الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى اعتماد بعض المحدثين على الحفظ شفاهة، ورفضهم لكتابة السنة، ومقاومتهم لفكرة الكتابة بشدة باعتبار أن كل من يكتب السنة مبتدع وهذا أدى بدوره إلى ضياع السنة " (1).
(1) theology، jurisprudence and conditional theory pp. 76 - 77.
ثانيا: الادعاء أن المحدثين لم يعتنوا بمتون الأحاديث:
لقد ادعى بعض المستشرقين أن المحدثين لم يولوا متون الأحاديث أي عناية، مما أدى إلى تلفيق الحديث وتسرب الأساطير الوثنية وأساطير أهل الكتاب إلى السنة النبوية الشريفة، ومن أشهر هؤلاء المستشرقين فيليب حتى الذي أورد في مؤلفه " الإسلام والغرب " ما يلي: " يعتقد هؤلاء المسلمون أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع، وأنها وحي من الله كالقرآن تماما، ذلك على الرغم من احتواء السنة على متون منقولة عن مصادر غير إسلامية، بل إن معظم نصوص السنة مأخوذ عن أناجيل النصارى. . . ومن أمثلة ذلك الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر أن رجلا جاء لمحمد صلى الله عليه وسلم وسأله عن العفو عن المسيء فرد محمد صلى الله عليه وسلم قائلا: إن استطعت أن تعفو عنه سبعين مرة فافعل. ومما لا شك فيه أن هذا القول وارد في إنجيل متى (1). على لسان عيسى عليه السلام، وهناك حديث آخر عن جابر وفيه أن بركة محمد صلى الله عليه وسلم حلت على طعام جابر فأكل ألف رجل من وعاء واحد ولم ينقص ذلك مما في الوعاء شيئا. وهذه القصة مستوحاة أيضا من إنجيل متى (2)(3).
ويدعي المستشرق موريس سيل أن شراح الحديث الشريف كانوا لا يتورعون عن الأخذ عن النصارى عند تصديهم لشرح الأحاديث وتوضيح معانيها، ولقد أورد هذا الزعم في مؤلفه المسمى " الديانة الإسلامية " حيث جاء
(1) متى 18: 21، 22 من الكتاب المقدس 33 العهد الجديد.
(2)
متى: 15 - 28، 15: 30 - 38 من الكتاب المقدس 26 - 39 العهد الجديد.
(3)
انظر Islam and the west pp. 105 - 107.
فيه ما ترجمته كالآتي: " لقد نقل كثير من المفسرين وشراح الحديث النبوي أفكارهم عن أهل الكتاب دون تحر أو تمحيص عن مدى صحة ما يصل إليهم من أقوال الأمم السابقة، ومما يدل على ذلك ما فعله ابن حجر عندما فسر كلمة الآريسيين بالفلاحين، وهذا تفسير خاطئ وصله عن أمة النصارى، أما علماء اللاهوت فيعلمون تمام العلم أن كلمة الآريسيين مشتقة من كلمة آريوس وهو اسم لأحد الهراطقة والمبتدعة، ولقد انتشرت تلك الهرطقة بين النصارى في القرن الرابع الميلادي، حيث كون آريوس أنصارا تحالفوا معه ولقبوا بالآريسيين. ولقد حاربت. كنيسة الإسكندرية آريوس وفرقته إلى أن تم إخماد نشاط الآريسيين في القرن الخامس الميلادي. . . ولم يتوقف النقل عن أهل الكتاب عند حد شرح الحديث فقط، بل إن بعض أفعال عيسى وأقواله قد تسربت إلى سنة المسلمين ونسبت إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلة ذلك ما يدعيه المسلمون من أن نبيهم قد أعطى الشفاعة والمقام المحمود، ولكننا نعلم جميعا أن ذلك قد أخذ عن سفر أعمال الرسل حيث جاء فيه ما يلي: قال الرب للرب اجلس عن يميني فعندها يقضي عيسى بين الناس "(1).
ولقد زعم غيوم أيضا أن الإجماع عند المسلمين قد أدى إلى تلفيق السنة وضياعها حيث أورد في مؤلفه المسمى " الإسلام " ما يلي: " إن كثيرا من متون الأحاديث كانت قد اعتمدت من قبل المحدثين لعدم تعارضها مع ما توافقت عليه جماعة المسلمين. ومما يؤكد أن تلفيق الحديث كان شائعا قبل القرن الثاني الهجري، أن الاتهامات الخاصة بالوضع كانت منتشرة بين جماعات المسلمين المتصارعة. . . وعلى الرغم من أن كثيرا من المتون تشابه ما جاء عند اليهود والنصارى واليونان، إلا أن أحدا من المحدثين لم يجرؤ على ردها لأن الأمة كانت
(1) سفر أعمال الرسل 2: 34 من الكتاب المقدس 204 " العهد الجديد ".