المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كيفية الدعوة ومجالاتها - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الوصية الخامسة: حج بيت الله الحرام

- ‌ حكم تولية كل منهم القضاء

- ‌ المذهب الحنفي:

- ‌ المذهب المالكي:

- ‌ المذهب الشافعي:

- ‌ المذهب الحنبلي:

- ‌ أقوال فقهاء الإسلام فيما يحكم به كل منهم إذا تولى القضاء مجتهدا كان أم مقلدا

- ‌ المذهب الحنفي:

- ‌ المذهب المالكي:

- ‌ المذهب الشافعي:

- ‌ المذهب الحنبلي:

- ‌الخلاصة

- ‌ الدواعي إلى تدوين الراجح من أقوال الفقهاء وإلزام القضاة الحكم به

- ‌الثالث: بدء هذه الفكرة ووجودها قديما وحديثا:

- ‌التصرف في الكون

- ‌كيفية خلق الإنسان

- ‌أنتم خلفاء الله في أرضه

- ‌هل يقال عن الهواء ونحوه أنه طبيعي

- ‌شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌حكم من يسب الدين والسلام عليه

- ‌حكم الإسلام في بعض الأقوال

- ‌حكم ذبيحة من يسب الدين والأكل معه

- ‌حكم بعض الكلمات التي فيها سب الدين

- ‌حكم سب الذات الإلهية

- ‌حكم تمزيق المصحف

- ‌المكفرات التي تخرج من الإسلام

- ‌من كان أتقى لله فهو أفضل

- ‌أخذ الأجرة على تعليم القرآن

- ‌لا يكفي إطعام مسكين عشر مرات عن إطعام عشرة مساكين

- ‌يجب على المرأة التستر سواء كانت بدوية أو حضرية

- ‌حكم الاستماع للغناء

- ‌شرح حديث «استوصوا بالنساء خيرا

- ‌الحشرات التي يجوز قتلها

- ‌على المسلم أن يبلغ عن ربه وأن يؤدي الأمانة

- ‌لا يجوز للمسلم أن يخلو بالمرأة الأجنبيةسواء كانت خادمة أو غيرها

- ‌الزواج بنية الطلاق والفرق بينه وبين زواج المتعة

- ‌يجب منع المجلات التي عليها صور النساء

- ‌هل الذنوب تسبب محق البركة

- ‌الخاتمة

- ‌من منافع الحج وآدابه

- ‌الدعوة إلى اللهمكانتها وكيفيتها وثمراتها

- ‌تعريف الدعوة إلى الله

- ‌ أهمية الدعوة ومكانتها في الإسلام

- ‌ كيفية الدعوة ومجالاتها

- ‌الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية إلى الإسلام

- ‌ثمرة الدعوة إلى الله ونتائجها

- ‌مخطوطة "حجة التحذير فيالمنع من لبس الحرير

- ‌مقدمة

- ‌موضوع الرسالة

- ‌المؤلف

- ‌وصف النسخ:

- ‌التوثيق

- ‌منهج التحقيق:

- ‌الفقيه المفتيزيد بن ثابترضي الله عنه من مفتي الصحابة

- ‌ زيد بن ثابت:

- ‌ إسلامه:

- ‌ ذكاؤه:

- ‌ فكاهته:

- ‌ جهاده:

- ‌ علمه:

- ‌ الكتابة والخط:

- ‌ لغة العرب وشعرها:

- ‌ اللغات الأجنبية:

- ‌ القرآن الكريم:

- ‌ الحديث النبوي الشريف:

- ‌ القيافة:

- ‌ الفقه والفرائض:

- ‌ أحد الفقهاء الستة:

- ‌ إتقانه الفرائض مع الفقه:

- ‌ إتقانه القضاء مع الفقه:

- ‌ عمل أهل المدينة بقوله:

- ‌ سؤال الخلفاء إياه وعملهم بقوله:

- ‌ شواذه:

- ‌ إمتناعه عن الفتوى فيما لم يقع:

- ‌ منعه عن كتابة فتاواه:

- ‌ تأثره بفقه عمر بن الخطاب:

- ‌ حامل فقه زيد بن ثابت:

- ‌ الحساب:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ سيرته مع الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء:

- ‌ زيد مع الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌ زيد مع أبي بكر:

- ‌ زيد مع عمر بن الخطاب:

- ‌ زيد مع عثمان بن عفان:

- ‌ زيد مع علي بن أبي طالب:

- ‌ زيد مع مروان بن الحكم (أمير المدينة المنورة):

