنتهى وشرحه: فيجب على الإمام أن ينصب بكل إقليم قاضيا إلى أن قال: وعلى الإمام أن يختار لذلك أفضل من يجده علما وورعا؛ لأن الإمام ينظر للمسلمين فوجب عليه تحري الأصلح لهم.
2 -
وقال (2) أيضا وله أن يولي قاضيا من غير مذهبه.
3 -
وقال (3) أيضا بعد ذكره لشروط الاجتهاد فمن عرف أكثر ذلك فقد صلح للفتيا والقضاء، لتمكنه من الاستنباط والترجيح بين الأقوال، قال في آداب المفتي: ولا يفسر جهله بذلك لشبهة أو إشكال لكن يكفيه معرفة وجوه دلالة الأدلة، وكيفية أخذ الأحكام من لفظها ومعناها، وزاد ابن عقيل في التذكرة: ويعرف وجوه الاستدلال واستصحاب الحال والقدرة على إبطال شبه المخالف وإقامة الدليل على مذهبه.
4 -
وقال (4) أبو يعلى: فأما ولاية القضاء فلا يجوز تقليد القضاء إلا لمن كملت فيه سبع شرائط - ومضى إلى أن قال - فإذا عرف ذلك صار
(1) المنتهى وشرحه 3/ 459 ويرجع أيضا إلى الإنصاف 12/ 155.
(2)
المنتهى وشرحه 3/ 463.
(3)
المنتهى وشرحه 3/ 467.
(4)
الأحكام السلطانية 45، 46.
من أهل الاجتهاد، ويجوز له أن يفتي ويقضي، ومن لم يعرف ذلك لم يعرف من أهل الاجتهاد ولم يجز له أن يفتي ولا أن يقضي، فإن قلد القضاء كان حكمه باطلا وإن وافق الصواب لعدم الشرط.
5 -
قال (1) الخرقي " رحمه الله ": ولا يولى قاض حتى يكون بالغا عاقلا مسلما حرا عادلا عالما فقيها ورعا.
6 -
قال (2) ابن قدامة رحمه الله: الشرط الثالث أن يكون من أهل الاجتهاد، وبهذا قال مالك والشافعي وبعض الحنفية، وقال بعضهم: يجوز أن يكون عاميا فيحكم بالتقليد؛ لأن الغرض منه فصل الخصائم، فإذا أحكمه ذلك بالتقليد جاز كما يحكم بقول المقومين.
ولنا قول الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (3) ولم يقل بالتقليد، وقال:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (4) وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (5) وروى بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «القضاة ثلاثة، اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل جار في الحكم فهو في النار (6)» رواه ابن ماجه. والعامي يقضي على جهل.
ولأن الحكم آكد من الفتيا لأنه فتيا وإلزام، ثم المفتي لا يجوز أن يكون عاميا مقلدا فالحكم أولى. . . ويخالف قول المقومين؛ لأن ذلك لا يمكن الحاكم معرفته بنفسه بخلاف الحكم.
وبعد أن شرح الاجتهاد قال: وقد نص أحمد على اشتراط ذلك للفتيا والحكم في معناه. فإن قيل: هذه شروط لا تجتمع فكيف يجوز
(1) المغني والشرح 11/ 380.
(2)
المغني والشرح 11/ 382، وما بعدها.
(3)
سورة المائدة الآية 49
(4)
سورة النساء الآية 105
(5)
سورة النساء الآية 59
(6)
سنن أبو داود الأقضية (3573)، سنن ابن ماجه الأحكام (2315).
