الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير إسراف ولا مخيلة (1)».
ومن الصور القاتمة لهذا الداء - الدخيل على المجتمع - أننا نجد من يصرف بسخاء المبالغ الطائلة في اقتناء فرش الحرير. وهي مما يحرم على المسلم الجلوس عليه أو استعماله بنص السنة، يقول حذيفة رضي الله عنه:«نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه (2)» .
وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: لأن أقعد على جمر الغضا أحب إلي من أن أقعد على مجلس حرير (3).
ونجد أيضا من الناس من يجتهد في تغطية جدران بيته بالأقمشة الفاخرة، ويتفنن في اجتلاب أجمل (الموديلات) دون أن يعبأ بإنكار النبي صلى الله عليه وسلم وقوله:«إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن (4)» !!. إلى غير ذلك من النماذج المتخمة بالعلو والاستكبار، والتي نتمنى أن تزول سريعا من بيننا، ويعود الناس إلى هدي الكتاب والسنة، يستمتعوا بنفحاتهما، ويحققوا شكر الله على نعمه التي لا تنقطع.
(1) أخرجه النسائي في المجتبى 5/ 79، وابن ماجه في السنن رقم 3650، وأحمد في المسند 2/ 181، 182، والبخاري في الصحيح معلقا 10/ 252.
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح رقم 5837.
(3)
أخرجه ابن وهب في الجامع كما في فتح الباري 10/ 292.
(4)
أخرجه مسلم في الصحيح رقم 2107، وأبو داود في السنن رقم 4153، والترمذي في الجامع رقم 2806، وابن ماجه في السنن رقم 3649.
موضوع الرسالة
يهتم أئمة الدعوة اهتماما شديدا بكل ما يتعلق بشئون مجتمعهم، ويحرصون دائما على تواجد مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياتهم، ولا يفرطون أبدا في تطبيقه متى تطلبت الأمور ذلك.
ولما بدأت بعض الملابس المصنوعة من القز، أو التي يدخل القز في صناعتها تغزو ديارهم، وتنتشر فيما بين الناس أيام حكم الإمام عبد العزيز بن محمد بن
سعود (ت 1218) وعلموا ما تعنيه كلمة القز، أنكروا ما وسعهم الإنكار، وكتب أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر (ت 1225) الرسالة التالية:
علامة القزية مغفول عنها مدة طويلة، وسبب الغفلة عدم استحضارنا أنها حرير، وأنها مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم تبين لنا أنها حرير، ونبيكم أخبر أن لبس الحرير حرام على الرجال. . . إلى آخر الرسالة.
وقام الإمام عبد العزيز رحمه الله ببعثها إلى أنحاء البلاد، وكتب معها ما يلي: هذا كتاب آل الشيخ، تشرفون على ما فيه من الأدلة التي لا تنكر، في مسألة العلامة التي تجعل في العبي وغيرها من الحرير. فيكون عندكم معلوما أن إخوانكم من أهل الدرعية عملوا على ما في الورقة، فأنتم اعملوا على مثل ما عملوا، ومن وجد دليلا يخالف ما فيها فالحق مقبول متبوع، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل (1).!!
واستمر التواصل بين العلماء والقادة وأفراد المجتمع على هذا المنوال، مترسمين خطا إمام الدعوة ومن سبقه من أئمة الهداية والصلاح.
ورسالتنا التي نسعد بالتقديم لها، تعالج أمرا يشبه تماما ما وقع في صدر الدعوة، حيث أخذت المحارم المسماة أخضر قز تنتشر بين الناس، دون أن يشعروا بما تنطوي عليه من مخالفة، مما دفع الشيخ عبد الرحمن إلى كتابة هذه الرسالة.
وقد استهلها بذكر جملة من الأدلة على تحريم استعمال الحرير على الرجال، بوجه عام.
ثم ناقش قول من قال بحرمته على الرجال والنساء معا، ومن قال بإباحته للجميع، وردهما ردا مبنيا على الدليل، وأورد بعد ذلك الخلاف في مقدار ما يحل استعماله بالنسبة للرجال.
واختار التحريم سواء وجد الحرير منفردا أو مختلطا إلا ما استثناه الشارع،
(1) الدرر السنية في الأجوبة النجدية 3/ 115 - 117.