- ‌ وفاة زيد بن ثابت:

- ‌حياة ابن الجوزي

- ‌أسرته:

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه للعلم:

- ‌مذهبه:

- ‌أعماله:

- ‌منهجه في التفسير:

- ‌مصادره في التفسير:

- ‌مصادره في أسباب النزول:

- ‌مصادره النحوية واللغوية:

- ‌مصادره الفقهية:

- ‌أبرز سمات تفسير ابن الجوزي:

- ‌مواقفه من القراءات:

- ‌تفسير القرآن بالقرآن أو بالسنة:

- ‌أسباب النزول:

- ‌الأحكام الفقهية:

- ‌اللغة والنحو:

- ‌موقفه من الإسرائيليات:

- ‌ترجيحه بعض الآراء على بعض:

- ‌وفاة ابن الجوزي:

- ‌تأويل الصفاتفيكتب غريب الحديث

- ‌ قدم الله ورجله:

- ‌ أصابع الرحمن:

- ‌ ضحك الله تعالى:

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌ استعراض بعض افتراءات المستشرقين حولأساليب المحدثين في العناية بمتون الأحاديث

- ‌أولا: الادعاء أن النهي عن كتابة السنة أدى إلى ضياعها:

- ‌ثانيا: الادعاء أن المحدثين لم يعتنوا بمتون الأحاديث:

- ‌ثالثا: الادعاء أن الأحاديث الشريفة مليئة بالمتون المتعارضة:

- ‌ اختلاف الروايات حول تدوين الأحاديث وكيفية الجمع بينها

- ‌أولا: بعض الأحاديث والآثار الواردة في النهي عن كتابة السنة:

- ‌ثانيا: بعض الأحاديث والآثار الواردة في كتابة السنة:

- ‌ثالثا: توفيق العلماء بين اختلاف الروايات في شأن تدوين السنة:

- ‌ بعض الأسباب التي دفعت المحدثين للعناية بمتون الحديث

- ‌ بعض المناهج التي اتبعها المحدثون للعناية بمتون الأحاديث

- ‌ بعض النتائج التي ترتبت على عناية المحدثين بمتون الحديث

- ‌ أساليب المحدثين في تمحيص المتون المتعارضةوالمتون التي ظاهرها التعارض

- ‌أولا: المتون المتعارضة:

- ‌ تعريف الشاذ ومثاله وحكمه

- ‌ تعريف المنكر ومثاله وحكمه:

- ‌ تعريف المضطرب ومثاله وحكمه:

- ‌ تعريف المنسوخ ومثاله وحكمه:

- ‌ثانيا: المتون المتعارضة ظاهريا:

- ‌ الرد على افتراءات المستشرقين حول أساليب المحدثين في العناية بمتون الأحاديث

- ‌الخاتمة ونتائج البحث

- ‌الشهادة بالحق فيمهرجان الجهاد

- ‌من قرارات المجمع الفقهيالإسلامي بمكة المكرمة

- ‌القرار الثالثحول أوقات الصلوات والصيامفي البلاد ذات خطوط العرضالعالية الدرجات

- ‌القرار السادسحول العملة الورقية

- ‌من قرارات هيئة كبار العلماء

- ‌قرار رقم 10 بشأن الأوراق النقدية

- ‌وجهة نظر

- ‌بيان خطأ من جعل جدةميقاتا لحجاج الجو والبحر

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ كيفية الدعوة ومجالاتها

2 -

‌ كيفية الدعوة ومجالاتها

1 -

أما كيفية الدعوة فيجب على الداعية إلى الله أن يصلح نفسه أولا ومحيطه من أهل بيته وأقاربه، ثم يتجه إلى دعوة الناس. قال تعالى عن نبيه شعيب عليه السلام:{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} (1). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (2). وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (3) قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (3/ 158): أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى أن يقرأ باسم ربه الذي خلق. وذلك أول نبوته فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ. ثم أنزل عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (4){قُمْ فَأَنْذِرْ} (5) فنبأه بقوله: (اقرأ) وأرسله بقوله: (يا أيها المدثر) ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حولهم من العرب، ثم أنذر العرب قاطبة، ثم أنذر العالمين. انتهى. ومن هنا نعلم أن الدعاة الذين يتجاوزون بلادهم ومن حولهم، بل يتجاوزون أهل بيوتهم وأقاربهم، وهم على الشرك والكفر أو المعاصي، ويذهبون في محيط بعيد عنهم أنهم مخالفون لهدي النبوة في الدعوة.