اشتراطها؟. قلنا ليس من شرطه أن يكون محيطا بهذه العلوم إحاطة تجمع أقصاها، وإنما يحتاج إلى أن يعرف من ذلك ما يتعلق بالأحكام من الكتاب والسنة ولسان العرب، ولا أن يحيط بجميع الأخبار الواردة في هذا. فقد كان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب خليفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيراه وخير الناس بعده في حال إمامتهما يسألان عن الحكم فلا يعرفان ما فيه من السنة يسألان الناس فيخبران، فسئل أبو بكر عن ميراث الجدة، فقال: ما لك في كتاب الله شيء، ولا أعلم لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، ولكن ارجعي حتى أسأل الناس، ثم قام فقال انشد الله من يعلم قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجدة؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. وسأل عمر عن أملاص المرأة، فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة، ولا يشترط معرفة المسائل التي فرعها المجتهدون في كتبهم، فإن هذه فروع فرعها الفقهاء بعد حيازة الاجتهاد فلا تكون شرطا له وهو سابق عليها.
وليس من شرط الاجتهاد في مسألة أن يكون مجتهدا في كل المسائل. . . ثم قال: وإنما المعتبر أصول هذه الأمور، وهو مجموع مدون في فروع الفقه وأصوله، فمن عرف ذلك ورزق فهمه كان مجتهدا، له الفتيا وولاية الحكم إذا وليه. انتهى.
7 -
يشترط (1) فيمن يولى القضاء أن يكون مجتهدا مطلقا إن تيسر، وإلا جاز تولية مجتهد مذهب للحاجة، فإن لم يتيسر جاز تولية المقلد للحاجة وإلا تعطلت أحكام الناس. اهـ.
8 -
جاء في الكشاف (2) في أثناء الكلام على شروط القاضي " مجتهدا "
(1) الإنصاف 11/ 177، 178.
(2)
كشاف القناع عن متن الإقناع 6/ 237.
إجماعا ذكره ابن حزم، ولأنهم أجمعوا على أنه لا يحل لحاكم ولا لمفت تقليد رجل لا يحكم ولا يفتي إلا بقوله؛ لأن فاقد الاجتهاد إنما يحكم بالتقليد والقاضي مأمور بالحكم بما أنزل الله (1). ولا المفتي لا يجوز أن يكون عاميا مقلدا فالحاكم أولى " ولو " كان اجتهاده " في مذهب إمامه "" إذا لم يوجد غيره "" لضرورة " لكن في الإفصاح أن الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة، وأن الحق لا يخرج عنهم ثم ذكر أن الصحيح في هذه المسألة أن قول من قال: إنه لا يجوز تولية غير مجتهد، فإنه إنما عنى به ما كانت الحال عليه قبل استقرار ما استقرت عليه هذه المذاهب.
وقال الموفق في خطبة المغني: النسبة إلى إمام في الفروع كالأئمة الأربعة ليست بمذمومة، فإن اختلافهم رحمة، واتفاقهم حجة قاطعة " واختار في الإفصاح والرعاية أو مقلدا ".
قال في الإنصاف: " وعليه عمل الناس من مدة طويلة وإلا تعطلت أحكام الناس وكذا المفتي ".
قال ابن يسار ما أعيب على من يحفظ خمس مسائل لأحمد يفتي بها، وظاهر نقل عبد الله مفت غير مجتهد، ذكره القاضي وحمله الشيخ تقي الدين على الحاجة " فيراعي كل منهما ألفاظ إمامه، ويراعي من أقواله " متأخرا ويقلد كبار مذهب في ذلك ويحكم به ولو اعتقد خلافه لأنه مقلدا " ولا يخرج عن الظاهر عنه.
9 -
وقال (2). شيخ الإسلام ابن تيمية: وسئل بعض العلماء إذا لم يوجد من يولى القضاء إلا عالم فاسق أو جاهل دين فأيهما يقدم؟
فقال: إن كانت الحاجة إلى الدين أكثر لغلبة الفساد قدم الدين، وإن كانت الحاجة إلى العلم أكثر لخفاء الحكومات قدم العالم.
(1) قوله " ولا المفتي " وفي المغني " ثم المفتي ".
(2)
مجموع الفتاوى 28/ 259.