الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كعب بن مالك تسعين قصيدة (1).، وإن من يروي تسعين قصيدة لشاعر واحد، لا بد وأن يحفظ ويروي الكثير لغيره من الشعراء.
وقد كان لزيد بن ثابت مجالس مع حافظي الشعر ورواته يتناشدون فيها الأشعار، وقد بقي رضي الله عنه محافظا على هذه المجالس حتى أواخر أيامه، قال محمد بن كثير بن أفلح: إن آخر مجلس جالسنا فيه زيد بن ثابت مجلس تناشدنا فيه الشعر (2). .
(1) تهذيب الآثار للطبري 4/ 14 بتحقيق ناصر بن سعد الرشيد
(2)
سنن البيهقي 10/ 240
(جـ)
اللغات الأجنبية:
كان زيد بن ثابت رضي الله عنه يحسن لغتين - على الأقل - إلى جانب لغته العربية، أما اللغة الأولى فهي السريانية، وهي اللغة التي يتحدث بها اليهود آنذاك، وقد تضافرت الأخبار على أنه كان يجيد هذه اللغة قراءة وكتابة، وأنه تعلمها بتوجيه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يقرأ لرسول الله الكتب التي ترده بهذه اللغة، وأنه يكتب له بها حين يريد أن يكتب بها. وإن كنا لا نعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجه كتابا معينا بهذه اللغة لأحد، ولا تحفظ لنا الآثار النبوية شيئا من هذا فيما نعلم.
وقد اختلف في الزمن الذي أمر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بتعلم السريانية، فقد ذكر الطبري في تاريخه في حوادث السنة الرابعة للهجرة فقال: وفي هذه السنة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب يهود، وقال لا آمن أن يبدلوا كتابي (1). .
ولكن روى الإمام أحمد في المسند وابن حجر في الإصابة ما يفيد أن
(1) تاريخ الطبري 2/ 561
الرسول صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية قبل هذا التاريخ، وأعادت هذه الرواية أن تعلمه يعود إلى مقدم الرسول من مكة إلى المدينة، فقد روى خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه زيد بن ثابت، قال: أتي بي النبي مقدمه المدينة - وفي رواية الإمام أحمد: «لما قدم الرسول المدينة - فقيل: هذا غلام من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه، فأعجبه ذلك، فقال: هل تحسن السريانية؟ قلت: لا، فقال: تعلم لغة يهود، فإني ما آمنهم على كتابي - ففعلت فما مضى لي نصف شهر - وفي رواية: سبعة عشر يوما - حتى حذقته، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له (1)» . .
فقوله في هذه الرواية: «أتي النبي مقدمه المدينة» تفيد فور مقدمه المدينة أو بعيد مقدمه إليها بقليل، وهذا هو الأرجح، والله أعلم.
وأما اللغة الثانية: فهي اللغة الفارسية، وقد عرفنا ذلك من رواية ساقها الطبري في تاريخه في سياق حديثه عن إسلام القائد الفارس الهرمزان، وخلاصة ذلك: أنه أتي عمر بن الخطاب بالهرمزان بعد أسره، فجعل عمر يحاوره، فطلب الهرمزان الأمان من عمر بن الخطاب حتى يشرب كأس ماء طلبها، فأعطاه عمر الأمان حتى يشربها، فألقاها الهرمزان فلم يشربها، وحصل على الأمان من عمر بالحيلة والمكر، وكان الترجمان بين عمر بن الخطاب والهرمزان - الذي يتكلم الفارسية - هو المغيرة بن شعبة إلى أن جاء الترجمان، وكان المغيرة يفقه شيئا من الفارسية، فقال عمر للمغيرة: قل له من أي أرض أنت؟ فقال المغيرة - مترجما: أز كدام أرضي، فقال: مهرجاني، فقال عمر: تكلم بحجتك يا هرمزان، فقال الهرمزان: كلام حي أو ميت؟ قال عمر: بل كلام حي، قال الهرمزان: قد أمنتني، قال عمر: خدعتني، إن للمخدوع في الحرب حكمه، لا الله لا أؤمنك حتى تسلم، فأيقن أنه القتل أو الإسلام، فأسلم، ففرض له عمر على ألفين، وأنزله المدينة، وقال للمغيرة: ما أراك حاذقا - أي
(1) الإصابة 2882 ومسند الإمام أحمد 5/ 182 و 186