وعلى الداعية أن يبدأ بالأمور المهمة، فيبدأ أولا بإصلاح العقيدة؛ لأنها هي الأساس الذي تنبني عليه سائر الأعمال، فالأعمال مهما بلغت إذا لم تكن مبنية على عقيدة صحيحة سليمة من الشرك فإنها لا قيمة لها ولا فائدة منها، قال تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (6) ومن هنا كانت دعوات الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - أول ما تتجه إلى إصلاح العقيدة بالدعوة إلى التوحيد وترك الشرك.

(1) سورة هود الآية 88

(2)

سورة التحريم الآية 6

(3)

سورة الشعراء الآية 214

(4)

سورة المدثر الآية 1

(5)

سورة المدثر الآية 2

(6)

سورة الزمر الآية 65

ص: 157

قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1) وكل نبي يقول لقومه أول ما يدعوهم: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (2) وهكذا كانت دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد لبث ثلاث عشرة سنة في مكة قبل الهجرة يدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك، قبل أن يأمرهم بصلاة أو زكاة أو صيام أو حج، مما يدل على أن منهج الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في الدعوة منهج واحد، وهو البداءة بالدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك، ثم إلى بقية الأحكام، وحتى لو كان المجتمع إسلاميا فإنه لا يخلو من وجود أنواع من الشرك في بعض الناس وبعض البلاد، بسبب الجهل وبسبب انتشار المشعوذين والدجالين الذين يحاولون إفساد عقائد الناس، وفي مجتمعنا المعاصر كما تعلمون الكثير والكثير من أنواع الشرك الأكبر المتمثل بعبادة الأضرحة في كثير من البلاد الإسلامية، ولم يتجه إلى إنكاره إلا قليل من الدعاة على كثرتهم، وهذا خلل عظيم في منهج الدعوة.

ثم على الدعاة كذلك أن يهتموا بإنكار البدع المحدثة في العبادات، وبتعليم الناس السنن الصحيحة - لأن البدع من أعظم ما يفسد الدين بعد الشرك - فالمبتدع يشرع في الدين ما لم يأذن به الله، والبدع كلها مرفوضة مردودة على أصحابها مهما أتعبوا أنفسهم وأنفقوا أموالهم وضيعوا أوقاتهم في إقامتها، قال صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» وقال: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (4)» فعلى الدعاة أن يهتموا بدعوة الناس إلى إحياء السنن وترك البدع وإماتتها - فهذا من أعظم مجالات الدعوة.

ثم بعد ذلك يتجه الدعاة إلى الدعوة إلى أداء الفرائض وترك المعاصي

(1) سورة النحل الآية 36

(2)

سورة النساء الآية 36

(3)

متفق عليه - رياض الصالحين ص437.

(4)

سنن الترمذي العلم (2676)، سنن الدارمي المقدمة (95).

ص: 158

والمحرمات وتصحيح المعاملات؛ لأن المعاصي سبب لهلاك العباد والبلاد قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (1) ووجود الدعاة والمصلحين أمان من العذاب والهلاك قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (2) وعدم وجود الدعاة والمصلحين سبب الهلاك.

وعلى الدعاة أن يراعوا أحوال المدعوين، فالجاهل له معاملة في الدعوة والعالم له معاملة والمعاند له معاملة، فيعاملوا كلا بما يليق به، قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (3) وذلك أن المدعو له حالات يعامل في كل حالة بما يناسبها: الحالة الأولى: أن يكون جاهلا بالحق ولو بين له لأخذ به، فهذا يدعى بالحكمة واللين واللطف والرأفة. الحالة الثانية: من إذا بين له الحق لم يسرع لقبوله والعمل به، بل يكون عنده كسل وفتور، فهذا يحتاج مع البيان إلى موعظة بأن يخوف ويبين له ثواب المطيعين وعقاب العاصين. الحالة الثالثة: من إذا بين له الحق لم يقبله، وحاول رده بالشبهات، فهذا يجادل بالتي هي أحسن لكشف شبهاته وبيان خطئه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (2/ 45): الناس ثلاثة أقسام: إما أن يعترف بالحق ويتبعه فهذا صاحب الحكمة. وإما أن يعترف به لكن لا يعمل به، فهذا يوعظ حتى يعمل. وإما ألا يعترف به فهذا يجادل بالتي هي أحسن؛ لأن الجدال في مظنة الإغضاب فإذا كان بالتي هي أحسن حصلت منفعته بغاية الإمكان كدفع الصائل. . انتهى. وقال الإمام ابن القيم في مفتاح دار السعادة: جعل الله مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق، فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعى بطريق الحكمة - والقابل الذي عنده نوع غفلة وتأخر يدعى بالموعظة

(1) سورة الروم الآية 41

(2)

سورة هود الآية 117

(3)

سورة النحل الآية 125

ص: 159

الحسنة - وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب - والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن. انتهى. وهذا لأن الداعية كالطبيب يراعي حالة المريض في علاجه له.

