الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
أساليب المحدثين في تمحيص المتون المتعارضة
والمتون التي ظاهرها التعارض
أولا: المتون المتعارضة:
إنه لمن المعروف لدى علماء المصطلح أن معظم الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة التي جمعها المحدثون محكمة في مجملها. والمحكم في اصطلاح المحدثين هو: " الحديث المقبول الذي سلم من معارضة مثله له "(1).
أما الأحاديث المتعارضة فهي محدودة العدد، وليست هي الغالبة على السنة كما ادعى بعض المستشرقين. ولقد قسم علماء المصطلح الأحاديث المتعارضة إلى ما يلي:
أ - الحديث الشاذ، ويقابله الحديث المحفوظ.
ب - الحديث المنكر، ويقابله الحديث المعروف.
جـ - الحديث المضطرب.
د - الحديث المنسوخ، ويقابله الحديث الناسخ.
(1) مصطلح الحديث وأثره على الدرس اللغوي عند العرب: 217.
أ -
تعريف الشاذ ومثاله وحكمه
لقد سبق أن أوردنا تعريف جمال الدين القاسمي للحديث الشاذ في اصطلاح المحدثين، ويزيد ذلك التعريف وضوحا ما جاء في الباعث الحثيث لابن كثير، حيث أورد المؤلف بعض آراء العلماء في الشاذ فيما يلي: قال الشافعي: هو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس، وليس من ذلك أن يروي ما لم يروه غيره. . . وقال الحاكم النيسابوري: هو الذي يتفرد به الثقة وليس له متابع. . . (1) فإن الذي قاله الشافعي أولا هو الصواب: إنه إذا روى الثقة
(1) الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث: 55.
شيئا قد خالف فيه الناس فهو الشاذ، يعني المردود وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يروه غيره، بل هو مقبول إذا كان عدلا ضابطا حافظا " (1).
وعرف ابن القيم الشاذ بما يلي: " وإنما الشذوذ أن يخالف الثقات فيما رووه. فأما إذا روى الثقة حديثا منفردا به ولم يرو الثقات خلافه، فإن ذلك لا يسمى شاذا "(2).
ومن أمثلة الحديث الشاذ ما يلي: " ما رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن أبي هريرة مرفوعا: «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه (3)». قال البيهقي خالف عبد الواحد العدد الكثير في هذا، فإن الناس إنما رووه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله. وانفرد عبد الواحد من بين ثقات أصحاب الأعمش بهذا اللفظ "(4).
أما الحديث المحفوظ فهو عكس الشاذ، وفي المثال السابق يكون المحفوظ هو ما رواه الجماعة من «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع عن يمينه بعد ركعتي الفجر (5)». والحديث وارد في الكتب الصحيحة منها ما أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة (6)» .
أما حكم الحديث الشاذ فهو الرد لمخالفته للحديث المحفوظ الذي يقبله علماء المصطلح.
(1) الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث: 55.
(2)
إغاثة اللهفان: 160.
(3)
سنن الترمذي الصلاة (420)، سنن أبو داود الصلاة (1261)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1199).
(4)
علوم الحديث ومصطلحه: 200 - 201.
(5)
صحيح البخاري الجمعة (1160)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1198)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 49).
(6)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من انتظر الإقامة 2/ 109 (من صحيح البخاري بشرحه فتح الباري).