الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولا: بعض الأحاديث والآثار الواردة في النهي عن كتابة السنة:
لقد أخرج الأمام مسلم بسنده من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي - قال همام أحسبه قال - متعمدا - فليتبوأ مقعده من النار (1)» .
وأخرج الإمام الترمذي بسنده من حديث أبي سعيد الخدري قال: «استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب فلم يأذن لنا (2)» .
وأخرج الإمام أبو داود بسنده من حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث؟ فأمر إنسانا يكتبه فقال له زيد: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ألا نكتب شيئا من حديثه فمحاه (3)» ومن حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: " ما كنا نكتب غير التشهد والقرآن "(4).
وأخرج الأمام أحمد بن حنبل بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فخرج علينا فقال: ما هذا تكتبون؟ فقلنا نسمع منك، فقال: أكتاب مع كتاب الله؟ فقلنا ما نسمع، فقال: اكتبوا كتاب الله امحضوا كتاب الله، أكتاب غير كتاب الله، امحضوا كتاب الله وأخلصوه، قال: فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد ثم أحرقناه بالنار. قلنا: أي رسول الله أنتحدث عنك. قال: نعم تحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. قال: فقلنا يا رسول الله أنتحدث
(1) صحيح مسلم الزهد والرقائق (3004)، سنن الدارمي المقدمة (450).
(2)
أخرجه الترمذي في أبواب العلم، باب ما جاء في كتابة العلم 2/ 1134 (من عارضة الأحوذي).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب 5/ 246، 247 حديث رقم 3500.
(4)
أخرجه الإمام أبو دواد في كتاب العلم، باب رواية حديث أهل الكتاب 5/ 248، حديث رقم 3501.
عن بني إسرائيل؟ قال: نعم تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنكم لا تحدثون عنهم بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه (1)».
أما هذه الأحاديث الواردة في شأن التحدث عن بني إسرائيل وفيها الحديث الذي أورده السيوطي في مؤلفه تحذير الخواص من أكاذيب القصاص ونصه: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدثوا عني ولا تكذبوا علي (2)» ، فلا تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث على الأخذ عن بني إسرائيل وإنما معناه كما جاء في تحذير الخواص للسيوطي، كما يلي:" أن الحديث عن بني إسرائيل إذا حدثت به فأديته على ما سمعته حقا كان أو غير حق، لم يكن عليك حرج، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يحدث به إلا عن ثقة "(3) ويفهم من كلام السيوطي أن التحديث عن بني إسرائيل لا قيمة له ولا حرج على من صدق أو كذب فيه.
ولقد أورد الخطيب البغدادي عن السلف الصالح في كراهة تدوين السنة ما يلي: عن أبي نضرة قال: قلنا لأبي سعيد: لو كتبتم لنا فإنا لا نحفظ، قال: لا نكتبكم ولا نجعلها مصاحف، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا فنحفظ، فاحفظوا عنا كما كنا نحفظ عن نبيكم. . . إن ابن مسعود كره كتاب العلم. . . عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال: كنا نسمع الشيء فنكتبه ففطن لنا عبد الله، فدعا أم ولده، ودعا بالكتاب وبإجانة من ماء فغسله ".
أورد الدارمي أيضا أن عبد الله بن مسعود إنما كان يمحو ما كتبه أناس معينون خشية أن يغتروا بما كتبوا ويفتنوا به كما فعل أهل الكتاب فقد جاء
(1) مسند أحمد بن حنبل 3/ 12، 13.
(2)
مسند أحمد بن حنبل (3/ 46).
(3)
عن تحذير الخواص من أكاذيب القصاص: 72، 73.
في سنن الدارمي ما يلي: " بلغ ابن مسعود أن عند ناس كتابا يعجبون به، فلم يزل بهم حتى أتوه به فمحاه، ثم قال: إنما هلك أهل الكتاب قبلكم أنهم أقبلوا على كتب علمائهم وتركوا كتاب ربهم "(1).
ولقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خشي خلط الكتاب والسنة بما جاء عند أهل الكتاب. فلقد أورد الخطيب في هذا الشأن ما يلي: " أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له، فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا، فأكبوا عليها، وتركوا كتاب الله تعالى، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا. . . «عن خالد بن عرفطة قال: كنت جالسا عند عمر، إذ أتى برجل من عبد القيس، مسكنه بالسوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم، قال: وأنت النازل بالسوس؟ قال: نعم، فضربه بقناة معه، فقال الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر: اجلس، فجلس فقرأ عليه: بسم الله الرحمن الرحيم. . . . إلى:. فقرأها عليه ثلاثا، وضربه ثلاثا، فقال له الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال (6)؟ قال: مرني بأمر أتبعه، قال: انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس، لأنهكتك عقوبة، ثم قال له: اجلس، فجلس بين
(1) أخرجه الدارمي في سنن كتاب العلم باب من لم ير كتابة الحديث 1/ 100.
(2)
تقييد العلم: 50، 51.
(3)
سورة يوسف الآية 1 (2){الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}
(4)
سورة يوسف الآية 2 (3){إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}
(5)
سورة يوسف الآية 3 (4){نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}
(6)
سورة يوسف الآية 3 (5){لَمِنَ الْغَافِلِينَ}