2 -

وأما مجالات الدعوة فهي كثيرة يجب أن تستغل كلها وتشغل بالدعوة إلى الله، منها:

1 -

مجال التعليم سواء كان على نظام الحلق في المساجد أو على نظام الفصول الدراسية، فالمدرس يجب أن يكون داعية إلى الله بالقول والعمل والقدوة الحسنة، ولا يقتصر عمله على إلقاء درسه فقط، فإن الطالب يتأثر بمدرسه ويقبل منه، ويقتدي به أكثر من غيره، فليستغل المدرسون هذا الانقياد من طلابهم فيقودوهم إلى الخير، ويذودوهم عن الشر.

2 -

إمامة المسجد وخطبة الجمعة، وهما مجال واسع ومتكرر يوميا وأسبوعيا يستطيع من خلاله الإمام والخطيب أن يوجه وينبه وأن يدعو إلى الله على بصيرة، وكان غالب تعليمات الرسول صلى الله عليه وسلم توجه إلى الناس بعد الصلوات وفي خطب الجمعة، فلو استغل هذا المجال استغلالا حسنا لأثمر خيرا؛ لأن الناس يجتمعون في بيت من بيوت الله بقلوب مؤمنة متطلعة إلى التوجيه والتعليم، ومن هنا يجب أن يكون الإمام والخطيب على مستوى طيب من العلم والرغبة في الدعوة والتوجيه؛ لينفع الله به، فيجب أن يختار للإمامة من هو على هذا المستوى.

3 -

موسم الحج - هذا الموسم العظيم الذي يجتمع فيه المسلمون من جميع أقطار الأرض في مكان واحد مما يوفر على الدعاة كثيرا من عناء السفر إلى مشارق الأرض ومغاربها، ويتيح لهم الفرصة أن يلتقوا بأكبر عدد ممكن من المدعوين، ولا شك أن الحجاج يتقبلون التوجيه أكثر من غيرهم، لأنهم جاءوا بقلوب مؤمنة متطلعة إلى الخير والتوجيه الحسن، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى الحجاج في منازلهم فيعرض دعوته عليهم، وكان يلقي خطبه في عرفات وأيام التشريق.

ص: 160

4 -

في الدوائر الحكومية والأعمال الوظيفية، فيجب على رئيس الدائرة والمصلحة الحكومية أن يسهم في الدعوة في محيط منسوبيه، بأن يوجه من يحتاج إلى توجيه في دينه، ويتفقدهم عند حضور الصلاة، ويناقش من يتخلف منهم، فليس هو مسئولا عنهم في الأعمال الوظيفية فقط، بل هو مسئول عنهم من الناحية الدينية في الدرجة الأولى. قال صلى الله عليه وسلم:«كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته (1)» ، وكذلك الموظف مع زملائه، ومع رئيسه يجب عليه أن يقوم بالمناصحة والدعوة. قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (2)» .

وهذا نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام لما دخل السجن صار يدعو السجناء إلى الله عز وجل ويقول: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهََّّارُ} (3){مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (4).

وهكذا المؤمن في كل مجال يجب أن يدعو إلى الله كلما سنحت فرصة وحصلت مناسبة.

5 -

في أمكنة التجمعات العامة، فيجب على الداعية أن يغشى التجمعات العامة في المساجد والمدارس ومدرجات الجامعات والنوادي وتجمعات الأسواق بالدعوة إلى الله من خلال هذه التجمعات.

6 -

من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة - فيجب على الداعية أن يسهم في البرامج الدينية في الإذاعة، ويكتب في الصحف والمجلات الهادفة؛ لأن هذه الوسائل تغزو كل مكان، وتدخل كل بيت وتصاحب المسافر والسائر في الطريق، فيجب أن تحمل الدعوة إلى الله والتوجيه

(1) صحيح البخاري الجمعة (893)، صحيح مسلم الإمارة (1829)، سنن الترمذي الجهاد (1705)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2928)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 121).

(2)

رواه مسلم

(3)

سورة يوسف الآية 39

(4)

سورة يوسف الآية 40

ص: 161